يطالب بتشديد مراقبة التطرف وإصدار قانون لمكافحة الإرهاب
تقرير: إسحق إبراهيم – خاص الأقباط متحدون
تقرير حقوقي وجود بؤر إرهابية نائمة وخاملة تنتظر الفرصة المناسبة لتبث سمومها، وطالب بزيادة المراقبة على مواقع التطرف والإرهاب التي تدعو وتساعد على صنع متفجرات على الإنترنت والسيطرة على هذه المواقع الخطيرة، والإهتمام بوضع أجهزة أمنية حديثة وخاصة كاميرات المراقبة ورصد أي فعل إجرامي قبل حدوثه وإمكانية السيطرة عليه من جانب الأمن المصري في جميع الأماكن والمزارات السياحية، وإصدار قانون مكافحة إرهاب جديد يتصدى للإرهاب مع الحفاظ على الحريات العامة وحريات الإفراد وحقوقهم معاً, لكي لا نكافح الإرهاب ونقضي عليه مقابل أن نقضي على حريات الأفراد والتعدي عليها وانتهاكها، وكذلك التصدي لمحاولات الإرهاب العشوائي وزيادة التوعية في الإعلام المصري بخطورة الإرهاب على المجتمع ككل.
وجاء في تقرير مركز ماعت للحقوق الحقوقية والدستورية أنه فجأة عادت الغربان السود تطل برأسها من جديد لتنشر الخوف والإرهاب بعد أن اختفت فترة طويلة وبالتحديد منذ آخر حادث إرهابي في عام2005، وقال التقرير في إشارة إلى حادثة الحسين الأخيرة: ربما يكون مرتكبوا تلك الجريمة مجموعة ضالة عشوائية, وربما يكون وراءها مجموعة منظمة, وإن كان الإحتمال الأول هو الأغلب إلا أنه في كل الأحوال تظل المشكلة قائمة وهي وجود خلايا إرهابية نائمة, وتربة رطبة عفنة تسبح فيها الجراثيم والحشرات, وتنتظر الفرصة المواتية لتعيث في الأرض فساداًً, وتنشر الخراب والدمار, وهو ما يحتاج إلى اليقظة الكاملة لمحاصرة تلك البؤر السرطانية ووأدها قبل أن تنفجر وتنشر رذاذها اللعين، لم يفرق الإرهاب بين الأجانب والعرب والمواطنين, فالكل في الهم سواء.
وأضاف المركز: صحيح أنه من المستحيل قطع دابر الإرهاب بنسبة 100% في أي مكان في العالم, غير أنه تبقى ضرورة اليقظة الكاملة والحذر الدائم لمنع تلك الحوادث المشئومة, ومن الظلم أن يتحمل الأمن المسئولية كاملة وحده, وإن كان يتحمل الجانب الأعظم, لذلك فمن الضروري أن تكون هناك خطة دائمة وإستراتيجية معلنة تتكاتف فيها كل الأجهزة لمحاصرة الإرهاب وتجفيف منابعه بدءاً من رجال الدعوة الإسلامية (الأزهر ـ والأوقاف), ومروراً بحملات التوعية في وسائل الإعلام, حتى وإن كانت في شكل حملات إعلانية مصنوعة بدقة وبحرفية إضافة إلي أجهزة السينما والمسرح وكذلك الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني, وقبل هذا وبعده يقظة أمنية كاملة بعيدة عن الاسترخاء لمواجهة أية ظروف واحتمالات، نشر قيم التسامح والاعتدال ومطاردة التطرف والإرهاب, يجب ألا يكون مجرد رد فعل لحادث طائش أو مدبر بدقة وإنما لا بد أن تكون هناك إستراتيجية دائمة تتبع رئاسة مجلس الوزراء لنحافظ على ما تحقق من نجاحات خلال الفترة الماضية, ونحاصر الغربان في كل مكان في المستقبل القريب أو البعيد.
حول الحاجة إلى قانون جديد لمكافحة الإرهاب؟ أشار التقرير إلى اختلاف وجهات النظر، فهناك من يرى أن خطر الإرهاب ما زال قائماً وأن القوانين القائمة لا تكفي في حالة إلغاء حالة الطوارئ لمكافحة الإرهاب وأن هناك إمكانية من تحقيق توافق بين هذا القانون والحريات العامة وحقوق الإنسان مع التسليم بإمكانية التضحية ببعض جوانب الحريات في حالة الضرورة، بالمقابل هناك رأي آخر يري أن الحوادث الإرهابية الأخيرة لا يمكن اعتبارها عودة لظاهرة الإرهاب التي روعت مصر في الفترة من 1981 وحتى 1997, وأن الترسانة القانونية القائمة في مصر خاصة القانون رقم 97 لسنة 1992 بتعديل قانون العقوبات وقانون محاكم أمن الدولة وقانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات والقانون 145 لسنة 1954 وقانون الأحزاب تكفي وزيادة لمواجهة الإرهاب في حالة إلغاء حالة الطوارئ المعلنة في مصر منذ أكثر من 27 عاماً حتى الآن.
ولن يكون الحادث الأخير لأن مصر دولة عربية وضعت تحت الأعين لعدة أسباب أهمها الريادة في حمل أعباء الدول العربية التي تعاني من أزمات خاصة بدفاعها عن استقلالها وتتحمل مصر دور الدفاع عنها والسعي لإيجاد حل تحصل به الدول على استقلالها أو الحفاظ على أرواح الأبرياء من خلال ممارستها دور الوسيط بين الدول التي تسود بداخلها خلافات سوء كانت داخلية أم خارجية.
إن مواجهة الإرهاب لا تكون بالأمن والقانون فقط وإنما تحتاج إلى مواجهة شاملة تجتث العوامل المساعدة على ظهور الإرهاب وتصاعده, سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو ثقافية أو تعليمية أو إعلامية، وإن الدول الديمقراطية التي أصدرت قوانين مكافحة الإرهاب حرصت على حماية الحريات ومبادئ حقوق الإنسان, وكانت القيود المفروضة فيها تتعلق بغير مواطني الدولة أساساً, وبالنسبة لمصر تحديداً فالقانون القائم 97 لسنة 1992 ومشروع القانون الذي تجري صياغته حالياً يتصادم بعنف مع جميع الحقوق الأساسية للإنسان والحريات العامة, ويقدم تعريفاً للإرهاب يستوعب جميع الأنشطة السياسية السلمية, ويعطى النيابة العامة والشرطة سلطات تهدد الحريات الخاصة والعامة معا، لذلك يجب مراعاة الحريات العامة و الخاصة لأفراد المجتمع ومراعاة الحريات الشخصية وحقوق الإنسان أثناء تشريع قانون مكافحة الإرهاب الجديد.
وأكد المركز في تقريره أنه من ناحية عدد ومعدلات العمليات الإرهابية لا يمكن مقارنة المرحلة الأخيرة الحالية مع السابقة عليها والتي امتدت منذ بداية التسعينيات وحتى1997 والتي شهدت مئات العمليات، بينما لم تشهد السنوات الإثنتا عشرة التي تمثل المرحلة الحالية سوى عمليتين فقط في وادي النيل الذي يقيم به أكثر من99 % من سكان مصر، هما عملية خان الخليلي وتوابعها وعملية الحسين التي راح ضحيتهما معا أربعة سائحين بالإضافة إلى منفذي العملية الأولى, وشهدت عمليات سيناء الإرهابية الثلاث في طابا وشرم الشيخ ودهب, والتي راح ضحيتها نحو130 قتيلاً ومئات الجرحى.
وبدأ الخلط بين هاتين المرحلتين واضحاً في بعض التحليلات والتوقعات حيث أغفلت من ناحية حقيقة انتهاء الجماعات الإسلامية العنيفة الكبيرة والمتوسطة من الواقع المصري بالتحول النهائي للجماعة الإسلامية والجهاد عن طريق العنف والإرهاب, فراح بعضها يبحث عنهما أو عن نظائر لهما بلا جدوى في تفجير الحسين, وإن كان البعض قد حاول إقحام هذا الإحتمال عنوة في رؤيته بدون أية أسانيد أو أدلة مقنعة، وفي هذا السياق غاب عن بعض التحليلات حقيقة أن الجماعة الإسلامية لم تكن تعتمد على أسلوب العبوات المتفجرة في عملياتها إلا نادراً حيث نفذت غالبيتها الساحقة بالأسلحة النارية بينما تميزت جماعة الجهاد باستخدام محترف ومتقدم للعبوات الناسفة, مما يجعل احتمال تورط بعض أعضائهما في تفجير الحسين أكثر ضعفاً واستبعاداً. |