بقلم: ميرفت عياد 
دماء تسيل..وأجساد تتمزق..وعظام تتكسّر..ووجوه تتشوّه..وأعضاء تُبتر..كل هذا ينتظر الجميع للأسف على قارعة الطريق..طالما لا يوجد قانون يوقف الاستهتار بأرواح البشر..طالما لا يوجد تخطيط عمراني سليم..طالما لا توجد شبكة طرق جيدة ومضاءة لإتاحة الرؤية..طالما لا يوجد فى المدرسة مادة تدرِّس أولادنا آداب المرور..طالما لا يوجد ضمير قوى يُدرك حجم المسئولية المُلقاه على قائد المركبة- سواء كانت تلك المركبة سيارة ملاكى، أو أجرة، أو ميكروباص، أو أتوبيس، أو أى وسيلة مواصلات نستقلها؛ لتنقلنا الى حيث نريد..

والسؤال: إلى متى سيشرب الأسفلت من دماء البشر؟ إلى متى سيظل شرهًا لهذه الدماء التنى تُستنزف من المئات أو ربما الألف كل يوم عبر العالم بأكمله؟!!
 
فمنذ وفاة أول إنسان فى حادث سيارة عام  1896 م في مدينة "لندن"، ودماء الإنسان أصبحت شلال يُهدر على الأسفلت، لا يوجد من يوقفه..

إلى متى سيظل الإنسان فاقدًا لعقله، مفضلاً جنون السرعة على التأنى والصبر؟ ماذا سينتفع الإنسان من سرعته، حين يفقد حياته وحياة من معه؟!

أعتذر لك عزيزى القارئ عن هذا الكلام القاسى والموجع..ولكننى كم أحسست بالغضب حينما قرأت عن مصرع ثمانية أفراد مؤخرًا فى حادث بمحافظة "سوهاج"..وكالعديد من الحوادث، دائمًا ما يكون الميكروباص هو الجانى..ذلك النعش الطائر المتخطى الدائم للسرعة المقررة..والجانى الثانى الذى كثيرًا ما يرتكب الكثير من الحوادث فى غفلة من القانون هو الجرار..حيث لقى أيضًا خمسة أطفال مصرعهم على أثر انقلاب جرار زراعى بمركز "دشنا"..

والحقيقة، إنه من المؤسف أن هناك الكثيرين الذين يقولون باستهتار: لما كل هذا الغضب؟ أليست الأعمار بيد الله؟ وإن ساعة الإنسان ستأتى إليه، حتى وإن كان جالسًا فى منزله، وإن الله هو الساتر من جميع الشدائد. والحقيقة إننى لا أختلف مع هذا، وأدرك يقينًا أن الأعمار بيد الله، وأن الإنسان لا يستطيع أن يطيل عمره ثانية واحدة، فهذه قضية يؤمن بها الجميع، ولا مجال لمناقشتها..
 
ولكن هناك شق آخر فى تلك الحوادث غير الموت، واليتم، والترمل، وفقدان العائل، وهو الإعاقة التى تنشأ عن تلك الحوادث، والتى تؤدى إلى تدمير نفسية وحياة الإنسان..وتفقده مصدر رزقه، وتجعله عالة على الآخرين،  وعلى المجتمع بأسره..

لذلك، أقدم دعوةً إلى جميع أهل "مصر" أن نتكاتف جميعًا لحماية أرواحنا، وأرواح الآخرين من غدر الطريق، وأن نلتزم بجميع قواعد المرور، وأن نكون قدوة للآخرين؛  حتى نحمى أنفسنا وأولادنا من هذا الخطر الرابض دائمًا على الطريق..