الأقباط متحدون | الأزهر و مواجهة "الإسلاموفوبيا"
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٣:٢٨ | السبت ٩ اكتوبر ٢٠١٠ | ٢٩توت ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٧٠ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الأزهر و مواجهة "الإسلاموفوبيا"

ايجيبتى - كتب:ضياء بخيت | السبت ٩ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

قرار شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب إنشاء مركز لحوار الأديان في الأزهر بغية تفعيل الحوار مع الغرب بعد إلغاء "لجنة حوار الأديان" أمر يستحق التقدير والتشجيع ويجب دعمه بعمالقة من محترفي الترجمة واللغات الغربية خاصة إذا كان الحوار سيتم مع الغرب على أسس أكثر منهجية تبحث عن المشترك بين الأديان والثقافات المختلفة بعيداً عن الثوابت التي تمس العقيدة أو تهزها.
أغلبية المسلمين في العالم كانوا ينتظرون رد فعل الأهر الشريف وكثير منهم كان ينتظر حملة إعلامية تنويرية في الغرب لتعريف الناس بالدين الحنيف في ظل الحملات المتزايدة المعادية للإسلام والمسلمين.  أين الذراع الإعلامي لهذه المؤسسة الدينية العريقة؟ لماذا لم تظهر على الساحة إلا ببيان مقتضب لشيخ الأزهر يدين فيها محاولات حرق "المصحف."
يجب أن يكون للأزهر الشريف "منارة الإسلام" دور قوي وبارز في "حرب الأفكار" الراهنة بإنشاء مواقع انترنت بلغات غربية مختلفة يكون لها مهمة واضحة أهمها الرد بالمنطق والدليل على الافتراءات التي يرددها المحرضون ضد الإسلام.
و منذ انطلاق ثورة الفضائيات مطلع التسعينات، لم يتمكن الأزهر من إطلاق قناة فضائية تساهم في نشر الوعي والتنوير الإسلامي بل من قام بإطلاق مثل هذه القناة بمجهود ذاتي غير رسمي هو ابن الأزهر الشريف الشيخ خالد الجندي فما كان إلا أن تعرض لانتقادات ونظريات مؤامرة. يبى إذن على الأزهر أن يطلق قناته بنفسه ليكون له فرسا في السباق وجيشا في حرب المعلومات.

ومن جديد أطالب رجال الأعمال المصريين أو العرب أن يساهموا في مشروع قناة فضائية وأكثر تتحدث بلغات العالم تشرح لهم من نحن كي يفهمونا حتى تتبدد لديهم الصورة النمطية المهينة التي يحاول المغرضون ترسيخها عنا.
لا يجب أن نعتمد على الدبلوماسية. فالساسة أحيانا يفتقدون اللباقة ويتصرفون بمنطق مختلف لحل الأزمة، مثلما فعل المسؤولون الأمريكيون تجاه دعوات "حرق المصحف" حين اجتمعوا على تصريح واحد وهو "أن ذلك يهدد أمن الجنود الأمريكيين فى العراق وأفغانستان" وليس لأنه يمثل إهانة لمليار ونصف مليار مسلم في العالم!
ولاشك أن الحرية والتعددية الثقافية في أوروبا وأمريكا وفرت في تلك المجتمعات أصدقاء  للمسلمين الأمريكيين والأوروبيين في محنتهم الحالية ضد مثيري الخوف الذين يحاولون "شيطنة" الإسلام تشويه صورة المسلمين ضمن ما يعرف بحملة الإسلاموفوبيا (الخوب من الإسلام) المستعرة حاليا.
ولكن هذا لا يكفي. فبصفة عامة، يمكن القول إن التواصل العام، خصوصا الجانب التثقيفي، مع الغرب مفقود من جانب الأزهر الشريف إلا ما يقتصر على ما اصطلحوا تسميته "حوار الأديان" الذي لم يأت بنتيجة إلى الآن! لذلك نجد أن أكثر من ثمانين في المئة من الغربيين (في أمريكا وأوروبا) لا يعرفون شيئا ولو بسيطا عن الإسلام وتعاليمه إلا من المقالات وشبكات التلفزيون ومحطات الإذاعة التي غذتهم بمعلومات مغلوطة، مبتورة ومشوشة في أحسن وصف، إضافة إلى ما تعلموه وترسخ في ذهنهم من أفلام السينما غير المنصفة التي صورت العربي والمسلم على أنه إرهابي.

وهناك تفسير الأن في ذهن الكثير من الغربيين لكل ما يحدث ضد المسلمين في أمريكا خاصة وفي الغرب عامة وهو: "المسلمون هم البادؤون." والسبب هو أن وسائل الإعلام تنشر نيران الكراهية وتأتي بمن يسمون أنفسهم خبراء، معلوماتهم عنا لا تزيد عن معلوماتي ومعلوماتكم عن الحلانكبيش!، ليشوهوا صورة الإسلام والمسلمين أكثر وأكثر، ويرددون كالبغبغاوات على شاشات التلفزيون ما يحفظونه من كتب ومقالات معادية للإسلام كتبها غلاة اليمين المتطرف الذين تعلموا من كتب المستشرقين التي تزخر بخزعبلات من "ليالي عربية" أو ما يعرف باسم ألف ليلة وليلة.
لا أريد الخوض في تفاصيل عن جرائم الكراهية التي نجمت عن ما خلفته سنوات من حملات التضليل ضد الإسلام والمسلمين بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 وإن كانت وسائل الإعلام هنا في أمريكا قد مهدت لما يحدث حاليا منذ سنوات طويلة قبل تلك الهجمات وقد كتب عنها الراحل إدوارد سعيد عام 1981 في كتابه الشهير "تغطية الإسلام" في وسائل الإعلام الأمريكية في فترة السبعينات والثمانينات. بل وهناك من كتب عن حالات سابقة لذلك بكثير في السينما الأمريكية منذ كانت صامتة.
وقد تعرضت أقليات كثيرة في أمريكا لأمثال هذه الحملات، خاصة الكاثوليك لدرجة أن الرئيس جون فيتزجيرالد كينيدي اغتيل لأنه كاثوليكي، وكان أول رئيس كاثوليكي الطائفة في تاريخ أمريكا. بل وتعرض اليهود أيضا لحملات مشابهة. وأحيانا أشعر أن الخوف من الإسلام في أمريكا الأن حل عند الأمريكيين محل الخوف من الشيوعية المتمثل في احتمال قصف السوففيت لأمريكا بسلاح نووي في فترة الحرب الباردة
وللأسف منذ أن تعرف الأزهر الشريف ورجاله على كتابات هؤلاء المستشرقين وما فيها من صور نمطية غير حقيقية عن الشرق، لم يتخذ أي خطوات ثابتة تشمل مشروعات لتعريف الغرب بالدين الإسلامي الحنيف وتصحيح الصور النمطية. بل إن هذه الخطوة يقوم بها أمريكيون أو أوروبيون ممن ولدوا في تلك البلاد ونشأوا  فيها مسلمين. وربما اكتفى الأزهر بذلك باعتبارهم من أبناء تلك البلاد ويعرفون أساليب حياتها وثقافاتها.
ولكن نسي الأزهر أن بعض هؤلاء لم تكن لغتهم العربية قوية بحيث تمكنهم من فهم الدين فهي لغة ثانية بالنسبة لهم. ويمكن ملاحظة ذلك في إجاباتهم عن أسئلة لا يستطيع أن يجيب عنها غير أساتذة الفقة والشريعة والحديث والتفسير.
حتى بعض أبناء الجيل الجديد من المسلمين الأمريكيين يشعرون بضيق لعجزهم عن الرد لعدم  معرفتهم بالاسلام كما ينبغي. ويخطئ علماء الأزهر والمسؤلون عنه إذا اعتقدوا أن دورهم في الغرب لا حاجة له. فكثير من المسلمين الذين هاجروا إلى أمريكا كانوا يركزون على كسب قوت يومهم ولم يكن لديهم وقت يكفي للتعمق في دراسة دينهم وتربية أبنائهم بقدر الإمكان على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف في مناخ غربي غير مسلم.
غض البصر في هذه الأمور وترك الساحة خالية في الغرب من جانب الأزهر الشريف إن جاز التعبير، أدى بالبسطاء في الغرب إلى تصديق كل ما يقوله المحرضون عن الإسلام والمسلمين وعن القرآن الكريم، وكانت الذروة أن دعا راعي كنيسة مشوش إلى حرق كتاب الله. في تلك الأثناء، كانت مصر منشغلة بقضايا ثانوية كادت تدفعها إلى فتنة طائفية وانشغل الشعب وتأخرت ردود الفعل العقلانية على دعوات حرق القرآن. 

فلا يجب أن يكتفي شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب، بتصريحات تدين تلك الدعوات وتشجب  الإسلاموفبيا (الخوف من الإسلام)، التي استعرت في أمريكا وأوروبا منذ فترة. بل يجب على لجنة المتابعة في الأزهر ان ترد على كل الادعاءات المغرضة التي تشكك في العقيدة والتي تتردد في أغلب الكتب والمقالات والبرامج التلفزيونة المحرضة المضللة عن الإسلام وهي تخص ما يقال زورا وعدوانا عن أن القرآن الكريم يدعو إلى القتل، (فهم يجتزؤن من الأيات ما يناسب أجندتهم)، أو أن الإسلام يبيح الكذب ويدعو الى ضرب المرأة واضهادها وحرمانها من التعليم وختان البنات وقتل الشرف. هذه بعض الاتهامات التي يروجونها يتعين على الأزهر أن يرد عليها ويتوسع في نشر صحيح الدين لدحض هذه الأكاذيب. كل هذا الخلط والتشويه يجد قبولا في الغرب في ظل الجهل بالإسلام ولأن الساحة خالية لهم!
يجب أيضا تصحيح وجهة النظر التي عبر عنها المستشرقون الذين نقلوا صورا مغلوطة عن العرب والإسلام في كتاباتهم وكتبهم التي لخصها الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف فى كتابه "الإسلام فى تصورات الغرب" عام 1987 بقوله إن "الكتابات الغربية عن الإسلام ونبيه تتراوح بين الجهل التام والمعرفة الموجهة، بين الإسفاف الشنيع والموضوعية النسبية."
كذلك يجب أن نأخذ في الاعتبار ونستفيد مما كتبه مسلمون غربيون من أمثال المفكر الفرنسي الراحل روجيه جارودي الذي تحدث في كتابه "حوار الحضارات" عن الاستعلاء الغربي والشعور بالتفوق العرقى والحضارى على العرب والمسلمين.
ويجب أن نضع في الاعتبار هذا التصور: إذا أنت لا تعرف شيئا عن شخص ما أو بلد ما، ففي الأغلب سوف تصدق كل ما يقال لك عنه إلى أن يثبت غير ذلك. والماكينة الإعلامية في الغرب تعمل بقوة ومنتشرة. وعندنا آلتنا الإعلامية أيضا لكنها تركز على العري والإثارة والتغييب والتسفيه والابتذال حتى في المناسبات الدينية وفي الأشهر الحرم تجدها تبث كل ما يثير الغزائز بغية الربح وجذب الإعلانات!

يبقى على الأزهر والدول العربية المسلمة التي تشيع فيها الفضائحيات وحوارات النميمية وحكاوي القهاوي لساعات طويلة ولا تهتم بتوضيح الصورة وتحسينها أن تدرس إطلاق مواقع جادة باللغة الانجليزية وبلغات أخرى أوروبية لتشرح للناس بلغة سهلة بسيطة أن الإسلام ليس كما يصوره المحرضون المغرضون المعادون له! كان لابد أن يطلق العديد من المواقع منذ سنين والوقت لايزال مناسبا فالأوان لم يفت بعد.
في الماضي كنا في القاهرة نعتمد على الإذاعات الموجهة على الموجات القصيرة وهو أول مجال إذاعي عملت به في مصر اوائل الثمانينات من القرن الماضي، القرن العشرين، أما الأن فالأزهر ليس بحاجة لإنشاء إذاعة على موجات الأثير خاصة في وجود الانترنت التي توفر له مجالا رائعا لتصحيح الصورة وتوصيل المعلومة بلغة بسيطة ميسرة ونشر التسامح.
الأن المسألة أسهل وأيسر بكثير حتى أن أي شخص مبتدئ مع الانترنت يمكنه إنشاء إذاعة عليها بسهولة أو على الأقل رفع ملفات صوت وفيديو على الانترنت بكل بساطة ليخوض حرب أفكار ويصبح له فرس في هذا السباق الطويل  لكسب القلوب والعقول.

الموقع الحالي للأزهر متواضع جدا ويكاد يكون بدائيا وبحاجة للكثير من التطوير ويجب أن يشمل الموقع رأي الأزهر في كل ما يخص قضايا الإسلام والمسلمين مع التركيز على النواحي الدينية ويجب أن يكون له موقف واضح في القضايا السياسية ايضا إذا دعت الضرورة. ويجب إعداد طلبة الأزهر لمواجهة أيام عسيرة في السنوات القادمة ولذلك بتدريس التفسير بلغات مختلفة بجانب اللغة العربية حتى يتمكنوا من التعامل مع غير الناطقين بالعربية




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :