CET 01:00:00 - 10/09/2010

المصري افندي

بقلم: جرجس وهيب
المتابع لتصريحات الوزراء والمسئولين فى "مصر"، يجد أن حديثهم لا ينقطع عن الإنجازات والتقدُّم بمختلف الوزرات والخدمات التى تقدَّم للمواطن، وعن الحكومة الإليكترونية. وإنك تستطيع أن تنهى كافة أعمالك وأنت فى المنزل عن طريق الإنترنت. 
 
عند سماع ذلك، تعتقد إننا نعيش فى دولة متقدِّمة، بل إن مصر تتقدم عن "الولايات المتحدة الأمريكية"، وأوربا و"اليابان" فى كثير من المجالات. ولكن الواقع مغاير لذلك تمامًا، ويقول إننا فى دولة متأخرة فى كل شىء، بل إن هذه الدولة لا تسير على طريق التقدُّم، بل على طريق التخلف والتأخر، وإنها تتقدَّم للخلف بسرعة الصاروخ. فمن آن لآخر تتطل علينا أزمة تكشف فاجعة كبيرة، وكذب تصريحات المسئولين والوزراء.
 
 فنحن على الرغم من إننا دولة زراعية لديها أجود أنواع الأراضى الزراعية، إلا إننا نستورد أكثر من 50% من القمح،  وتعتبر "مصر" ثانى أكبر مستورد للقمح بعد الصين. وهذا له أسباب كثيرة؛ فالحكومة العام الماضى أجبرت الفلاحين على عدم زراعة القمح بعد أن رفضت استلام القمح العام الماضى وما قبله، ووضعت العراقيل أمام شرائه من الفلاحين بهدف تطفيشهم،  واشترطت وجود حيازة زراعية، على الرغم من أن الحكومة تعرف أن أكثر من 60 % من الأراضى الزراعية لا يوجد لها حيازات؛ بسبب تعقيد اجراءات استخراج الحيازة، وتفتيت مساحات الأراضى، فدفع ذلك الاجراء إلى هجوم الفلاحين على زراعة البنجر كبديل للقمح الذى يدر عائد ضعف القمح،  واشترت الحكومة القمح بـ (220) جنيه للأردب، فى حين إنه تم شرائه العام قبل الماضى بـ (420) جنيه للأردب بحجة انحفاض أسعارة العالمية.
 
 ولكن بعد الأزمة العالمية فى القمح، ورفض "روسيا" تصدير القمح لـ"مصر"، لجات وزارة الزراعة إلى المزارعين المصريين، والتى سبق أن باعتهم، والقادرين على حل جزء كبير من المشكلة، وعدم الاعتماد عليهم دليل قاطع على فشل سياسة وزارة الزراعة. 
 
كما طفت مشكلة نقص مياة الشرب العام الماضى، على الرغم من سيل التصريحات اليومية للمهندس "أحمد المغربى"- وزير الإسكان- عن افتتاح المئات من شبكات المياه، وارتفاع نصيب الفرد من المياه، وكأن من لا يجدون المياه فى بلد آخر.
 
كما  تتطل علينا من آن لآخر، مشكلة المشاكل، وهى نقص رغيف الخبز، ونقص الأرز وارتفاع أسعاره بشكل كبير.
وكان مسك الختام الصيف الحالى، فكشفت موجات الحر المتتالية مبالغة وزير الكهرباء المهندس "حسن يونس" عن التقدم والتطور بقطاع الكهرباء، وافتتاح العشرات من محطات الكهرباء لتوفير الطاقة للإستهلاك المحلى، بل تخطى ذلك تصدير فائض الكهرباء إلى بعض الدول المجاورة لنا. وتخرج علينا تصريحاته بتحقيق مكاسب مادية كبيرة، وصرف حوافز كبيرة للعاملين. نُفاجىء أن هذه الكلام عبارة عن أمنيات وتصريحات للإستهلاك المحلى والدعاية للوزارة. ونجد الوزارة تسقط بالثلث أمام أول اختبار حقيقى؛ فوزارة الكهرباء لم تستطع توفير الكهرباء لمختلف الأنشطة، سواء المنزلية أو التجارية، وأدى قطع الكهرباء إلى خسائر كبيرة بعدد كبير من المصانع، وفساد كميات كبيرة من الأطعمة، سواء بالمنازل أو المطاعم أو محلات بيع اللحوم المجمدة.
 
استدعى الأمر برئيس الجمهوية عقد اجتماع فورى مع وزيرى الكهرباء والبترول، والذين تبادلا الإتهامات عن المسئولية عن أزمة الكهرباء، وكعادة المسئولين فى "مصر" رمى الكرة فى ملعب المواطن، وإنه السبب وراء الأزمة. ولم  تعلن وزارة الكهرباء عن حلول مستقبلية لحل المشكلة، بل طالبت المواطنين بتخفيض الإستهلاك وزيادة أسعار الكهرباء (5) أضعاف ثمنها،  أسوة ببعض الدول الأوربية!! لإجبار المواطنين على التقليل من استخدام الكهرباء، وليذهب الشعب المصرى للحجيم، وليَمُت الأطفال من ارتفاع درجات الحرارة من أجل شكل وزارة الكهرباء أمام الرئيس.   
 
فـ"مصر" دولة متخلِّفة بحق، وبكل المقاييس الدولية والإنسانية والدينية؛ فالدولة التى تفشل فى توفير كوب ماء نظيف، ورغيف خبز جيد، ووسيلة مواصلات آدمية، ومياه لرى الأراضى الزراعية، والكهرباء بأسعار معقولة وفى جميع الأوقات، هى دولة متخلفة ومتأخرة. والغريب إنه رغم كل هذه المشاكل، لا يخرج مسئول واحد يعترف بالتقصير، بل دائمًا المواطنون هما السبب.
 
ففى دولة غابت كافة الأجهزة الرقابية عن متابعة أعمالها ودورها، وانتشرت ثقافة الكذب والرشوة والمحسوبية، لابد أن يكون حالنا كذلك، بل ننتظر المزيد من التخلف والتأخر والمشاكل. فعلاً نحن نعيش فى دولة الحكومة الإليكترونية.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق