- "الأردن" تقبل برقابة دولية على الانتخابات ومُراقب مصري يشيد بتمثيل المسيحيين والمرأة
- نشرة أخبار الأقباط متحدون 18 نوفمبر 2010
- "عبد الرسول" يتهم الحكومة المصرية بالتواطؤ فى أعمال العنف التي تستهدف الأقباط
- "نخلة" ممثلاً للأقلية المسيحية بـمصر بـ"الأمم المتحدة"
- الإخوان: "معًا سنغير ونحمل الخير"، وراضي يؤكد: "مع الإخوان لن يكون هناك خير"!
البابا كيرلس الرابع.. رجل وطني وديني من طراز فريد
بقلم: جرجس بشرى
لم تكن الدعوة التي أطلقها الزميل والباحث المصري "رامي عطا" في مقال له بصحيفة الشروق المصرية المستقلة ، بالاحتفال بمرور 150 عاماً على رحيل البابا كيرلس الرابع محض مصادفة ، بل كانت الدعوة نابعة من خلال الدور الجوهري الذي لعبه قداسة البابا كيرلس الرابع الملقب بــ "أبو الإصلاح " على الصعيدين الديني والوطني على حد سواء ، ومن يقرأ تاريخ وسيرة البابا كيرلس الرابع يدرك وللوهلة أن الرجل لا يجب ان يتوقف تكريمه على حد الاحتفال بذكراه فحسب ، بل يجب وينبغي أن يمتد إلى ما هو ابعد من ذلك بكثير ، كأن تقيم الدولة له متحفاً باسمه أو ميدان ، لكي تظل ذكراه وإسهاماته الوطنية وخدماته وإصلاحاته محفورة في نفوس المصريين ، ولكي يكون قدوة لكل مصري يريد أن يخدم وطنه ، ولكي يكون أيضاً دافعا لغيره للامتثال به والسير على نهجه
• مولده:
ولد هذا القديس عام 1816 م/ 1532 "للشهداء" بقرية نجح أبو رزقالي ،التابعة لـــ"الصومعة الشرقية" بأخميم بمديرية جرجا " حالياً محافظة سوهاج" ،وكان اسمه "داود بن توماس بن باشون بن داود" ، وكان أبوه رجلا أمياً ، ولكنه عني بتعليم ابنه حتى أصبح ملماً بالقراءة باللغتين "العربية والقبطية" وشيئاً من الحساب ، ولما كبر " داود" اختلط بالعريان المجاورين لقريته وتعلم منهم الفروسية وركوب الخيل والجمال ، وكان الشاب "داود "عفيفا ورعاً محبا للفقراء والمساكين ، وكانت له ميول نحو العزل والتفكير في سير وحياة القديسين .
• سيامته راهباً :
ولزهده في العالم قصد دير الأنبا انطونيوس ، وفي الدير سلك طريق الفضيلة والنسك ، ولنسكه وتقواه وورعه ألبسه القس "اثناسيوس القلوصني " لبس الرهبنة ، فدأب من ذلك الحين على الإطلاع والدرس
• سيامته قساً ورئيساً للدير:
بعد قضائه سنتين راهبا في الدير ، تنيح رئيس الدير ، فأتفق الرهبان على اختياره رئيسا للدير ، فقام البابا بطرس الجاولي بسامته قسا ً باسم "داود" ورئيسا للدير، وقد اهتم برعاية وخدمة الدير والرهبان اهتماما كبيرا ، وكان ذكيا وملما بالأمور والمسائل الدينية والعقائدية
• القس داود في مهمة للحبشة:
حدث أن نشب خلاف بين الأحباش في بعض المسائل والأمور العقائدية ، ولما علم بذلك البابا بطرس الجاولي استدعي القس داود وكلفه بالذهاب للحبشة لفض الخلاف ، وفي الحبشة قام القس داود بمهمته على أكمل وجه ، وعاد من الحبشة يوم السبت 13 يوليو 1853 م.
• رسامة القس داود بطريركا خلفا للبابا بطرس الجاولي:
بعد نياحة "وفاة" البابا بطرس الجاولي في 15 ابريل 1852 م ، اختلف الناس في اختيار خليفة له ، فالبعض اختار القس" داود " والبعض الأخر اختار "الأنبا يوساب " أسقف جرجا واخميم ، وهناك من رشح "الأنبا اثناسيوس" أسقف جرجا وأبو تيج ورأى انه أهلا لهذا المنصب ، إلا أن الآراء استقرت على رسامة القس "داود " مطرانا ، فتمت رسامته مطرانا باسم كيرلس عام 1853 م واستمر في هذه الرتبة لمدة سنة وشهرين اظهر خلالها حسن التصرف .
*إنجازاته وقت أن كان مطراناً :
بعد سيامته مطراناً بدأ في تنفيذ رؤيته ومخططه الإصلاحي ، فاهتم بنشر التعليم بين أبناء شعبه ، حيث كتب منشورا مطولا ينتقد فيه اسلوب ادارة الكتاتيب التي كان يديرها عرفاء فاقدوا البصر، وحث الاراخنة والمعلمين واصحاب الحرف للمساهمة في جمع المال لإنشاء المدارس النظامية لتهذيب البنين والبنات ، ونشر المعارف الصحيحة في كافة ارجاء البلاد ، فاستجاب الشعب لرغبته فانهالت عليه العطايا ، فبلغت قيمة التبرعات التي جمعها من اجل هذا المشروع وقتها ما قيمته "44106 قرشاً " ــ بحسب العملة التي كانت سائدة انذاك ، وكان اول عمل انجزه هو بناء المدرسة الكبرى للاقباط ، وكانت هذه المدرسة موجودة الى فترة وجيزة في فناء البطريركية القديمة بالدرب الواسع ، كما قام بشراء عدة منازل وقام بهدمها واقام على انقاضها مدرسة مسيحية ، فكان بناؤها مرجبا لاجماع الجميع على اختيارها بطريركا ، وقد تم بالفعل رسامته بطريركا باسم كيرلس الرابع في 28 بشنس 1570 ش /1854 م، وكان من انجازاته وقت ان كان مطرانا أنه منع الكهتة من عمل عقد املاك عند اجراء الخطوبة حتى تتاح فترة للخطيبين للتعارف ،كما حذر الكهنة من تزويج البنات القاصرات ،كما اشترط اخذ رضاء وموافقة الخطيبين قبل اتمام الاكليل المقدس ، كما حذر من تزويج النساء المترملات المتقدمات في السن من الشباب .
** انجازات بعد رسامته بطريركا للكرازة المرقسية :
بعد ان رسم بطريركا للكرازة المرقسية عكف على العمل الدؤوب لخدمة ابناء وطنه وكنيسته القبطية ، حيث قام بتنظيم ادارة البطريركية والاوقاف ، واتم بناء المدرسة" مدرسة الازبكية" ــ الاقباط الكبرىــ ، ليجعل التعليم في متناول الجميع بعد ان كان قاصرا على مدارس الدولة التي انشأها محمد على وكان قاصرة على أبناء المقتدرين والوجهاء ، كما قام بتوسيع مساحة هذه المدرسة لتتسع اكبر عدد من التلاميذ وقام بافتتاحها رسميا في حضور وجهاء الدولة عام 1855 م ، وكان يتكفل بكافة مطالب التلاميذ كدفع مرتبات المدرسين الذين اختارهم بعناية من المدرسين المهرة في تعليم اللغات الحية كاللغة العربية والانجليزية والتركية والايطالية والفرنسية ، كما كانت المدرسة توفر كافة البرامج التي تقدمها المدارس الحكومية / وجعل فيها الادوات المدرسية والكتب بالمجان .
كما جعل تعليم اللغة القبطية اجبارا مع الاشراف على ذلك بنفسه . كما انشأ أول مدرسة بمصر لتعليم البنات بحارة السقايين بالقاهرة، بعد ان كانت البنات تعاني من الامية والجهل
• ثمرات انجازات البطريرك في التعليم /
لقد اثمرت جهود الابا كيرلس الرابع في مجال اصلاح التعليم حيث انجبت المدارس التي اسسها كثير من الشخصيات والقيادات المصرية الملمة باللغات الاجنبية والعلوم ومن ضمن هذه الشخصيات منهم عبد الخالق ثروت باشا رئيس الوزراء في العشرينات من القرن الماضي، كما كلف البابا كيرلس الرابع احد قسوس الكنيسة الكبرى بالازبكية وهو القمص "تكلا" الذي كان يجيد الالحان بأن يختار من بين التلاميذ عددا من ذوي الاصوات الحسنة،لكي يعلمهم الالحان مع اعداد ملابس خاصة لهم ليقوموا بالخدمة في الكنيسة ، وعندما أنشئت مصلحة السكك الحديدية في مصر كان خريجوا هذه المدارس يعينون فيها كموظفين كما عمل بعضهم بالبنوك وعند التجار بسبب اجادتهم اللغات الاجنبية ، كما عني البابا كيرلس الرابع عناية بالغة باللغة القبطية واهتم باحياؤها فطبع منها الكتب ، كما انشأ حوالي 12 مدرسة منها مدرسة للبنات كما ذكرنا سابقا ، علم فيها المنزلي واعمال الخدمات الطبية و الدين والعلوم واللغات .
كما اهتم بترميم ما تحرب وتهدم من كنائس عبر علاقته بالخديوي سعيد باشا ، ولقد كان مبنى كنيسة البطريركية بالدرب الواسع بالازبكية ضيقا ، وهي الكنيسة التي بناها المعلم جرجس الجوهري وابراهيم الجوهري ، كما كانت مبانبها مهددة بالانهيار فقام بهدمها من اساسها ووضع لها تصميما يليق بكاتدرائية كبرى تليق بمركز الرئاسة الدينية ولكنه تنيح اثناء بنائها وقد اكمل البناء فيها خليفته الانبا ديماريوس الثاني . * البابا سؤسس مكتبة لحغظ الكتب الدينية الثمينة: كما اهتم قداستة بتأسيس مكتبة لحفظ الكتب النفيسة حيث وجد في دار البطريركية كثير من الكتب النغيسة المهملة فاصلحها ونظمها ووضعها في مكان خاص بها وجمع من الاديرة السجلات والكتب الثمينة ووضعها في هذه المكتبة ، كما امر بتصحيح كثير من الكتب الكنسية حيث كانت تضم كثيرا من الحشتاوي والتخاريف فامر بتصحيحها وضبطها. * تأسيس المطبعة:
عندما انتظمت مدارس النين والنات التي اسسها البابا كيرلس الرابع وجد ان هناك ضرورة لانشاء مطبعة تتولى طبع الكتب المدرسية وما تحتاج اليه الكنيسة من الكتب الدينية على مختلف انواعها فكلف صديق له يدعى "رفلة عبيد الرومي"بشراء مطبعة من اوروبا،فاشترى له مطبعة من ايطاليا .
• اصلاح الاديرة والاحوال المعبشية :
اهتم البابا كيرلس الرابع بتوسعة الاديرة واصلاحها كدير السريان ، كما اهتم باصلاح الاحوال المعيشية للكهنة وعين لهم مرتبات شهرية، وأنشأ مدرسة اكليريكية .كما كان لا يسمح بخروج الراهب من ديره الا عند الضرورة
• البابا كيرلس الرابع والمرأة:
اهتم البابا كيرلس بالبنات وتعليمهم بعد ان كن مهملات وجعلهن متساويات بالرجال ، وقد حذت الحكومة حذوه واسست مدارس لتعليم النات ، كما لم يسمح بالطلاق الا لعلة الزنا كقول الانجيل ،واوصى بعدم التفرقة بين الذكر والانثى في الميراث .
*البابا كيرلس الرابع يقنع الحكومة باستعمال التاريخ القبطي :
استطاع البابا كيرلس الرابع اقناع الحكومة باستعمال التاريخ القبطي كما اكد على ذلك صاحب كتاب " التوقيعات الالهامية " في ابتداء 21 شوال سنة 1217 هجرية استعملت التواريخ القبطية بحسابات مصر" أي من اول ابيب 1517 للشهداء الموافق 7 يوليو 1855 وبقى مستعملا الى ان ابدل بالتوقيت الافرنجي من اول ديسمبر 1875 م
** ابو الاصلاح في مهمة وطنية للحبشة:
وقع في أيام البابا كيرلس الرابع خلاف بين الحكومتين المصرية والحبشية بسبب تعيين الحدود بينها، وقيل أن السلطان عبد المجيد العثماني هو الذي أوعز إلى سعيد باشا خديوي مصر بأن يرسل بطريرك الأقباط إلى البلاد الحبشة لعقد اتفاق بينه وبين"تيودور "ملك الحبشة الذي كان قد تعدى على بعض نقاط الحدود في إقليم "هرر "،وحدثت مشاكل للتابعين في ذلك الوقت للحكومة المصرية العثمانية، فجهزت له باخرة، وقام البابا كيرلس الرابع بهذه المهمة السياسية بدون أن يدرى به أحد إلا الذين رافقوه في السفر وبعض خدامه،.
** نياحته:
تنيح البابا كيرلس الرابع في ليلة الأربعاء 23 طوبة 1577 ش / 1861 م ودفن بقبره الذي كان قد بناه لنفسه بالكنيسة الكبرى، بعد أن قدم للكنيسة ولمصر كل هذه الأعمال الجليلة والإصلاحات الكبيرة ومن ثم دعي (أبو الإصلاح).
• المراجع:
ــ السنكسار
ــ تاريخ الطاركة في الكنيسة القبطية موقع القديس تكلا على الانترنت .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :