بقلم : ميخائيل حليم
تاتى الرياح بما لا تشتهى السفن هكذا يكون الحال عندما يتم التخطيط والاعداد لشىء ما لتسير الامور بطريقة معينة  لتأتى النتائج بعكس ما تم الترتيب اليه كمن ينفخ فى النار ليطفأها فيفاجىء انها تزداد اشتعالا
ولعل القرارات السياسية لها نصيب من ذلك رغم الحنكة السياسية لصانعيها الا انها قد تأتى بنتائج عكسية بغير ما رمت اليه
ومن الطرائف السياسية حينما تم اطلاق عبارة نكسة 1967 لتعبر عن الموقف العسكرى  للجيش المصرى فى مواجهته مع الجيش الاسرائيلى ولم يتم استخدام لفظ هزيمة للتقليل من حجم الكارثة حيث ان لفظ هزيمة يعنى انتصار الجيش الاسرائيلى على الجيش المصرى رغم ان هذا هو ما  حدث بالفعل
ومن البديهى  ان الهزيمة لا تعنى انها مطلقة ولايوجد مانع من استخدام هذا اللفظ ومن الجائز ان تتحول الهزيمة الى انتصار فى وقت لاحق ولكنهم فضلوا ان يستخدموا لفظ بديل اخف فى المعنى وهو نكسة وتعنى ان الحال عاد كما كان عليه قبل المعركة
ولكن الشعب كان على علم بحجم الكارثة ونتائجها وما ترتب عليها وخصوصا بعدما تمت صدمته بسبب اخبار النصر الكاذبة التى كانت تبثها وسائل الاعلام المحلية فارتبط معهم ان مفهوم النكسة انها هزيمة ساحقه وانهم لم يستخدموا كلمة هزيمة لان الحال اصعب من الهزيمة بكثيير ولذلك اختاروا كلمة نكسة وبهذا تم قلب معانى المعجم اللغوى ولكن فى النهاية فهمت النكسة على انها هزيمة ساحقة
ونجد ايضا بعد العبور العظيم فى حرب اكتوبر عام 1973 وتحطيم القوات المصرية  لخط بارليف رغم حصانته وبعد ذلك انتشار القوات المصرية فى الضفة الشرقية فى حدود من 5-10 كيلومترات شرق القناة  فى مواجهة العدو الاسرائيلى
مما ترتب عليه من رفع معنويات الجيش المصرى وكسر كبرياء وغطرسة العدو الاسرائيلى وهدم اسطورة الجيش الذى لا يقهر وبهذا تكون قد تحققت الخطة العسكرية الموضوعة قبل بداية الحرب بما يتناسب مع امكانيات الجيش المصرى وقت ذاك
ليأتى القرار السياسى بتوسيع الهجوم والتقدم فى عمق سيناء وعدم الاكتفاء بالمحافظة على ما وصلت اليه القوات المصرية وحشد كل الفرق المضرعة فى سيناء وترك غرب القناة دون اى فرق مضرعة لرد اى هجوم من قبل العدو
وكان لقرار التوسع فى الهجوم  خلق حالة من الارتباك فى صفوف الجيش المصرى  وسهل للعدو عمل مصائد له وكبد الجيش المصرى خسائر جثيمة وبعدها تولدت ثغرة الدفرسوار وعبور عدد من الالوية المضرعة ودخولها مدينة السويس وحصار الجيش الثالث شرق القناة مما جعل الريح اتت بما لا تشتهى السفن مما اثر على الموقف القتالى للجيش المصرى
 وكان الحل الوحيد هو اللجوء للمفاوضات الدولية وتدخل دول خارجية مثل روسيا وامريكا واستغلال صراعهما لزعامة العالم والمرتبط بالصراع بين مصر واسرائيل  مما ادى  الى التوصل لاتفاق بشأن وقف اطلاق النار
و ايضا من المؤسف ان قرار السادات بالافراج عن المعتقلين التابعين للجماعات الاسلامية وتشجيعة لنمو هذه الجماعات قناعة منه انها ستساعده فى القضاء على الشيوعية وباعلانه انه رئيس مسلم لدولة مسلمة انها ستكون سندا له وسوف تسير فى نهجه حتى اطلق لها العنان  لتتماسك وتقوى شوكتها وحينما بلغت ذلك كان هو اول هدف لها فقامت باغتياله فى حادث المنصة الشهير لازاحته وتولى حكم مصر ولكن الجيش استطاع السيطرة على الموقف وافسد خطتهم
وبالنسبة لقرار اقالة ابراهيم عيسى سواء كان قرار داخلى من المالك الجديد لجريدة الدستور لكسب ود النظام فى هذا التوقيت لعقد صفقات سياسيه لزيادة مقاعد حزب الوفد فى مجلس الشعب
 اوكان قرار له ابعاد سياسية ابعد من ذلك كما اشار عيسى ان قلمه الحر واصطدامه بالنظام الحاكم هو سبب اقالته ووقف برنامجه على احدى الفضائيات لابعاده عن الحديث عن تزوير الانتخابات المقبل وقضية التوريث
 فى كلتا الحالتين كان الهدف من اقالته وايقاف برنامجه هو عزله عن وسائل الاعلام وعدم توصيل صوته وارائه لقراءه ومشاهديه
 ولكن بمتابعتنا للاحداث من يوم اقاله عيسى وجدنا ان عيسى بسبب هذه الاقالة المفاجئة والغير مبرره قد تحول الى بطل قومى يقول الحق بشجاعه ولا يحابى احدا يمارس واجبه المهنى بشرف وامانه
 وقد تمت استضافته فى عدة قنوات فضائية داخل مصر وخارجها وقد وصل صوته وشهرته داخل مصر وخارجها وقد ادانت عدة وسائل اعلام عالمية قرار اقالته واعتبرتها قرار لقمع الاعلام الحر فى مصر
وقد عبر عدد كبير من المثقفين عن استيائهم الشديد من هذا القرار الغير مبرر ومنهم من استقال من حزب الوفد اعتراضا على هذا القرار مثلما مافعلت الدكتورة اجلال رافت من جميع مناصبها فى حزب الوفد كما قدم الشاعر احمد فؤاد استقالته من حزب الوفد وكذلك اعتذر  الكاتب الكاتب عمرو الشوبكى عن عدم الكتابة مجددا فى جريدة الوفد اعتراضا على القرار ذاته وتضامن معه نخبه من السياسيين ومنهم عصمت السادات الذى قدم عرضا لشراء جريدة الدستور للابقاء على عيسى ومنهم الفنانين مثل الفنان فاروق الفيشاوى الذى اعلن تأيده التام لعيسى وغيرهم الكثيرين
 وايضا المشهد يرصد الموقف الشجاع لصحفيو الدستور الذين اعلنوا ان ابراهميم عيسى مازال رئيس تحريرهم على الاقل من خلال الموقع الالكترونى لجريدة الدستور الذى تمكنوا من السيطرة التامة علية وانه اصبح نسخة مختلفه عن الجريدة المطبوعة وليس من المستبعد فى الفترة القادمة ان يتقلد عيسى احد المناصب الاعلامية الكبيرة داخل مصر او خارجها
ومتابعة تابعيات تلك الاقالة المفاجئه وما ترتب عليه من نتائج راودنى تسأول هل شعبية عيسى من متابعيه ومحبيه تأصرت من قرار الاقاله؟  وهل سيقصف قلمه ويخفت صوته ؟