الأقباط متحدون | وما زال الأقباط يتسولون حقوقهم
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٢:٥١ | الاربعاء ١ سبتمبر ٢٠١٠ | ٢٦ مسري ١٧٢٦ ش | العدد ٢١٣٢ السنة الخامسة
الأرشيف
شريط الأخبار

وما زال الأقباط يتسولون حقوقهم

الاربعاء ١ سبتمبر ٢٠١٠ - ٤٢: ٠٣ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. نجيب جبرائيل
لعلنى اخترت كلمات شديدة فى عنوان هذا المقال، فلم أختر مثلاً عبارة يطالبون، أو يلتمسون، أو يترجون؛ لأن الواقع الفعلى أثبت- ويثبت كل حين- أننا نلهث وراء المسئولين للإستجابة لحق مشروع ومقرر بموجب الدستور والقانون، ولكن دعنا نتكلم بصراحة من الذى قبل بذلك، من الذى دفع إلى ذلك.
 سوف أسرد بعض الأمثلة من الواقع العملى المرير الذى وصل بنا الحال فيه، ولا أبالغ القول إلى وقوف ليس كهنة فقط بل أساقفة  يطرقون أبواب مسئولين كبار-  سواء سياسيين أو أمنيين- وينتظرون الساعات تلو الساعات؛ حتى يُسمح لهم بمقابلة مسئول أو حتى ضابط مباحث، أو ضابط صغير من أمن الدولة.  بل وصل الحال بهم أنه رغم أنك صاحب حق  فيمكن أن تكون المقابلة  بين الكاهن أو الأسقف وهذا المسئول، تتخللها عبارات اللوم أو التوبيخ. وعلى سبيل المثال حينما يتصل الأسقف بمسئول  للإستعلام عن فتاة اختفت، أو عندما يقابل كاهن المنطقة مسئولاً أمنيًا فى حالة اختطاف أو اختفاء فتاة يسمع  ما لا يسره. ومن ضمن تلك العبارات التى يقولها الضباط المهزبون! والتى تتلخص فى جملة واحدة "بدلاً ما تسألوا عنها، روحوا ربوا بناتكم". وهكذا نتذلل، وهكذا تُخفض الرؤوس.

 وإذا كان هناك قدرًا كبير من الصحة فى كلام هذا الضابط أو ذلك المسئول، ولكن أيضا ما يطالب به الأسقف أو الكاهن هو حق مشروع، كفله القانون والدستور لمعرفة مصير مواطن أو مواطنة  اختفت أو اُختطفت. وهذا من اختصاص الجهاز الأمنى. ولكن يبدو أننا سمحنا لأنفسنا أن نقبل عبارات المزلة والمهانة, وفى بعض الأحيان للأسف كثير من رجال الدين يجهل أو لا تكون له دراية كاملة بالقوانين التى يتعاملون بها مع رجال الأمن فى مثل هذه الحالات. فعلى سبيل المثال، هناك قرارًا وزاريًا صادرًا من وزير الداخلية عام 1987، ومُرسَل من مساعد الوزير لقطاع أمن الدولة، يُلزم فيه مديرى الأمن على مستوى الجمهورية، وعلى مسئوليته الشخصية، بتسليم القاصر إلى ذويها عند تقدمها لإشهار الإسلام،  وللأسف؛ فإن هذا القرار لا يتم تفعيله إلا عند المطالبة به، والتمسك والإصرار عليه. وهنا لا يمكن أن نكون فى وضع التسول، أو الإلتماس، إنما نكون فى وضع المطالبة بالحق وتنفيذ القانون.

وقد يكون هناك خلط فى مفهوم سن القاصر عند إشهار الإسلام  فى الشريعة الإسلامية، وقانون  سن الرشد، الذى يبدأ من 21 سنة. ولكن قانون الطفل الذى صدر أخيرًا اعتبر انتهاء الطفولة عند ثمانية عشر عامًا، ومن ثم فمن هم دون ذلك يعتبرون قُصّر، ولا يُقبل إشهار إسلامهم.
وهذه بعض المعلومات البسيطة التى يمكن أن تساعد الآباء والأساقفة والمسئولين على هذه الخدمة، باعتبار أن ما يطالبون به هى حقوق وليست منح. وفى  ذات الوقت لا يمكن أن ننكر أن هناك مسئولية كبرى على الأم والأب الذى تسبّب فقدان العاطفة، والصلة، والثقة بين الآباء والأبناء فى حالات إشها ر الإسلام العديدة. وهذا موضوع آخر سوف نفرد له مقالاً آخر.
نحن فى ظل ألا نقبل أبدًا أن ما نطالب به من حقوق يكون فى شحاذة أو تسول، وهو ما أُصر عليه.
الأمر الثانى: وهو ما يظهر بجلاء- إنه لايمكن أن نقبل أن نستجدى حقًا مكفولاً لنا بالقانون والدستور. وهذا ما يحدث عندما لا توجد كنيسة قريبة من أهالى القرية؛ فيضطرون للصلاة فى منزل أو جمعية، أو عقب لقاءات مدارس الأحد فى تلك الجمعية، فيخشون المسيحيين فيهرع الكاهن إلى مباحث أمن الدولة طالبًا حمايته عند الصلاة، أو إذنه حتى يتعلم الصغار دروس الأحد، كما لو كانت العلاقة بين الإنسان وربه، تحتاج إلى إذن من البشر، وهذا المسئول الأمنى.

وتحضرنى واقعة غريبة الأسبوع قبل الماضى فى احدى قرى مركز الصف محافظة "حلوان"، ويؤيدنى فيها أبونا القس  "عزرا"، هذا الرجل الشجاع، عندما اتصل بى، وبعض أهالى القرية، طالبين مساعدتى فى استمرار تمكين أهالى القرية من تعليم أبنائهم دروس  مدارس الأحد فى أحد المنازل، حيث لا توجد كنيسة قريبة، قمت بالإتصال بضابط  مباحث أمن الدولة بالمنطقة- ليس رجاءًا أو تسولاً، أو إستجداءًا، وإنما للإستعلام فقط عن سبب منع الأطفال من تلقيهم دروس الأحد فى هذا المنزل، فقال لى:"أنا ما منعتش بس استنى شوية علشان الظروف غير ملائمة دلوقتى"..وهذا هو أسلوبهم المتبع، وقلت له شكرًا، وقلت لأبونا "عزرا" ولأهالى القرية : "افتحوا البيت علشان عيالكم تأخذ دروس الأحد، ولا يستطيع أحد أن يمنعكم؛ لأن هذا هو حق لكم." وبالفعل تم ما قلته لهم، ولم يتسول أحد، ولم نلتمس، ولم نستجدى.

وهكذا هنا حالات كثيرة تمت الموافقة فيها من قبل الوحدات المحلية، وحصل الآباء الكهنة على رخص بالبناء، أو الترميم، أو الإحلال، أو التجديد للكنائس من الجهات المختصة، طبقًا للقانون. وأصبح بالتالى حق الكاهن أن يبنى أو يستكمل البناء،  ولكن الخوف ينتاب الآباء، ويبدأون رحلة الخوف والتسول للجهاز الأمنى بغية اعطاء البركة أو ترخيص للترخيص. وهنا يكون الخطأ، والخطأ الجسيم الذى يقع فيه الأسقف عندما يلهث وراء هذا الضابط أو ذاك؛ إبتغاءً ترخيص الترخيص؛ لأن الأمر لا يحتاج مطلقًا إلى ذلك، إنه بترخيص الجهة المختصة، وهى الحى أو مجلس المدينة، اكتسب الحق مشروعيته، فلا نحتاج أبدًا إلى الذهاب إلى فلان أو علان. ولو أن كل  مسئول فى الكنيسة، ولو لمرة واحدة، طبّق القانون بما لديه  من مستندات وأوراق، دون حاجة إلى اللجؤ إلى الجهاز الأمنى، فلن تكون هناك حاجة لتسولنا إلى الأمن.
 وربما يتساءل البعض، ويقول: إن لجؤ الكاهن إلى الجهة الأمنية، هو تفضيله للعمل السلمى، ولكننى أقول له: إن تصرفك هذا هو تفضيل للحل الإستسلامى، بعد عجزك عن فهم القانون، وعزفك عما لديك من مستندات تثبت حقك. وأيضا عن  كل من حصل على امتياز أو جيد جيد فى معهد أو كلية، وشعر بتخطيه وتعيين بدلاً منه على أساس الهوية الدينية أو بسبب آخر غير قانونى، عليه بعد أن يسلك الطرق القانونية، أن يعتصم ويحتج داخل حرم الجامعة، مصرًا على حقه.

وهذا ما فعلناه مع الدكتورة "نرمين المراغى" عندما امتنع، ووضع العقد الكثيرة أمامها أحد أساتذه اللجنة المشكلة لمناقشة رسالة الدكتوراة فى كلية الطب بجامعة "قناة السويس"، ودعاها صراحة إلى الإسلام حتى بات التأخير فى مناقشة رسالتها أن عرّضها للنقل إلى وظيفة إدارية. وإزاء إصرارها على حقها، ذهبنا معها، وتقابلنا مع الرجل الفاضل الأستاذ الدكتور  "محمد الزغبى"- رئيس  جامعة قناة السويس- والذى تفهّم الموقف، وأن ما تطالب به الدكتورة "نرمين" هو حق مشروع، الأمر الذى أدى إلى صدور أمر منه باستبعاد هذا الدكتور من اللجنة، وتعيين آخر، وتمت مناقشة الرسالة، وحصلت "نرمين المراغى" على الدكتوراة بامتياز، وذهبت ووفد من المنظمة، وقد تم الشكر الجزيل لرئيس الجامعة.
 وهكذا أنهى مقالى، بأن صاحب الحق لا يمكن أن يقبله فى صورة تسول، أو رجاء، أو استجداء.
 ونذكّركم بقول الشاعر العربى:
     وما نيل المطالب بالتمنى...ولكن تُؤخَذ الدنيا غلابا




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :