"كل سنة وأنتم طيبين"..أتظلمت من المصريين
بقلم: مادلين نادر
إذا فكّرت فى النزول إلى الشارع بعد موعد الإفطار بساعة أو ساعتين، فإنك لن تكون فى حالة جيدة؛ حيث ستشعر وكأن الجميع نزلوا فى الشوارع فى موعد واحد. فالزحام شديد، وضوضاء، وباعة جائلين هنا وهناك، وبائعين افترشوا الأرصفة والشوارع دون رقيب...وحالة من الفوضى تجتاج شوارعنا. فالجميع نزلوا إلى الشارع لشراء ملابس العيد لهم ولأبنائهم، أو لشراء بعض الأطعمة، أو للخروج وفقط من المنزل، أو بسبب إنقطاع الكهرباء فى منازلهم، فقرروا التواجد فى الشوارع المضيئة فى الهواء الطلق، بدلاً من الإختناق داخل منازلهم بدون مراوح...
ووسط كل هذا الزحام فى أحد الشوارع الرئيسية بمدينة "حلوان"، وجدت أحد عمّال النظافة يقف فى وسط الشارع، فى الطريق الذى تسير فيه السيارات والمارة أيضاً، وكان غريبًا أن يكون عامل النظافة متواجدًا فى الشارع فى هذا الوقت المتاخر، فلقد كانت الساعة الحادية عشر مساءًا. وحينما ظللت أتابع هذا الرجل، وجدته واقف فى الشارع ممسكًا بيده مكنسة كبيرة، ولكن دون أن يفعل بها شيئًا، وكان يلاحظ المارة والسيارات. وحينما كنت أسير بجواره، فهمت سبب نزوله للشارع فى هذا الوقت بملابس وأدوات العمل، فهو يتحدث للمارة ويقول: "كل سنة وأنتم طيبين..ربنا يعيد عليكم الأيام بخير". وأعتقد أن السبب أصبح واضحًا، خاصةً وأن عمال النظافة قليلاً ما نشاهدهم بالشارع، حتى فى أوقات النهار، أو بمعنى آخر فى أوقات العمل الرسمية!!!
ولكنى بعدما اندهشت من موقف هذا العامل، واستنكرت تصرفه، وجدت أن الغلاء المبالغ فيه قد يكون أحد الأسباب التى تدفع رجلًا عجوزًا مثل هذا العامل لأن يفعل ذلك..فالأسعار أصبحت مرتفعة جدًا، وتشهد زيادات مبالغ فيها دون أسباب حقيقية لرفع الأسعار.
وهذا ليس مجرد كلام مرسل، فالغرفة التجارية قامت باجراء دراسة جديدة مؤخرًا، رصدت فيها إرتفاع الأسعار خلال ٣ سنوات التى تجاوزت ثلث القيمة الحقيقية للأسعار، ومنها الأرز الذى بلغت نسبة الزيادة فى أسعاره الـ ٣٤%، والفول ٢٢%، والعدس ٣٣%، والزيت ٣٢%، واللحم الكندوز نسبة ٣٨%، والضأن ٣٧%، والدواجن الحية البيضاء نسبة ٣٩%. أما الفواكه فرصدت الدراسة الزيادة فى أسعار العنب بـ ٦٦%، والموز ٤٥%. فضلاً عن منتجات ياميش رمضان التى بلغت نسبة الزيادة فيها ٤٤%، كما حدث فى أسعار الزبيب...الخ من ارتفاع الأسعار الذى أصبح بشكل سريع، وبمعدلات كبيرة...
إن هذا العامل، مجرد أحد المواطنين المطحونين بسبب الغلاء. وهناك الكثيرين غيره، الذين يحاولون أن يواجهوا الغلاء بأى طريقة، حتى إننى فى الشهر الماضى كنت أشاهد بشكل شبه يومى بعض السيدات يطلبن من البائعين صدقة، سواء كانت ثمرة فاكهة، أو خضروات، أو رغيف عيش..وفى كل مرة يسبق طلبهم هذا الكلمة التى أصبحت سيئة السمعة، رغم إنها جملة نقولها لبعض فى الأعياد والمناسبات، ألا وهى "كل سنة وأنتم طيبين".
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :