الأقباط متحدون | من أساليب البعث الخبيثة (صورة وتعليق)
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٤:٢٥ | الاثنين ٤ اكتوبر ٢٠١٠ | ٢٤توت ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٦٥ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

من أساليب البعث الخبيثة (صورة وتعليق)

الاثنين ٤ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم : عبدالخالق حسين
لم يكن العراق بلداً يسهل حكمه منذ فجر التاريخ وإلى الآن، فقلة من حكامه ماتوا موتاً طبيعياً، إذ أغلبهم قتلوا، سواءً كانوا خلفاء رسول الله، أو ملوكاً، أو سلاطين، أو ولاة أتراك ومماليك، أو رؤساء وزراء. ولذلك استشهدتُ مراراً بمقولة تشرتشل نصها: "أن  العراق ولد في لحظة من لحظات الغضب".
وسبب صعوبة حكم العراق هو الجغرافيا والتاريخ، فموقع العراق الجغرافي الجذاب بمناخه المعتدل ومياهه العذبة، وثرواته الطبيعية الوافرة، جعلته قبلة لأطماع الغزاة والمحتلين، وهجرات الموجات البشرية والتوطن فيه، الأمر الذي جعل الشعب العراقي يتكون من فسيفساء متعدد الألوان، ومختلف الأقوام والعناصر والأديان والمذاهب. ونتيجة لمظالم الحكام، فبدلاً من أن تتعايش هذه المكونات بسلام، صار العراق ساحة للصراعات الدموية بين مكونات شعبه، ومن يقرأ تاريخ العراق، القديم والحديث، يتأكد من صحة هذا القول.
ولعل الملك فيصل الأول هو أول من أدرك هذه الحقيقة المرة فأكدها في مذكرة له وزعها على عدد قليل من النخبة الحاكمة عام 1933 قبَيْل وفاته، جاء فيها عن الشعب العراقي ما يلي: "وفي هذا الصدد أقول وقلبي ملآن أسى: إنه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد كتلات بشرية خيالية، خالية من أي فكرة وطنية، متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة، سماعون للسوء، ميالون للفوضى، مستعدون دائماً للانتقاض على أي حكومة كانت، فنحن  نريد والحالة هذه أن نشكل من هذه الكتل شعباً نهذبه وندربه ونعلمه، ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب في مثل هذه الظروف، يجب أن يعلم أيضاً عظم الجهود التي يجب صرفها لإتمام هذا التكوين وهذا التشكيل. هذا هو الشعب الذي أخذت مهمة تكوينه على عاتقي… " (عبد الرزاق الحسني، تاريخ العراق السياسي، ج1، ص12). ولكن لسوء حظ هذا الشعب أن مات الملك بعد أشهر من هذه المذكرة، واستمر الحكام من بعده على مواصلة تمزيق هذا الشعب.
كما وأكد عالم الاجتماع العراقي الراحل علي الوردي، الحقيقة أعلاه بقوله: "إن الشعب العراقي منشق على نفسه، وفيه من الصراع القبلي والطائفي والقومي أكثر مما في أي شعب عربي آخر- باستثناء لبنان".

لذلك أقولها بصراحة، يكذب من يدعي أن الشعب العراقي متآخي ومتماسك، إذ نقرأ بين حين وآخر مقالات لبعض الكتاب، ومن باب التزلف والنفاق الاجتماعي، "يكسرون ويجبرون" كما يقول المثل العراقي، يغطون به دوافعهم الطائفية والعنصرية، يدَّعون أن الشعب العراقي ما كان يعرف يوماً هذا النوع من الصراع إلا بعد مجيء الأمريكان وإسقاطهم لحكم البعث الفاشي.

نعم، حصل شيء من التقارب بين مكونات الشعب خلال النصف الأول من عمر الدولة العراقية، ولكن خلال هيمنة البعثيين على السلطة منذ الستينات وخلال حكمهم الجائر لأربعة عقود، أعادوا الشعب العراقي إلى العهد العثماني، إلى "كتلات بشرية متصارعة"، فأحيوا فيه القبلية والطائفية والبداوة، وغذوا فيه المزيد من ذهنية تدمير الذات.
وخلال هيمنتهم هذه كسب البعثيون خبرة واسعة في الخبث والإعلام في التضليل ومواجهة خصومهم وتمزيق هذا الشعب، فبعد أن خسروا السلطة وظفوا إمكانياتهم الكبيرة على جميع الجبهات، وبالأخص الجبهة الإعلامية، مستفيدين من تكنولوجيا نقل المعلومات لنشر البلبلة الفكرية، وتشويه صورة العراق الجديد، والإمعان في تمزيق الشعب والحط من مكانته ، وتحريض مكونة على أخرى.
ومن وسائلهم الخبيثة على سبيل المثال لا الحصر، هذه الموجة المستمرة من النكات البذيئة ضد مكونات شعبنا. فأهل الموصل بخلاء، والأكراد والدليم أغبياء، وأهل الجنوب "الشروك والمعدان" جهلاء وسذج ومغفلين يمكن الضحك عليهم، لا يفيدون لأي شيء!! وأهل الناصرية أصحاب الشجرة الخبيثة، وهكذا يواصلون الحط من أبناء شعبنا بحجة النكات، وهي بالتأكيد ليست بريئة، بل وراءها أغراض ومقاصد سياسية تسقيطية دنيئة للحط من شعبنا وتدمير ثقته بنفسه، فمن أبقيتم؟ وهذه هي نظرة البعثيين إلى شعبنا. وهل هذا يدل على أن شعبنا متصالح مع نفسه؟؟ أم نحن أمام مشكلة كبيرة يجب علينا مواجهتها بصراحة وشجاعة لمعالجتها؟
ومن وسائلهم، المبالغة في حجم الفساد في الإدارة، ونحن إذ نعرف أن هناك فساد، ولكن ليس بهذا القدر الهائل الذي يلفقه البعثيون في توزيع الاتهامات يميناً ويساراً ضد الجميع إلا من وافق هواهم و"سار على سكتهم"، لحرق الأخضر بسعر اليابس، وكأن العراق خلا من الشرفاء، وليقولوا لنا بشكل وآخر أن البعثيين وحدهم كانوا نزيهين وشرفاء!!! والكل يعرف ماذا يعني البعث للعراقيين. والملاحظ أن معظم كتاب هذه المقالات السامة، يبدأ مقاله بالقول أنه ليس بعثياً وأنه عانى من البعثيين...الخ!!، وأن غرضه خدمة الحقيقة والوطن!!! فالوطنية دائماً هي ملاذ هؤلاء لتبرير تدمير هذا الوطن.
ومع الأسف الشديد صدق بهم كثير من الكتاب من أصحاب النوايا الحسنة، فمثلاً، قرأنا أن الحكومة الحالية سرقت نحو 300 إلى 500 مليار دولار من أموال الشعب خلال الأربع سنوات الماضية، بينما نعرف أن جميع واردات العراق من النفط وغيره لم يتجاوز 180 مليار دولار خلال هذه الفترة. فقد قرأنا عناوين مقالات لا يصدقها العقل السليم، ولما نبهناهم على لامعقولية هذه الأرقام والادعاءات، اتهمونا بأننا ندافع عن "حكومة فاسدة"، وأننا تخلينا عن ثوابتنا!!! ولاشك أن هذه تهمة شنيعة، لأن في العراق، ومن موروثنا الاجتماعي والسياسي، يعتبر من الوطنية محاربة الحكومة، وأية حكومة في كل شيء، وأي دفاع عنها حتى في حالة الحق، أو توضيح معلومة، يعتبر خيانة وطنية!! ولهذا نرى حتى المشاركين في السلطة يتظاهرون أمام الناس بأنهم معارضون! ومن هنا نعرف حراجة وخطورة موقف من يغامر في حكم العراق.
وآخر ما تفتقت به قريحة البعث الشريرة في الدعاية ضد عراق ما بعد صدام، هو نشر لافتة تتناقل بالبريد الإلكتروني، يرفعها شاب وهي تحمل العبارة التالية: "هذا حدي يا عراق، أطالب الحكومة العراقية باسقاط جنسيتي العراقية لكوني متنازل عن العراق أرضاً وشعباً وحكومة".
 
وأنا استلمتها عشرات المرات خلال أسبوع واحد من أصدقاء أعزاء لا يشك بوطنيتهم، وهم من ضحايا البعث الفاشي، فعلاً لا إدعاءً. وقد سألني أحدهم عن رأيي وتفسيري لهذه الصورة. فأجبته أن نحو 4-5 مليون عراقي (أنت وأنا منهم) تركوا العراق خلال حكم البعث، وهم الآن موزعون في الشتاة، ويحملون جنسيات البلدان التي يقيمون فيها. فهل قام أي منا بكتابة لافتة كهذه وتوزيعها على الناس في وسائل الإعلام؟ فما الغرض من نشر هذه الصورة؟ الجواب واضح يا سيدي وضوح الشمس، وهو جزء من الإعلام البعثي لتشويه صورة العراق الجديد، وليقولوا للعالم أن العراق كان أفضل في عهد صدام حسين. وإذا كان عهد البعث أفضل، فلماذا ترك نحو أربعة ملايين العراق إذنْ، ومنهم من صار طعاماً لأسماك القرش؟
والمؤسف أن هذه اللعبة، كغيرها من ألاعيب البعث، قد انطلت على الكثيرين، فتطوعوا بتوزيعها على الآخرين. فهل الذي يريد إسقاط جنسيته يحتاج إلى هذا التظاهرة؟ وإذا كان صاحب اللافتة يعيش في العراق، ألا يدل ذلك على نجاح الديمقراطية وتوفر الحرية للجميع بمن فيهم أعداء الحكومة الذين يريدون الإساءة لسمعتها؟؟
فوفق الدستور الدائم، وقانون الجنسية الجديدين، وفي النظام الديمقراطي، لا يسمح للحكومة إسقاط جنسية أي مواطن، ولا يحتاج المواطن الذي يريد التخلى عن جنسيته العراقية طلب موافقة الحكومة وبهذه الطريقة المفضوحة القصد، إذ من حق هذا المواطن الحفاظ بجنسيته أو التخلي عنها بملء إرادته من دون الحاجة إلى كل هذا التطبيل والتزمير والتشهير، ومن هنا نعرف المكر السيئ من وراء نشر هذه اللافتة، وفي نهاية المطاف "ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله".




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :