- الموز علينا حق
- "جينا الريحانى": أحب مشاهدة "لعبة الست" لأن والدي فى هذا الفيلم يظهر بشخصيته الحقيقية
- عقوبة الإعدام.. هل تحقق الردع المطلوب للمجرمين؟؟
- "عبد الرسول": مدنية النظام السياسي المصري هي حائط الصد ضد وصول الإخوان المسلمين للحُكم
- المصريون بالخارج يرحبون بإعلان «عائشة» اتجاه الحكومة لمنحهم حق التصويت فى الانتخابات الرئاسية
أعدوا طرق الرب
بقلم: القمص أفرايم الأورشليمي
"صوت صارخ في البرية. أعدوا طريق الرب. قوِّموا في القفر سبيلاً لإلهنا" (أش (40: 3، الصوت النبوي منذ ما يزيد عن ألفي عام، بدأ "يوحنا المعمدان" رسالته النبويه صارخـًا داعيـًا إلى التوبة، ورفع الظلم عن المظلومين، وقد كان "هيرودس" وأعوانه قد قسوا النير على الشعب بالظلم والفساد الإداري، والعشارون ظلموا الفلاحين والعمال بثقل الضرائب، والكتبة والفريسيون حمـَّلوا الناس أحمالاً عثرة بالحرفية المقيته، والكهنة أصبحوا عثرة للناس بريائهم وتعشيرهم كل شيئ؛ حتى "النعنع والشبث والكمون. وتركوا أثقل الناموس. الحق والرحمة والإيمان".
حتى الجنود ورجال الشرطة ظلموا الناس وأخذوا يشوا بالفقير ويحابوا الغني، وأصبحت الجاسوسية منتشرة، وأهل الثقة والمقربين من الحكام والرومان ذوي سطوة وسلطان، وانتشرت الإباحية والفساد الخلقي في المجتمع، وصرخ الناس من أجل العتق من نير العبودية والخطية والشيطان والسلطان الجائر.
ووسط هذا الجو ظهر مَن يريد أن يُحدِث التغيير في قلوب الناس وتصرفاتهم، وفي المجتمع بأسره، جاء "يوحنا المعمدان" السابق والصابغ والشهيد؛ "فلما رأى كثيرين من الفريسيين والصدوقيين يأتون إلى معموديته قال لهم: يا أولاد الأفاعي. مَن أراكم أن تهربوا من الغضب الأتي. فاصنعوا اثمارًا تليق بالتوبة. ولا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم لنا إبراهيم أبـًا. لأني أقول لكم إن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولادًا لإبراهيم. والآن قد وُضعت الفأس على أصل الشجرة، فكل شجرة لا تصنع ثمرًا جيدًا تـُقطع وتـُلقى في النار. أنا اعمدتكم بماء للتوبة. ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني. الذي لست أهلاً أن أحل سيور حذاءه. هو سيعمدكم بالروح القدس ونار" (مت3:7-11(.
تقاطرت الجموع إلى البرية لتسمع منه، وقد تأثرت بمنظره ونسكه وزهده، وسأله الجمع قائلين: فماذا نفعل؟ فأجاب وقال لهم: مَن له ثوبان فليعطِ مَن ليس له، ومَن له طعام فليفعل هكذا، و جاء عشارون أيضـًا ليعتمدوا فقالوا له يا معلم ماذا نفعل؟ فقال لهم: لا تستوفوا أكثر مما فـُرض لكم، وسأله جنود أيضـًا قائلين: وماذا نفعل نحن؟ فقال لهم: لا تظلموا أحدًا ولا تشوا بأحدٍ واكتفوا بعلائفكم" (لو10:3-14).
"يوحنا" ومجتمعنا اليوم.. نعم يا أعزائي.. ما أحوجنا إلى هذا الصوت النبوي في مجتمعنا اليوم، نحتاج لمَن يمهد طريق الرب، لا بالقول فقط لكن بالفعل والحياة، نحتاج إلى القدوة الصالحة، والنفس العفيفة والروح القوية الحكيمة التي لا تخاف أحدًا، ولا تخشى في الحق لومة لائم، نحتاج إلى مَن يدعو إلى التوبة ورفع الظلم وإيقاظ الضمير، ولمَن يعد الطريق للمجئ الثاني لرب المجد "يسوع المسيح"؛ نعم هناك حاجة.
لم يختفِ ويظهر الله في أعماله وأقواله وحياته مَن يقول: "ينبغي أن هذا يزيد وأنا أنقص" (يو3: 30)، إن سر نجاح الخادم هو تواضعه ومحبته لله، وكل عمل نعمله حبـًا في الظهور نكون قد أخذنا أجره، وكل عمل خالٍ من المحبة الصادقة يكون كالقش الذي يـُحرق سريعـًا بالنار؛ فالله محبة، ومَن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه.
العدل والرحمة والإيمان أن الله عادل ويحب العدل ويرفع الظلم، وإن كنا نرى الظلم أمامنا فلا يجب أن نسكت، بل نصرخ إلى رب القوات ليرفع الظلم والظلمة، ونقول الحق في حكمة ودون نفاق؛ حتى مع المنافق الآفاق، "إن رأيت ظلم الفقير ونزع الحق والعدل في البلاد فلا ترتع من الأمر، لأن فوق العالي عاليـًا يلاحظ، والأعلى فوقهما" (جا5: 8).
إن الله يريد منا أن نرفع أصواتنا ليسمع صراخنا؛ "حتى بلغ إليه صراخ المسكين فسمع زعقة البائسين". (أي 34: 28)، فلم يضع دم "القديس يوحنا" هباءًا، بل ارتوت الأرض بدمه الطاهر معلنه لله ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، وبلغ عنان السماء ليستريح مع القديسين وهو يصرخ في وجه "هيرودس" الظالم: "لا يحل لك أن تكون لك امرأة أخيك" (مر6: 18).
إن دماء "القديس يوحنا المعمدان" عجلت بنهاية الظالم المريعة والقاسية، وهكذا في كل زمان يريد الله مَن يقول الحق ويحكم بالعدل؛ فإلى الحكام والقضاة نقول: "افتح فمك. اقضِ بالعدل وحامِ عن الفقير والمسكين" (أم 9: 31)، نحن نحتاج إلى الصوت النبوي حتى مجئ الحاكم الديان العادل الذي: "يقضي بالعدل للمساكين، ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض، ويضرب الأرض بقضيب فمه، ويميت المنافق بنفخة شفتيه" (أش 4:11).
نحتاج إلى أن نكون رحماء على الجميع في مجتمع يسوده الفقر والجوع، وارتفاع التضخم إلى مستويات جعلت الملايين من الأسر ترضخ تحت ثقل الحاجة؛ فمَن له ثوبان فليعطِ مَن ليس له، ومَن لديه الطعام فليفعل ذلك، وهذا هو المقياس الذي به نرث الملكوت في ذلك اليوم العظيم.
"ثم يقول الملك للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم. لأني جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني، كنت غريبـًا فآويتموني، عريانـًا فكسوتموني، مريضـًا فزرتموني، محبوسـًا فأتيتم إليَّ، فيجيبه الأبرار حينئذ قائلين: يا رب.. متى رأيناك جائعـًا فأطعمناك؟ أو عطشانـًا فسقيناك؟ ومتى رأيناك غريبـًا فآويناك؟ أو عريانـًا فكسوناك؟ ومتى رأيناك مريضـًا أو محبوسـًا فأتينا إليك؟؟ فيجيب الملك ويقول لهم: الحق أقول لكم.. بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم" (مت34:25-40)، وطوبى للرحماء لأنهم يـُرحمون.
لقد خلـَّد لنا تاريخ الكنيسة منذ عصر "يوحنا المعمدان" وللآن أسماء اشتهرت بالرحمة وعمل البر ينبغي لنا أن نقتدي بها حبـًا في مَن أحبنا، نحتاج إلى مَن يشعل الفتائل المدخنة ويضئ الشموع وسط الظلام، ويقوي إيماننا بالله ومحبتنا له، ويحذر البعيدين ويرد الضالين، ويكون قدوة للكثيرين؛ "لكن متى جاء ابن الإنسان ألعله يجد الإيمان على الأرض" (لو 8: 18).
نحتاج إلى رجال الإيمان لينيروا لنا الطريق ويلهبوا القلوب ويعزوا صغيري النفوس، الذين يبتعدون عن الله والكنيسة، نحتاج لمَن يفتح عيوننا على وجود الله في حياتنا فنطمئن ونحيا في سلام "المسيح"، الذي يفوق كل عقل ليحفظ قلوبنا وأرواحنا وعقولنا ويقينا أمراض النفس والجسد.
ولهذا فنحن نصرخ إلى رب الحصاد "أن يرسل فعلة إلى حصاده" (لو2:10)، إننا نضع ثقتنا في رب الحصاد وراعي الرعاة الأعظم، الذي جاء لتكون لنا حياة أفضل، وهو قادر أن يقود الكنيسة رعاة ورعية، ويعمل في مجتمعنا وعالمه من أجل خلاص ونجاة كل أحد
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :