الأقباط متحدون | حكايات الأساطير
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٣:١٥ | الجمعة ١٥ اكتوبر ٢٠١٠ | ٥ بابه ش ١٧٢٧ | العدد ٢١٧٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

حكايات الأساطير

الجمعة ١٥ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم :د.حمدي الحناوي
هل يستطيع الأفراد أن يحلوا مشكلات الوطن بدون مباركة من الدولة؟ ما دور الدولة إذن، وفيم وجودها؟ والمشكلات كثيرة وضخمة، تمتد من الفقر والغلاء إلى الجهل والعنف الدينى، وقد كان للدولة دور سلبي أدى إلى تفاقم تلك المشكلات، فهل بعد ذلك نعفى الدولة من مسئولياتها؟ كلا، لكننا نحتاج إلى دولة أكثر ديمقراطية وعدالة، فمن الذى يقيم تلك الدولة؟ المجتمع هو الذى يبنى دولته، والبناء معطل لأن مجتمعنا مفكك ومنقسم. لهذا أتحدث عن الأفراد، وأعتقد أن عليهم أن يصنعوا أولا مجتمعا موحدا ومتماسكا، لا تمزقه الانقسامات الدينية، ولا يؤرقه التعصب. وعندئذ فقط يمكن أن نأمل فى إقامة الدولة الديمقراطية العادلة، فهل يستطيع الأفراد أن ينهضوا بتلك المهام؟
هل يتغير المجتمع أولا أم الدولة؟ سؤال يبدو وكأنه يثير القضية الأزلية ماذا يجئ أولا، البيضة أم الدجاجة؟ ولكن بلغة الرياضيات يوجد متغير مستقل هو الذى يحرك المتغيرات الأخرى، ونسميها المتغيرات التابعة. وصانع المتغير المستقل كما أراه هو الفرد. يستطيع الفرد أن يتحرك وأن يتخلص من معظم القيود المفروضة عليه، ويستطيع أن يختار ما يفعله، وإن كان الاختيار صعبا فى مواجهة قوة الدولة. وصعوبة الاختيار تزين للناس أن يتصوروا أن الفرد العادى لا يستطيع أن يفعل شيئا. وهنا نستعيد حكايات الأساطير عن أبطال ذوى قوى خارقة، ينتصرون بضربة قاضية. وقد ارتبطت الأحلام منذ قرون بمثل هؤلاء الأبطال، لأنهم فى الحكايات ينتصرون للحق والعدل دون مساعدة من أحد، ولا يعرفون الفشل.
أى فشل تنسبه الذاكرة الشعبية إلى ضعف شخص ما أو جبنه أو خيانته، ويظل النجاح ينتظر بطلا لا يعرف الضعف أو الجبن ولا تهزمه الخيانة، أقرب لأن يكون مبعوثا إلهيا لا واحدا من البشر. ربما يرجع هذا إلى أننا ننهل منذ طفولتنا تراث منطقة كانت موطن الأنبياء، ونؤمن بأن السماء قادرة أن ترسل لنا البطل الذى ننتظره، مثلما أرسلت لنا الأنبياء من قبل؟ هذه العقيدة بين الناس تستدعى للعمل من يتحلى بروح المغامرة ويتقمص روح أبطال الأساطير.
ردا على ذلك اعتادت الدولة بدورها أن تقول لنا أن رئيسها هو القائد الملهم والبطل الذى لا بطل سواه. وبهذه الحالة الذهنية يتوقف كل شئ فى انتظار معجزة، ويظهر من آن لأخر صراخ المغامرين يظنون المغامرة إعلانا كافيا عن شجاعة يمكن أن تصنع المعجزة، مع أن القضية لا تحتاج إلى مغامرات. وسيظل الحال كذلك إلى أن يدرك الناس أنه لا يوجد بطل أسطورى، وأنهم بضعفهم هم الأبطال، وعليهم أن يخلصوا أنفسهم. وهم بالطبع يخشون الفشل، ولكنهم سيعرفون كيف يتجنبونه إذا تأكدوا أنهم لا بديل لهم غير جهدهم، وبعد أن يحققوا نجاحات صغيرة تغرس فيهم الثقة بما يفعلون. ومن المؤكد أن المشكلات الضخمة لا تهزمها ضربة قاضية، بل تحتاج إلى جهود ملايين الناس، جهود صغيرة وبسيطة لكن دءوبة، تتراكم فى النهاية لتصبح بناء ضخما لا يمكن هدمه.  
هكذا تبنى قوة المجتمع، كلمة السر، وهى بدورها تعيد بناء الدولة. ولا يعتمد ذلك على التمنى، بل تزرع مكوناته بذورا صغيرة. والبذرة التى يتعين أن نزرعها الآن هى كسر عادات وأفكار عشنا طويلا أسرى لها، باسم الأصالة والوفاء لوصايا الآباء. وحين نراجع أنفسنا، سنتعلم من ضعفنا أكثر مما نتعلم من حكايات البطولة الأسطورية. الضعف حكايتنا نعيشها كل يوم، وعلينا ألا نخجل منه، بل نرفع رءوسنا، ونتضامن معا ونحقق ملايين من إنجازات صغيرة، تتراكم لتحدث فى النهاية التحول الكبير.  




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :