بقلم: هند مختار
أعلنت وسائل الإعلام منذ عدة أيام في خبر صغير، أن الفنانة الأميريكية "جوليا روبرتس" قد تركت المسيحية واعتنقت الديانة السيخية، والتي تعرّفت على تعاليمها أثناء تصوير أحد أفلامها هناك، وإنها أُعجبت بتعاليم السيخية، والتي تقر بتناسخ الأرواح؛ لأنها تحب أسرتها جدًا، وتتمنى أن تعيش معهم إلى الأبد...
ومن فترة طويلة، يعلم الجميع أن الممثل الأميريكي "ريتشارد جير" معتنق الديانة البوذية، هو ومجموعة أخرى من الفنانين الأميريكين، والممثل "توم كروز" معتنق ديانة أخرى لا أذكرها الآن..
ماذا حدث حينما نشرت وسائل الإعلام هذه الأخبار، والتي تناقلتها من على ألسنة الفنانين أنفسهم؟!! الحقيقة لم يحدث أي شيء، لم يطالب أحد برأس "جوليا روبرتس"، أو "ريتشارد جير"، ولم تنخفض ايرادات أفلامهم، وظلوا هم نجوم العالم كما هم، لم تشغل وسائل الإعلام نفسها بقضية تحول "جوليا" أو "ريتشارد"..
فالدين هناك مسألة شخصية تمامًا، والطريقة التي تود بها التعامل مع الله، شأنك الخاص جدًا، والتي لايجوز لأحد أن يخوض فيها، و"تيشيلسي" ابنة الرئيس السابق "كلينتون" تزوجت من شاب يهودي، ولم تقم قيامة العالم..
وفي "مصر" في القرن الماضي، حينما كنا مجتمع "كوزومبوليتاني" حقيقي، أسلمت الفنانة "ماري منيب"، ولم يحدث شيء. بل هي من تولت تربية أبناء أختها. وحينما تزوجت "ماري كويني" من "أحمد جلال" لم يحدث أي شيء في الحياة، استقامت الأمور تمامًا، ولم يهاجمها أحد، والأمثلة عديدة..
جميعنا نتحدث عن التحضر والحرية، ونحن لا نستطيع ممارسة التحضر والحرية، وخصوصًا تجاه الآخرين، نحن نريدهما لأنفسنا فقط..
فلو فكّر أي شخص أن يترك دينه ويعتنق دين آخر، ليس بالضرورة مسيحية أو إسلام أو يهودية، فعندنا في "مصر" بهائيين..يتكاتف الجميع في مهاجمته ومحاولة قتله ليكسب فيه بمقتله وإيذائه ثواب!! في حين أن الدين في القلب، أعتنق ما أحب في قلبي ووجداني ومظهري منافق...وتعالوا نرى اللادينين والملحدين الذين يملأون "مصر" وأوراقهم الرسمية في خانة الديانة مضبوطة..
كان الشعار المرفوع في الزمن الماضي "الدين لله والوطن للجميع"، وكان الناس يمارسونه حقًا، أما الآن فالسؤال الذي يدور بخلد أي إنسان في اللقاء الأول هو: فلان ده ديانته إيه؟ هو بيصلي؟ بيصوم؟ إيه النغمة اللي أنت حاططها دي على الموبايل؟ ما تحط نغمة إسلامية أو مسيحية على حسب..
تغلغلت الوهابية داخل مجتمعنا، لدرجة أنها أصبحت منهجية فكر، تسيطر على المسلم والمسيحي..
في الزمن الماضي كانت حرم "قطاوي باشا" أغنى أغنياء "مصر" من اليهود، وصيفة للملكة "نازلي"..وكان الوطن للجميع، كان المصري- مسلمًا أو مسيحيًا أو يهوديًا- مصريًا يشعر بالمواطنة، والحرية، واحترام الطقس..
تشهد منطقة وسط البلد على المواطنة كما يجب، فتجد المعبد اليهودي في شارع "عدلي"، وتجد جامع بجوار كنيسة في شارع "صبري أبو علم"..الكل متجاور، متناغم، متناسق...
أما اليوم أول كلمة تُقال حينما تناقش مشكلة من مشاكل بلدك..هي بلد أبوك؟ أنت بلدك لازم أصلا تكون دولة الإسلام! واللي بيحصل ده لازم يحصل طالما إحنا مش ممارسين للطقس الإسلامي...
إحنا أقلية ومضطهدين..ولو يهودي اتكلم...طبعًا متآمر!!
مش بقولكم: الدين مش لله، والوطن مش للجميع...