الأقباط متحدون | جذور الفتنة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٣:٥٣ | الجمعة ٨ اكتوبر ٢٠١٠ | ٢٨توت ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٦٩ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

جذور الفتنة

بقلم:فريدة النقاش | الجمعة ٨ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

تلوح في الأفق الثقافي - السياسي بوادر أزمة طائفية عميقة تتوالي شواهدها يوما بعد يوم، وتتداعي آثار تصريح الأنبا «بيشوي» حول وضع آيات من القرآن بعد موت الرسول، مع تصريحات الدكتور محمد سليم العوا حول أدوار الكنيسة، وتعرف الأوساط الثقافية والاجتماعية أشكالا من التوتر الخفي بين مسلمين ومسيحيين، ولدي المسلمين شعور قلق يدور حول ما يرونه استقواء للمسيحيين بالخارج، ولدي المسيحيين نفس الشعور وهو أن المسلمين يستقوون بالنفط وبمراكزه المحافظة في الفكر وخاصة الفكر الوهابي المغلق، ومن مظاهره المقلقة انتشار النقاب بين النساء والجلباب واللحية بين الرجال باعتبارها جميعا إشارات رمزية للنفوذ المعنوي لهذا الاتجاه الديني الغريب علي المصريين.ومن جهة أخري يدور صراع خفي بين سنة وشيعة وتنطلق دعوات تطالب بمحاصرة ما
يسمونه «المد الشيعي» في ارتباط وثيق بدور إيران المتزايد في المنطقة بسبب الضعف العربي.

وعلي ما يبدو فإن الاتجاه لإشعال صراع ديني هو توجه محسوب بصرف الأنظار عن الأزمة الاجتماعية - الاقتصادية العميقة التي تمر بها البلاد، وهي الناتجة عن حزمة من السياسات ثبت فشلها، ودفع هذه الأزمة بعيدا عن السياسة لتصب في مجري آخر هو المجري الطائفي.
حين رفعت ثورة 1919 شعار «الدين لله والوطن للجميع» متجاوزة به بوادر صراع ديني كان يلوح في الأفق قبلها، استوعبت كل من المسلمين والمسيحيين في الإطار الوطني الجامع، وتبلورت الملامح الأساسية للتجربة الليبرالية الأولي في مصر حيث تعددت الأحزاب والمدارس الفكرية وبرز مفهوم المواطنة.

ولكن التطور السياسي الاقتصادي في البلاد - خاصة بعد ثورة يوليو 1952 - خنق التوجهات العلمانية - الديمقراطية لثورة 1919 التي كان من المفترض أن تتبلور في ظل الصراع ضد الاستعمار والقصر والرجعية المحلية، وكانت هذه القوي الثلاث قد لعبت أدوارا متفاوتة في استخدام الدين في اللعبة السياسية، والتي كان من نتائجها إجهاض تجربة مشروع دستور عام 1954 الذي وضعته مجموعة من كبار العلماء والفقهاء المستنيرين والمثقفين الديمقراطيين واستبعدت فيه النص علي دين للدولة عملا بمبدأ فصل الدين عن الدولة حيث يكون الدين لله والوطن للجميع، ويتطور هذا الشعار في الاتجاه الطبيعي العلماني الذي يفصل تماما بين الدين والسياسة.

ولم تنطلق التجربة التعددية الجديدة التي بدأت في مطلع السبعينيات من حيث انتهت التجربة الأولي التي أرست فكرة الدين لله والوطن للجميع وأسس المواطنة والعلمانية بل انتكست عنها، حين أخذ الرئيس الراحل «أنور السادات» في صراعه ضد اليسار الماركسي والناصري يتلاعب بالدين ليتهم خصومه بالإلحاد، وأطلق علي نفسه وصف الرئيس المؤمن «محمد» أنور السادات وكان المصريون يعرفونه باسم أنور السادات فقط، ثم قال إنه سوف يرسي دعائم دولة العلم والإيمان، بل حين أجري تعديلات علي الدستور بعد ذلك قام بتغيير المادة الثانية فيه وبدلا من النص الأصلي وهو أن الشريعة الإسلامية هي أحد مصادر التشريع أصبحت المصدر الرئيسي للتشريع، وهو التعديل الذي شعر إزاءه المسيحيون المصريون أنهم سيكونون بالقطع مواطنين من الدرجة الثانية طبقا للدستور، وكان هذا التعديل إضافة جديدة للمظالم الواقعة عليهم من انتقاص حقهم من بناء دور العبادة أسوة بالمسلمين، إلي حجب بعض الوظائف الحساسة عنهم وكأنهم مواطنون مشكوك في ولائهم للوطن.. إلخ باختصار أن للتوتر الطائفي الحادث في البلاد الآن تاريخا لم تجر بعد دراسته علميا وقراءته قراءة نزيهة وموضوعية، وآثرت كل القوي بما في ذلك حتي بعض فصائل اليسار إبقاء الغطاء محكما علي وقائع التاريخ، ليكشف الغليان الاجتماعي عنها في كل أزمة كبيرة مثل الأزمة التي نعيشها الآن، وللأسف الشديد فإن حزب الوفد الذي ارتبط تاريخيا بشعار الدين لله والوطن للجميع ينتقل الآن من العلمانية باعتبارها إلحادا لاعبا علي المشاعر الشعبوية التي تضللها الجماعات الإسلامية بكل توجهاتها.

يتعين علي القوي الديمقراطية والمثقفين النقديين علي نحو خاص أن يتسلحوا بالشجاعة الجماعية لطرح الأزمة من جذورها وفتح الجرح من أجل تطهيره وهم يعرفون أكثر من غيرهم أن الإفقار المتزايد للجماهير المسحوقة دون أي أمل لها في الخروج منه هو بيئة صالحة جدا للصراع الطائفي خاصة في ظل تقييد حريات هذه الجماهير.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :