الأقباط متحدون | أطالب الأفراد قبل أن أطالب الدولة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٠:٥١ | الجمعة ٨ اكتوبر ٢٠١٠ | ٢٨توت ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٦٩ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

أطالب الأفراد قبل أن أطالب الدولة

الجمعة ٨ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. حمدي الحناوي
 كثيرون يعلقون آمالهم على الدولة لحل المشكلات العالقة، والدولة لها دور بطبيعة الحال، ولكن أين دور الأفراد؟ ننتظر فعل الدولة حين يتعلق الأمر بإصدار قانون أو تعديله، أما إذا لم يكن القانون أصل المشكلات فماذا ننتظر؟ وعلى حد علمى، لا يوجد قانون يميز بين المصريين على أساس الدين، سوى ذلك القانون المتخلف عن عصور الانحطاط، والمتعلق ببناء وترميم الكنائس، وأي تمييز آخر ليس له أساس سوى التعصب والتحريض خروجـًا على القانون.
 وصحيح أن المادة الثانية من الدستور استجدت بلا ضرورة، لكنها لم يترتب عليها حتى الآن صدور أي قانون يميز بين المصريين، وحين أصدر أحد القضاة حكمـًا يستند فيه إلى تلك المادة المثيرة للجدل، أدانه جميع المعلقين، إذ ليس له أن يحكم إلا بموجب القانون.
 قد تكون تلك المادة سندًا للمحرضين والمتعصبين، لكنها لا تكفي لصنع التعصب، والإسلام لا يساند صناع التعصب، وإنما يساندهم تفسير وفهم خاص للإسلام، والعبرة بالمناخ الذي يفرز هذا التفسير ويتيح له التأثير في مجريات الأمور، هذا المناخ يصنعه التخلف، وهو ما ينتج الجهل والفقر، ويتأكد ذلك حين نتأمل خصائص مَن يستجيب للتحريض، ويتحول إلى أداة للعنف ونشر الخراب؛ يستجيب فقراء وعاطلون نشأ من بينهم محترفون للفوضى، وفي بيئة التخلف يتألم الفقراء والعاطلون ولا يعرفون سبب بؤسهم، ويُقال لهم أنه امتحان من الله.

 قولة حق يُراد بها باطل، فهى تُستخدم فقط لشحن هؤلاء البائسين واصطناع ميادين للتخريب يعتبرونها جهادًا يقربهم من الله، مثال بارز لذلك، شعار يقول: "يستمر الغلاء ما لم تتحجب النساء"، نقرأه أحيانـًا على بعض الحوائط، ونقرأه كثيرًا في دورات مياه المساجد، وهذا يكفي لنعرف لمَن تُوجه عمليات الشحن، وكيف يتم شحنهم، بإيماءات لما يفهمونه من الأخلاق.
 ما العمل؟ لو كان الفقر مجرد امتحان من الله، فسيخلص الغني نفسه بإعطاء الصدقات، ولا أجادل في جدوى الصدقة كحل مؤقت، أما الفقير فلا تخلصه الصدقة، يعيش بها اليوم فماذا عن غد؟ وماذا عن عُمرٍ قد يطول؟ خلاصه الحقيقي في زيادة قدراته الإنتاجية وارتباطه بعمل منتج، يحل مشكلته ويحفظ كرامته.
 ربما ينبغي أن نعلم الجاهل فكرًا جديدًا، لكن فقره يظل يحاصره، ويعطي الفرصة للدجالين لأن يلقنوه أن فقره مجرد امتحان من الله، من هنا يفقد الفكر معناه، وتفقد الكلمات معناها ويكون الحوار عديم الجدوى، لا بد من القضاء على التخلف، ينبوع الفقر والجهل.

 أعرف أن هذا ليس سهلاً، ولن يتم بسرعة، فلا يوجد زر نضغط عليه لتنطلق الحرب ضد التخلف، ومرة أخرى للدولة دورها، لكن النضال ضد التخلف يحتاج قبل كل شيئ إلى أفراد مستنيرين يصنعون نخبة مستنيرة.
 من هنا أطالب الأفراد قبل أن أطالب الدولة بترك الأمر للدولة؛ يزيدها قوة في مواجهة المجتمع، وقد كانت طوال تاريخنا طغيانـًا، لا زال ميراثه يعيش معنا إلى اليوم، يجب أن يلعب الفرد دوره وهو يعرف سر قوته، فهو صاحب اليد المنتجة والعقل المفكر، وصاحب الخيال والقادر على الإبداع، والاعتماد على الأفراد يزيد قوتهم، ويزيد قوة المجتمع لتعادل قوة الدولة.
 لدينا مهمة تاريخية هي القضاء على التخلف، عارنا التاريخي، وسنقضي عليه بجهد ملايين الأيدي والعقول، ماذا يجب أن نفعل بالضبط؟ سوف يتواصل الحوار، فلا توجد وصفة طبية أو زر نضغط عليه لنحصل على الإجابة، وسيتعين علينا أن نفكر معـًا، ونتعاهد ألا نسمح للتعصب بإيقاف المسيرة، وهذا ممكن حين يقرأ المستنيرون واقعنا قراءة صحيحة.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :