جرائم التعذيب..منتج بشرى تنأى عنه المخلوقات الأخرى
• الدكتور "محمد مهدى": الشخص الذى يرتكب جرائم التعذيب يتسم بالعديد من الخصائص النفسية، منها الإستمتاع والتلذذ غير المحدود بإيذاء الآخرين والتنكيل بهم. والعدوانية والشراسة فى معاملاته بوجه عام.
• الدكتورة "نادية نظير": الآثار النفسية لضحايا التعذيب أشد وطأة وإيلامًا؛ لأنها تستمر لفترات طويلة.
• "حافظ أبو سعده": القانون المصرى به قصور تشريعى فى تعريف جريمة التعذيب.
تحقيق: ميرفت عياد- خاص الأقباط متحدون
إن التعذيب منتج بشرى، يقوم به شخص ما مصاب بالعديد من الإضطرابات النفسية تجاه شخص آخر، وهذه الأعمال العدائية والعدوانية، تهدف إلى إيلام وإيذاء هذا الشخص- سواء كان هذا على المستوى البدنى أو النفسى- وعادة ما يكون الشخص الذى يقوم بالتعذيب، له هدف واضح ومحدد من عملية التعذيب، مثل الحصول على إعتراف، أو معلومات يرفض الآخر البوح بها، أو التخويف للسيطرة على الشخص، وإجباره على القيام بأفعال يرفضها تمامًا، أو إعتناقه لأفكار ومبادئ مخالفة لقيمه ومعتقداته. فتُرى ما هى السمات النفسية للشخص الذى يقوم بالتعذيب؟ وما هى الآثار النفسية للتعذيب؟ وكيف يتم تأهيل ضحايا التعذيب؟ وما هى أحكام القانون المصرى فى جرائم التعذيب؟ هذا ما سوف نعرفه فى التحقيق التالى:
الإستمتاع والتلذذ بإيذاء الآخرين
فى البداية، قال الدكتور "محمد المهدى"- استشارى الأمراض النفسية: إن الشخص الذى يرتكب جرائم التعذيب يتسم بالعديد من الخصائص النفسية، منها الإستمتاع والتلذذ غير المحدود بإيذاء الآخرين والتنكيل بهم. والعدوانية والشراسة فى معاملاته بوجه عام. حيث إنه لا يعرف معنى للشفقة أو الرحمة، أو تأنيب الضمير. هذا إلى جانب تمتع كثيرين ممن يقومون بتنفيذ أوامر التعذيب بالطاعة العمياء، والإنقياد الأعمى لأوامر الرؤساء- مهما كانت بشاعتها- دون التفكير فى هذا. مشيرًا إلى أن هناك بعض الأشخاص ذو النوايا السيئة، والذين يقومون بالعدوان على الآخرين وتعذيبهم كحماية لأنفسهم أو لغيرهم كنوع من تبرير للذات؛ لإراحة الضمير من قبح ما يرتكبون.
وأوضح "المهدى" أن هناك العديد من وسائل التعذيب منها: التعذيب الجسدى مثل الضرب، والتجويع، وتشويه الوجه، والسحق، والتعليق. وهناك التعذيب النفسى، وهو أشد ضررًا على الإنسان، مثل الإعتداء الجنسى، أو استغلال رهاب الشخص من شئ ما، أو المنع من النوم لأيام طويلة. مشيرًا إلى أن جميع وسائل التعذيب- سواء الجسدية أو النفسية- تهدف بوجه عام إلى إقناع الضحية بأن عذابه مستمر ولن ينتهى، إلى توقيع أقصى أنواع الألم والعذاب على الضحية، والتنوع المستمر فى أدوات التعذيب؛ حتى يُصاب الشخص بحالة من القلق من المجهول الذى ينتظره، ويفقد الأمل فى النجاة، وتنهار مقاومته، ويعترف بما يخفيه، أو ينفذ ما يُطلَب منه.
الآثار النفسية لضحايا التعذيب أشد وطأة
وعن الآثار النفسية للتعذيب، أشارت الدكتورة "نادية نظير"- استشارى الأمراض النفسية- إلى أن الآثار النفسية لضحايا التعذيب أشد وطأة وإيلامًا؛ لأنها تستمر لفترات طويلة. مشيرةً إلى أن هذه الآثار تشمل: الإكتئاب، والإحساس باليأس، وفقد الكرامة والأمان، والحزن، والإنطوائية، وعدم القدرة على المبادرة أو إقامة علاقات إجتماعية، والقلق والتوتر والعصبية، وعدم القدرة على الظهور فى الأماكن العامة. هذا إلى جانب إصابة الشخص بإضطراب ما بعد الصدمة، وهو عبارة عن كوابيس وإضطرابات فى النوم، والرعب من أى موقف أو شخص أو مكان يذكِّره بالعنف الذى تعرَّض له. بالإضافة إلى الإضطرابات النفسجسمية مثل: ضيق التنفس، والدوخة، وفقدان الإتزان، وإضطرابات الجهاز الهضمى. موضحةً أن الشخص الذى تعرَّض للتعذيب يذهب إلى أطباء من جميع التخصصات؛ لأنه دائمًا ما يعانى من آلام مبرحة فى جميع أجزاء جسمه، مؤكدةً أن هذا الألم هو ألم نفسى وليس عضوى، وأن هذا الشخص يحتاج إلى برامج تأهيل نفسى ليستعيد إتزانه وقدرته على مواجهه الحياة مرة أخرى.
ضحايا التعذيب والاندماج مع المجتمع
وأضافت الدكتورة "نادية": إن ضحايا التعذيب تعرضوا لإهانة نفسية كبيرة، وإهدار لكرامتهم. لذلك هم فى أشد الإحتياج إلى توضيح سبب منطقى لما حدث لهم من تعذيب. مشيرةً إلى أنهم يرغبون فى سماع حكم رادع لمعاقبة من قاموا بتعذيبهم، هذا إلى جانب احتياجهم إلى برامج من العلاج النفسى والسلوكى والمعرفى، والذى يتم فى صورة العديد من الجلسات؛ لتغيير بعض المفاهيم السلبية التى رسخت فى ذهنهم نتيجة عملية التعذيب التى تعرَّضوا لها، بالإضافة إلى احتياجهم لتدعيم ثقتهم بنأفسهم وبالآخرين عن طريق العلاج الأسرى والعلاج الجمعى لأناس تعرضوا لنفس الظروف القاسية التى تعرضوا لها. والعمل على إخراج شحنات الغضب والقلق والضيق عن طريق العلاج بالرسم والموسيقى والعمل، فى محاولة لإدماجهم مرة أخرى فى المجتمع، والرجوع إلى ممارسة حياتهم الطبيعية.
الإتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب
ومن جانبه، قال "حافظ أبو سعده"- رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: إن القانون المصرى به قصور تشريعى فى تعريف جريمة التعذيب. موضحًا أن نص القانون لا يتلائم مع الإتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، والتى تعرِّف التعذيب بأنه أى عمل ينتج عنه ألم جسدى أو نفسى، أو عقلى، يقوم به شخص تجاه شخص آخر...بهدف الحصول على اعترافات أو معلومات. مطالبًا البرلمان بدراسة مشروع القانون الذى أعدته المنظمة للحد من جرائم التعذيب، وتعديل المادة 126 ، 129 من قانون العقوبات؛ لتتوافق مع الإتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.
ذكرى اليوم العالمى لمساندة ضحايا التعذيب
وأشارت "نشوى نشأت"- مديرة البحوث والنشر بالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان- إلى الدعوة التى أطلقتها المنظمة لمناهضة جريمة التعذيب فى ذكرى اليوم العالمى لمساندة ضحايا التعذيب، والموافق 26 يونيو الماضى. حيث دعت كافة الأطراف المعنية- سواء من الأحزاب، أو المجتمع المدنى، أو القوى السياسية، أو نشطاء حقوق الإنسان- للإنضمام للحملة التى سوف تستمر لمدة سنة ونصف؛ بهدف مناقشة جريمة التعذيب فى الدستور المصرى، والمواثيق الدولية، والحماية القانونية لجرائم التعذيب، والأحكام التى يطلقها القضاء فى قضايا التعذيب، والقصور فى التشريعات القانونية فى معالجة جرائم التعذيب.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :