هراء العواء هو مقدمة العناء
بقلم : د. رافت فهيم جندى
فى يوم 8 أغسطس الماضى توفى اللواء احمد رأفت نائب رئيس جهاز مباحث امن الدولة، فحضر جنازته أكثر من 15 من قيادات الجماعات الإسلامية، كما ترأس مرشد الأخوان المسلمين وفد قيادات الأخوان. ولم يكتف هؤلاء الإسلاميين بتشيع جنازته من مسجد الشرطة بل ايضا أصروا علي مصاحبة جثمانه إلي المقابر ووقفوا أمام قبره في حالة من التأثر والحزن الشديدين وارتفعت أصواتهم بالدعاء له بالمغفرة وأن يكون مثواه الجنة جزاء له علي دوره البارز والكبير في حقن الدماء وإنجاح مبادرة وقف العنف والحروب الدموية بين الجماعات الإسلامية والدولة المصرية في حقبة التسعينيات، ونهاية هذه الحرب كانت بعد الحادث البشع الذى قتلت فيه الجماعات الإسلامية 58 سائحا اجنبيا و4 مصريين ومثلوا بجثثهم فى نوفمبر عام 1997.
عزيزى القارئ، الأ ترى منظرا غريبا هنا، أن قيادات الجماعات الإسلامية تبكى على رجل أمن الدولة الذى من المفروض أنه يطاردهم؟
وكما ان الذئب لا بد له من فريسة دموية كذلك الجماعات الأسلامية ايضا، الدلائل تشير أن صفقة الصلح التى ابرمها أمن الدولة مع الإسلاميين كان منها اطلاق يدهم على ارواح وممتلكات الأقباط بل ومساعدة امن الدولة لهم فى هذا.
فنرى بداية ترويع للأقباط فى الكشح عام 1998 ثم مذبحة الأقباط عام 2000 والتى فيها كان تأمر البوليس على الاقباط جليا وانتهى كل شئ على ما يرام بقتل 21 قبطيا وحرص البوليس على عدم ادانة أحد امام القضاء. وتوالت الأحداث من الإسكندرية للعياط للمنيا لديروط لسمالوط لملوى لفرشوط ... الخ مع حرص البوليس الدائم على عدم تجريم احد.
هل هذا يفسر لك عزيزى القارئ كيف انخرط قداسة البابا شنودة فى بكاء عام 2005 بعد فشل كل جهوده مع الأمن فى وقف الغوغائيين عن التحرش بالكنائس والمسيحيين فى الإسكندرية؟ فعدم تدخل الأمن فى اى احداث بها تحرش بالاقباط مرجعه ليس فقط عدم المبالاة بالأقباط ولكنه ايضا احتراما لتعاقدهم مع هؤلاء الإسلاميين.
ولقد خرج علينا هذه الأيام سليم العوا فى لقاء تلفزيونى فى قناة الجزيرة متجنيا على الكنيسة القبطية بأنها تخزن اسلحة وتخطط لأقامة دولة قبطية وانها دولة داخل الدولة، ومتجنيا على الأقباط ايضا ناعتهم بعكس ما هو قائم تماما فوصفهم بأنهم اقلية متجبرة وسط اغلبية مسلمة مسالمة وغلبانه. واشتد ذهول المسيحيين من كل هذا الكذب والأفتراء، ولم يخرج اى بيان من أمن الدولة لتكذيب هذا بالرغم من انه هراء فى هراء.
يخطئ كل من يظن أن هذا التحرك والمظاهرات ليس تخطيطا من الدولة فى هذا الوقت، فالدولة تريد أن تشعل الفتنة اكثر واكثر ضد المسيحيين لكى ينشغل المسلمين بها وفى الأنتقام من الأقباط بعيدا عن تخطيطاتها لتوريث جمال مبارك، وايضا تريد الدولة أن يشعر الأقباط بأن ذل حكم عائلة مبارك أهون من جنة الأخوان، وكذلك وفاء منهم لما ابرموه مع الإسلاميين.
سليم العواء لم يقل ما قاله من هراء بدون أن يأخذ الضوء الأخضر من أمن الدولة استعدادا لانقضاض الإسلاميين علي الأقباط فى سلسلة جديدة ستبدأ عاجلا.
على الأقباط فى المهجر واجب مقدس أن لا يتركوا اى حادث بسيط يقع لأخوتهم فى مصر بدون أن يرفعوه لكل ارجاء العالم، وما كان يجب أن تمر مظاهرات الغوغائيين التى سبت الكنيسة وقداسة البابا بدون أن يكون لها تصرفا منا، وليس بالتزام الصمت على إهانة الكنيسة وقداسة البابا، أنت تصلى فحسنا تفعل، ولكن ارينى قوة صلاتك بأعمالك.
وأعود اقول للاباء الكهنة وللأقباط فى كل بلاد المهجر أن على رؤوسنا سيقع جزء من مسؤلية دم الأقباط الذى سيراق فى مصر فى الأيام القادمة، فنحن ايضا نعرف ان الأمطار قادمة من لون السحب الداكن، وهراء العواء هو مقدمة العناء، ولنصلى جميعنا قائلين "بدد مشورتهم يا الله كما بددت مشورة اخيتوفل".
رئيس تحرير الأهرام الجديد الكندى
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :