الأقباط متحدون | تعقّيبًا على اتهامات البعض.. وظلم ذوي القربى
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢١:١٨ | السبت ٣٠ اكتوبر ٢٠١٠ | ٢٠ بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٩١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

تعقّيبًا على اتهامات البعض.. وظلم ذوي القربى

السبت ٣٠ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: نبيل شرف الدين
عزيزي السيد صموئيل بولس عبد المسيح.. المحترم
قرأت ردودك بكل تمّعن، وأعدت قراءة مقاطع منها، وقررت الرد عليك مع أني لا أحبذ فكرة الاشتباك مع القراء لاحترامي لتنوع مشاربهم و"هواجسهم" ربما لأننا جميعًا تربينا على "نظرية المؤامرة"، ورضعناها مع حليب أمهاتنا، لذلك تظل تسكننا بدرجة أو أخرى.
لكن ما دفعني إلى الردّ على تعليقك، ووصفك لي بعبارات من نوع: "قُفاز ناعم".. و"ضابط أمن الدولة" وغيرها، ليس لرغبتي في أن تُغير رأيك في شخصي المتواضع، فأنت حرّ أن تراني كما يحلو لك، "قفازًا" أو حتى "منشفة حمّام"، لكن ما يعنيني هنا هم كل الأخوات والإخوة الكرام من رواد هذا الموقع المحترم، الذي اعتبر نفسي من متابعيه منذ انطلاقته الأولى حتى اليوم.
وبداية فإن مقالي الذي حمل عنوان "تيجي نروح إسرائيل" ليس دعوة للتخلي عن بلدنا الأم، ولا حتى عن قضايا المظلومين هنا وهناك، حاشا لله، لكنه مما يوصف ـ مهنيًا ـ بـ"الكوميديا السوداء"، أو "الفنتازيا السياسية" التي تسعى لتصوير الواقع الراهن بطريقة مختلفة عن تلك المعالجات التقليدية من طراز "وأظن .. وأعتقد، وينبغي ومعرفش ايه" من هذا اللغو الفارغ الذي أصبحنا نقرؤوه في كل مكان حتى مللناه، ولو كنت تتابعني ـ كما تفضلت وأشرت إلى ذلك ـ لعرفت أنني لست ممن يغردون إلا خارج السرب دائمًا.
أما بالنسبة لتلميحاتك بأنني "قفاز ناعم" للنظام، فدعني أسألك بوضوح وبساطة:

ـ هل يمكنك أنت شخصيًا تكون داخل مصر ـ مثلي ـ وتنتصر دائمًا وبشكل محسوم وقاطع لا لبس فيه لمظلمة أهلنا المسيحيين كما فعلت أنا، ومنذ أكثر من عشر سنوات، والشهود أحياء، وكنت أول من يكتب في هذا الشأن ودفعت فاتورته "غالية" ولم أزل، وأنا في حلً من الخوض في تفاصيل هذه الفاتورة، لأني انتصر لمصر ولكل المصريين، إيمانًا راسخاً مني بأن الدولة الحديثة المحترمة هي "دولة المواطنين"، وليست "دولة المؤمنين"، ولا جمهورية الطوائف، ولست مسكونًا بعقدة الطائفية كالبعض في الجانبين.

ـ ثم تعال هنا أجبني: لماذا لم يكافئني النظام بمنصب في صحيفة أو تلفزيون أو إذاعة أو أي شئ، فرغم أنني أنتمي مهنيًا لصحيفة "الأهرام"، التي أعمل رسميًا بها منذ احترافي الصحافة عقب استقالتي "الطوعية" من الشرطة؟

ـ لماذا تحاسبني على أنني كنت في مطلع حياتي "ضابط شرطة"؟، وهل هذه تهمة أخلاقية بالأساس؟، أليس لك أقارب أو أصدقاء يعملون في الشرطة، وهل كل هؤلاء "عملاء" و"قفازات" ؟، وألا يُحسب لي أنني قررت الاتساق مع نفسي والاستقالة من العمل في وزارة الداخلية، مع أني كنت ضابطًا ناجحًا وفي موقع مرموق، يحلم به آلاف الضّباط في مصر، المسيحيون والمسلمون.

ـ هل ترى أن من أنعمت عليهم الحكومة بمناصب رئاسة التحرير ومجالس الإدارة والهيئات التلفزيونية وغيرها، أكثر كفاءة مني "مهنيا"، ودعني لا اسميهم صراحة، لأن لديّ ما يكفي من الخصومات في كل اتجاه، لكن تأمل اسماء هؤلاء الذين أسبغت عليهم السلطة بالمناصب والعطايا، بينما أعمل دائما لدى مؤسسات صحفية أجنبية وعربية، ولم تعد تتسع لي أي صحيفة، حتى مقالي الأسبوعي في "المصري اليوم" أوقف بقرار لا أعرف ملابساته، ولم أحصل على أجري من كتابة مقالات لبضع سنوات.. ظللت أكتب خلالها مجانًا لوجه الله والوطن، مع أني صحفي محترف ليس لي مصدر رزق آخر، فلا أمتلك مثلاً محلا لبيع الموبايلات في "شارع عبد العزيز".

ـ يا سيدي كم من "شهادات حسن السير والسلوك" تريدها مني بعد كل هذه الفواتير الثقيلة التي دفعتها ومازلت أدفعها، لانحيازي لما أراه الحق والعدل، وحتى لو جانبت بعض تقديراتي الصواب، فأنا بشر ولست نبيا ولا قديسا، ولا أزعم ذلك، أنا مجرد مواطن من أبناء الطبقة الوسطى الذين لا يملكون سوى جهدهم يعولون عليه في معركة الحياة، وفي ظل ظروف ضاغطة تشهدها مصر في هذه المرحلة العصيبة.

ـ عزيزي صموئيل: صدقني لقد شعرت بمرارة تُعكر النيل حينما قرأت تلك الصفات التي ألقيتها في وجهي كالمقدم.. وضابط الأمن .. والقفاز الناعم وغيرها من جانب رجل مثلك، فإذا لم تكن داعمًا لي في معاركي مع المتطرفين هنا وهناك وغيرهم مع القومجية والفاسدين والمستفيدين، فعلى الأقل لا تشاركهم في إلقاء مزيد من الأحجار على جثتي.. فقد تكسرت النصال على النصال.
يا سيدي ليس لك مني إلا ما أكتبه وأقوله على الملأ في عشرات المقابلات التلفزيونية، هذا هو ما يمكنك أن تحاسبني عليه.. أما أن تتطوع بوسمي بكل هذه الأوصاف الظالمة، وتفتش في ضميري.. فهذا هو نفس منطق المتطرفين الإسلاميين.. وليس أمامي سوى أن أشكوك لربّ عادل.. سيحاسبنا جميعا ذات يوم.. رب كل البشر.

أخيراً وبكل تواضع أؤكد لكم ولكل الأصدقاء أن أحجارك هذه ـ على قسوتها ـ لن تكون سببًا للتراجع عن موقفي المؤيد والمناصر لحقوق أهلي من المسيحيين والمسلمين واليهود والبهائيين وكل المصريين ـ بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو المذهبية ـ فهذا يقين راسخ في أبعد نقطة من ضميري ولن يتبدل حتى تتبدل الأوضاع، أو نلقى جميعا ربًا كبيرًا عالمًا بحالنا، وما نُخفي وما نعلن، وهو الذي سيفصل بيننا، لأنه يعرف كل الحقيقة، وعلى فكرة، هذه المسألة تحديدًا ـ أقصد الضمير الإنساني ـ هي جوهر الإيمان بأي فكرة أو معتقد، لأن الضمير هو الذي يميزنا كبشر عن القردة والحيوانات الأخرى، والتاريخ الإنساني كله هو قصة طويلة اجتهدت فيها الأمم نحو "صناعة الضمير".

وفي الختام.. أشكرك بكل صدق لأنك تهتم بما أكتب رغم ما بدت من "هواجس" و"توجسات" داخلك تجاهي، لكن أرجوك ألا تتبنى آراء الآخرين في أي شخص، قبل أن تعرفه وتلامس روحه وتقف على تضاريسها، فعقولنا أثمن من أن نسلمها لمخلوق، بل علينا استخدامها بأنفسنا حتى لا نقع في نفس خطيئة المتطرفين والإرهابيين، الذين يُكفرون خلق الله، وينصبون أنفسهم أوصياء عليهم، وأن نكون منصفين سواء في محبتنا أو عدمها، لأن العدل هو القيمة الأساسية العليا التي تصنع الحضارات، وتُعلي شأن الأمم.
والله المستعان




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :