الأقباط متحدون | أسرار من مجتمع المهاجرين في ألمانيا
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٧:٢٦ | الخميس ٤ نوفمبر ٢٠١٠ | ٢٥ بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٩٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

أسرار من مجتمع المهاجرين في ألمانيا

DW-World.de | الخميس ٤ نوفمبر ٢٠١٠ - ٤٢: ٠٨ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

أسرار من مجتمع المهاجرين في ألمانيا
انتهت بي الرحلة التي بدأتها للبحث عن موضوع لتقريري عن حياة أسرة مهاجرة في المانيا إلى مزرعة على أطراف إحدى المدن. المشهد لا يشبه في جزئياته ما يألفه الزائر للمزارع الأخرى، وتكشف عن تفاصيل عالم لا ينتمي لألمانيا.
مزرعة محاطة بسياج معدني مشبك تكسوه قطع مشمع ملونة تحجب الرؤية عن أي فضولي ينظر إلى داخل المكان. صاحب المزرعة  رمضان ج. تركي الأصل في الخمسين من عمره يعيش في ألمانيا منذ عام 1981، يبتسم ببشاشة  وهو يجيب على أسئلتي بألمانية مفهومة تشوبها لكنة غليظة تسربت إليها من أصول الرجل الأناضولية.
حاولت أن التقط له صورة فأشاح بيده وأحمرّ وجهه رافضاً ذلك بشدة، وما لبثت الابتسامة أن عادت إلى وجهه حين سألته عن سر المشمع الممتد على طول السياج المعدني، فقال إن: "الكتمان أحد أهم عناصر النجاح، فعين الحسد تصيب كل شيء وتحرقه، هذا غير أنّ مزرعتي تضم عائلتي، ولا أحب أن ينظر الغرباء إلى نسائنا وهن يكدحن في الحقل".

"الكتمان سر النجاح"
هكذا يحب أن يسميها صاحبها- تنتج البطاطا والخيار والكمثرى والتفاح، كما تنتج الطماطم والباذنجان والكوسه والخضروات للاستهلاك المنزلي. الأمطار المستمرة تغني المُزارع عن الري، لكن خزانا كبيراً لجمع المياه قرب بيت خشبي في إحدى زوايا الحقل لفت نظري، فسألته عن سرها؛ أجاب والابتسامة ما زالت على شفتيه: "هنا نجمع مياه الأمطار ونستخدمها لغسل المحصول ولغسل أيدينا بعد العمل وللوضوء وقضاء الحاجة، فإيصال الماء والتيار الكهربائي إلى هذا المكان مكلف وهذا مشروع عائلي برأسمال متواضع"، ثم سار أمامي إلى البيت الخشبي ليريني مولد كهرباء صغير يعمل بوقود الديزل يستخدم للإنارة وتشغيل بعض الأجهزة البسيطة .

رائحة نتنة لطمت أنفي عند البيت الخشبي، ثم طالعتني منصة تعلوها آثار دماء ودسم وتتخلل لوحها شقوق أحدثتها السكاكين فيها. هل تذبحون الماشية هنا؟ طرحت السؤال بعفوية، فلم يتردد رمضان في الإجابة: " نحن لا نأكل اللحم الذي تعرضه الأسواق، فالحيوانات التي تنتج هذه اللحوم تذبح في الغالب بواسطة آلات لذا فان لحومها حرام لان الذبح ليس إسلامي، علاوة على أن هذه اللحوم غالية جداً ولا تناسب عائلتي الكبيرة، فسعر كيلو لحم الضأن في المعدل 11 يورو بينما اشتري أنا في العادة خروفا كاملاً زنته 25 كيلوغرام بثمن لا يتجاوز60 يورو، وهذا يعني أن سعر الكيلو حوالي 2,5 يورو، كما أنني أذبح الخروف بنفسي وهذا فأوفر أجور الذبح، كما أني أبيع جلده بعد تنظيفه لشركة تنتج الصوف في بلجيكا، أما نبيع الرأس والكبد فأبيعهما للمطاعم الشرقية المنتشرة في المنطقة، وبذلك لا يكلفنا الخروف في الواقع أكثر من 40 يورو في المعدل".

جانب من مزرعة رمضانكل يعمل بطريقته
زوجة رمضان، مثله في الخمسين من عمرها، ترتدي ملابس ثقيلة تكسو كل جسدها وتغطي شعرها بمنديل ملون، تجلس على مقعد خشبي وهي تراقب ما يجري، أسألها دون مقدمة: هل تشاركين في العمل؟ تجيبني بكلمات بسيطة: " أنا اعمل في مصنع كبير للحلوى، وعندي أربع بنات وابن واحد  و9 أحفاد، وهذا لا يترك لي وقتا للعمل في الحقل" ، وأعود لأسألها: هل يعمل كل أفراد الأسرة هنا؟ "اثنتان من بناتي متزوجتان ولا تعملان هنا، والبنتان الأخريان تعيشان مثل الألمانيات، عمل ودراسة، تغادران المنزل صباحاًً ولا تعودان إليه إلا ليلاً، البيت بالنسبة لهما فندق للمبيت فقط وهذا يزعجني وأباها، أما ابني إسماعيل فهذا الذي تراه يجمع المحصول ومعه زوجته زينب، يقومان بأغلب العمل هنا".

زينب الحزينة الصامتة
إسماعيل البالغ من العمر 25 عاما مولود في ألمانيا ويحمل الجنسية الألمانية لكنه لم يكمل دراسته الثانوية فبقي دون عمل، تزوج قبل خمسة أعوام وله ثلاثة أبناء، وحين اقتربت منه وسألته هل تغطي موارد الحقل تكاليف حياته، ترك ما في يده وقال بلهجة جافة: "الدخل هو جزء من مشكلتي، فريع الحقل يوزع على جميع أفراد العائلة، وبذلك فإن سهم كل واحد منّا يكون قليلا في العموم، لكن الأصعب من هذا هو أن زوجتي التي جئت بها من قريتنا في الأناضول قبل 5 أعوام تقيم هنا بشكل غير قانوني، كما أنّ عقد زواجنا غير مسجل، وكذلك أطفالنا وهم لا يذهبون إلى رياض الأطفال" سألته باستغراب كيف يكون الأطفال غير مسجلين؟ فأجاب بأن جميع أطفاله الثلاثة مسجلون باسم أخته وزوجها لكي يمكن لإسماعيل وزوجته أن يحصلا على المبلغ الشهري المخصص لكل طفل في ألمانيا، وهما بحاجة لهذا المبلغ لذا لا يرسلان أبناءهم الثلاثة إلى رياض الأطفال.
أسأل زينب، المنهمكة بالعمل بردائها التقليدي مثلما في قرى وأرياف الأناضول، إن كانت سعيدة بحياتها مع زوجها في ألمانيا؟ تنظر إلي بعينين حزينتين ووجه لم يعرف الفرح قط، ثم تغمغم بضع كلمات غير مفهومة وتعود لعملها، يسارع إسماعيل إلى الاعتذار مبينا أنها لا تعرف أكثر من بضع كلمات بالألمانية ولم تتعود الحديث مع الرجال الغرباء.

من البيت الخشبي الصغير خرجت امرأة شقراء الشعر بوجه مليح أقرب للسمرة وهي ترتدي سروال جينز ازرق اللون ومعطفاً مطرياً قصيراً ودعت الجميع إلى طعام الغداء. في الداخل استلقى على الطاولة في طبق كبير فخذ خروف مشوي تحيط به الخضر والمخللات، شاركتُهم الطعام اللذيذ وشعور عارم يعتريني باني آكل في مطعم شعبي على سواحل البوسفور.
هذا وتجدر الاشارة إلى أن رمضان وأفراد أسرته يودعون مدخراتهم في مصرف تركي في المانيا، ويملك في المدينة القريبة من مزرعته مبنى كبيراً يسكن بعضه ويؤجر أجزاء منه، ويقول بأن لديه مزرعة كبيرة في تركيا ومبنى حديثاً مؤلف من سبعة طوابق ولكنه مهجور وقد أصبح مرتعاً للقطط والفئران حسب قوله. وأفادنا رمضان بأنه يملك سيارتين حديثتين لا يسمح لابنتيه الصغيرتين باستخدام أي منهما لأنهما لم تساهما في دفع ثمنهما.

ملاحظة: الأسماء المستخدمة في النص رمزية.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :