الأقباط صنّاع سلام (2)
بقلم: القس لوقا راضى
الصلوات
نكمل حلقات الأقباط صنّاع سلام، ونستعرض معًا النقاط التالية:-
أولاً- صلوات الكنيسة المعروفة بالليتورجيات، وتوجهها نحو السلام.
ثانيًا: الصلوات الفردية لكل شخص الداعية إلى السلام.
ثالثًا- تأثير الصلوات على النفس والروح من خلال السلام الداخلى والخارجي.
بدايةً، الصلاة هى صلة بين الإنسان وخالقه. وهى تواصل روحى بين الروح الإنسانية والله تبارك اسمه خالق الإنسان.
ومن صلوات الإنسان تُدرِك توجهه. وتدرك أيضًا ما هى عقيدته؟ الإيمانية.. الإنسانية.. الروحية..الإجتماعية..
فى الصلاة يقف الإنسان بين يدى الله.. يكشف له عما فى قلبه وعقله وفكره.. يعرض على الله تبارك اسمه أحداثه.. واشتياقاته.. آلامه.. وأفراحه.. كل شئ.. إنها لحظات خلوة بالخالق تبارك اسمه..
ونحن نتتبع الصلوات الخاصة بالأقباط، نلاحظ التوجُّه التام نحو السلام.. مع الله الذى يتيح سلامًا مع النفس.. ومن ثم سلامًا مع الآخر.. أيًا كان هذا الآخر المختلف معي.. أو المتفق.. فى الشكل، أو اللون، أو الجنس، أو العقيدة.. حتى المختلف معي من الخليقة؛ من النبات.. والحيوان.. والجماد. سلامًا للكل.. تعالوا معًا نستعرض كيف أن تلك الصلوات مملوءة بالسلام.
أولاً- صلوات الكنيسة المعروفة بالليتورجيات وتوجهها نحو السلام.
لفظة ليتورجيا بالألف أو ليتورجية بالهاء معناها عمل شعبي أى الصلوات الجماعية التى تشترك فيها كل الكنيسة معًا.
ونختار من تلك الليتورجيات ليتورجية القداس الإلهى.
يبدأ القداس الإلهى:
1- بدعوة الأب الكاهن الشعب للصلاة قائلاً: إشليل (صلوا).
وينادى الشماس للشعب قائلاً: إى بى إبروس إفكى إسطاسيتى (للصلاة قفوا).
ثم يصلى الكاهن قائلاً: إيرينى باسى (السلام لجميعكم)، فيجيب الشعب كله: "كيطو بنفماتى سو" (ولروحك أيضًا).
فى هذه المقدمة إتجاه السلام..السلام لجميعكم، سلامًا روحيًا يملا الجميع. ورده: ولروحك أيضًا؛ لأننا معًا فى شركة مملوءة بالسلام.
2- يصلى الكاهن "مارين شيبهموت" فلنشكر صانع الخيرات.. من السلام الذى أخذناه نصلى الشكر، لا يستطيع أن يشكر إلا الذى أخذ السلام، وكيف يشكر من لا يشعر بالسلام؟ !!!! يُصلَّى قائلاً: "هو أيضًا فلنسائله أن يحفظنا فى هذا اليوم المقدس وكل أيام حياتنا بكل سلام الضابط الكل الرب إلهنا.."
وأيضًا يقول مصليًا" من أجل هذا نسأل ونطلب من صلاحك يا محب البشر، امنحنا أن نكمِّل هذا اليوم المقدس، وكل أيام أيام حياتنا، بكل سلام مع خوفك. كل حسد.. وكل تجربة.. وكل فعل الشيطان.. ومؤامرة الناس الأشرار.. وقيام الأعداء الخفيين والظاهرين... انزعها عنا.. وعن سائر شعبك.
3- ومن بعد ذلك نصلى على حسب ترتيب الكنيسة من أجل الراقدين أن ينيِّح الرب نفوسهم..أى يعطيهم راحة فى فردوس النعيم.. أو من أجل المرضى.. لشفائهم من أمراضهم الروحية والنفسية والجسدية.. أو من أجل المسافرين.. يحفظهم فى سلام إلى أن يعودوا إلى منازلهم بالفرح فرحين وبالعافية معافين.. أو من أجل القرابين والذين قدموها.. والتى قُدمت عنهم، والتى قُدمت بواسطتهم.
4- طلبات السلام:
- وتتكرر فى القداس الإلهى عدة مرات؛ فنحن نصلى من أجل:
- سلام الكنيسة الواحدة المقدسة الجامعة الرسولية، ونقول: "اذكر يا رب سلام كنيستك الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية". ويكمِّل مصليًا: "السلام الذى من السموات انزله على قلوبنا، بل وسلام هذا العمر أنعم به علينا إنعامًا، الرئيس (رئيس البلاد)، والجند، والرؤساء، والوزراء، والجموع، ومداخلنا ومخارجنا زينهم بكل سلام...يا ملك السلام اعطنا سلامك"
- ثم نكمل مصلين من أجل البابا البطريرك والآباء الأساقفة والكهنة والخدام وكل الشعب: "أما هم يا رب فاحفظهم فى سلام وعدل فى كنيستك المقدسة".
5- صلاة الصلح وهى مملوءة بالسلام:
نصلى قائلين: "وملأت الأرض من السلام الذى من السموات".."المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة". وينادى الشماس: "صلوا من أجل السلام الكامل والمحبة". ونكمل قائلين: "بمسرتك يا الله املأ قلوبنا من سلامك".
6- ثم نطلب من أجل:
- خلاص العالم ومدينتا وسائر المدن والأقاليم والجزائر.
- ومن أجل مياه النهر لتصعد كمقدارها ويفرح وجه الأرض، ويعولنا نحن البشر، ويعطى النجاة للدوب.
- ونطلب من أجل الزروع والعشب ونبات الحقل.
- ونطلب من أجل أهوية السماء وثمرات الأرض.
- ونصلِّى من أجل اليتيم والغريب والضيف.
7- ونصلى قائلين أيضًا: "ونحن أيضًا الغرباء فى هذا المكان، احفظنا فى ايمانك، وانعم لنا بسلامك إلى التمام."
8- وفى ختام الصلوات، يقول الكاهن للشعب: "امضوا بسلام.. سلام الرب يكون معكم".
كانت هذه فقرات بسيطة من ليتورجية القداس الإلهى.. نطلب فيها السلام، ونصلى من أجل السلام للكل.. لأنفسنا.. ولكنائسنا.. ولرؤسائنا الروحيين والأرضيين، والوزراء، والجند. ومن أجل سلام بلادنا.. وحدودها.. ومداخلها ومخارجها.. ومن أجل هوائها.. ونيلها.. وكائناتها.. وزروعها.. وأمنها... من أجل كل الخليقة.
يبدأ القداس بالسلام وينتهى بالسلام.
ثانيًا- الصلوات الفردية لكل شخص الداعية إلى السلام:
على حسب القانون الروحي، فى العبادة اليومية الشخصية للقبطى هناك برنامج صلوات يومى، وهو مكوَّن من سبع صلوات بالترتيب..
باكر: وهى عند الصباح حال أن يقوم الإنسان من نومه، وصلوات الساعة الثالثة، والسادسة، والتاسعة، وصلوات فترة الغروب، والنوم، وصلوات نصف الليل.
وكل هذا الصلوات صلوات مملوءة من السلام، وتطلب السلام للفرد وللمجتمع..
تأمل معى فى تلك العبارات، وتأمل تأثيرها:
- تحليل باكر: "أنر عقولنا وقلوبنا وأفاهمنا يا سيد الكل."
- التحليل الختامي: "سهِّل حياتنا، ارشدنا إلى العمل بوصاياك، قدِّس أرواحنا، طهِّر أجسامنا، قوِّم أفكارنا، نق نياتنا، اشف أمراضنا، واغفر خطايانا، ونجنا من كل حزن ردئ ووجع قلب.
- فى قطع الساعة الثالثة نصلى: "كما كنت مع تلاميذك أيها المخلص وأعطيتهم السلام، هلم أيضًا كن معنا، وامنحنا سلامك، وخلِّصنا، ونج نفوسنا".
- تحليل الساعة الثالثة، نصلى قائلين: طهِّرنا من كل دنس الجسد والروح وانقلنا إلى سيرة روحانية.
- قطع الساعة السادسة: "كلامى أقوله فيسمع صوتى ويخلِّص نفسى بسلام".
- تحليل الساعة السادسة: "اعطنا يا الله وقتا بهيًا، وسيرة بلا عيب، وحياة هادئة؛ لنرضى اسمك القدوس المسجود له".
- تحليل صلاة الغروب: نشكرك يا ملكنا المتحنن؛ لأنك منحتنا أن نعبر هذا اليوم بسلام، وأتيت بنا إلى المساء شاكرين... هب لنا فى هذه الليلة المقبلة سلامة بغير ألم ولا قلق ولا تعب ولا خيال".
- تحليل صلاة النوم: "أنعم علينا اللهم بليلة سالمة، وبهذا النوم طاهرًا من كل قلق.. ارسل لنا ملاك السلامة ليحرسنا من كل شر، ومن كل تجربة العدو.
ثالثًا- تأثيرالصلوات على النفس والروح من خلال السلام الداخلى والخارجي:
لنا أن نتأمل مدى تأثير هذه الروحيات على الذين يصلونها، تمنحهم عمقًا داخليًا مملوءًا بالسلام الداخلي، والذى يجعله هادئًا مطمئنًا إن سقط حوله ألوف أو ربوات هو مطمئن جدًا.
تمنحه سلامًا داخليًا يظهر فى تعاملاته مع الجميع.. لا يستطيع إلا وأن يحب الكل، ويصلِّى من أجل الكل، ويشارك الكل الفرح والحزن؛ "فرحًا مع الفرحين، وبكاءًا مع الباكين".
لا يستطيع أن يرى متألما أو باكيًا أو نائحًا؛ إلا ويتحرك من أجله.
لا يستطيع أن يؤذى أحدًا، وإن شعر أن أحدًا تأذى منه، يتأسف لجرح مشاعره.
يكون هادئًا وديعًا؛ فالسلام الداخلى لا يسمح للانفعال ولا العصبية أن يكون لها مكانًا.
الخلاصة، يكون فى حالة محبة، وفرح، وسلام، وطول أناة، ولطف، وصلاح، وايمان، ووداعة، وتعفف.
الرب معكم.. إلى اللقاء القادم، ولنتواصل معًا.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :