بقلم: القس بيمن الطحاوي
 تظهر عظمة الله وإبداعه الخلاّق في قدرته الفائقة على خلق هذا العدد الهائل الغير المُحصى من الأشخاص المختلفين المتمايزين، ولم يحدث أبدًا على مر العصور ولن يحدث حتى آخر الدهور وجود شخصين متماثلين تمامـًا، فالله الخالق العظيم لا يخلق نسخـًا متشابهة أو مكررة، وحتى التوائم المتطابقة لهم شخصيات مختلفة، كما أن لهم بصمات مختلفة، وحتى لو استطاع العلماء الوصول إلى طريقة لاستنساخ البشر، فلن يكون للنسخة نفس شخصية الأصل، بل ستكون مختلفة قطعيـًا، فكل شخص هو عالم وحده، شخصية لم ولن تتكرر على مدى الأجيال.

 فلكل شخص حضور شخصي خاص به متميز عن حضور سواه، وهذا التفرد والتمايز والحضور الشخصي يظهر في كل ما يفعله الشخص، فهو يضفي على أفكاره وأقواله وأفعاله طابعه الشخصي الفريد والغير المتكرر، وهذا التنوع كفيل بالقضاء على الشعور بالملل عند التعامل مع الآخرين، فكل شخص سيقدم لنا شخصية جديدة فريدة لم نتقابل معها من قبل.
 ومع ذلك فكثيرًا ما نقع في خدعة التعميم، عندما نطلق أحكامـًا عامة على مجموعات من البشر، مثل الحديث عن بخل الأسيوطية أو برود الإنجليز، أو أن جماعة ما لكل أفرادها سمة معينة، وليس هذا إلا وهم يجنبنا مشقة التعامل مع كل شخص على حدة ومحاولة اكتشافه وفهمه.
 
هذا وقد أكد القديس "بولس الرسول" أن المؤمنين في الكنيسة أعضاء مختلفة لكن متكاملة، تمامـًا كأعضاء الجسد الواحد، قائلاً: "فإنه كما في جسدٍ واحدٍ لنا أعضاء كثيرة، ولكن ليس جميع الأعضاء لها عمل واحد، هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح وأعضاء بعضًا لبعضٍ، كل واحدٍ للآخر، ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا" ( رو12:4-6).
 موضحـًا أنه يجب أن يكف المؤمنون عن فكرة رفع الفوارق بين الأعضاء، أو أية محاولات لملاشاة التنوع والتمايز والاختصاص التي هي السمة الضرورية لتكوين الوحدة الكاملة؛ لأن كمال الوحدة وجمالها هو في التآلف بين أجزائها المتميزة والانسجام بين المتنوعات فيها، والتعاون في المجالات المختلفة من واقع الحب والانسجام، وهو بهذا لا يقرر حقيقة واقعية فحسب، بل يستهدف إلى رفع الغيرة والتحزب والتعالي من المؤمنين، الأمور التي نعاني منها في الوقت الحاضر بشدة، حتى أصبحت تنذر بانكسار الوحدة فيما بيننا وانهزامها.
 لذا يجب أن يكون هناك تسليم وإقرار بوجود التمايز بين الأشخاص والتنوع في الاختصاص، وعلينا أن نسهر جميعـًا لاحترام مواهب وحقوق كل فرد.