الأقباط متحدون | بين استخدام العقل واستخدام العلم
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٣١ | الجمعة ٥ نوفمبر ٢٠١٠ | ٢٦ بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٩٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

بين استخدام العقل واستخدام العلم

الجمعة ٥ نوفمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د.حمدي الحناوي
فرق كبير بين استخدام العقل واستخدام العلم. العقل تتحدد قدرته بكمية المعرفة المتاحة له ونوعيتها. وقد تمتلئ العقول بخرافات نستخدمها ونفسر بها أمور حياتنا، ونظل نقول أننا نستخدم عقولنا. ونحن نستخدمها بالفعل حتى فى هذه الحالة، فهى أدواتنا الفكرية نستعين بها فى جميع الأحوال. والتغير الذى نتطلع إليه فى هذا المجتمع ليس إذن مجرد التوجه إلى  استخدام العقل، بل التوجه إلى استخدام العلم والتفكير العلمى لإدارة حياتنا.

ربما يلزم لهذا الغرض، نشر المعلومات والمعارف العلمية، ولكن هذا لا يكفى، إذ يلزم أيضا أن تستخدم تلك المعارف لفهم مشكلاتنا ووضع حلول لها. وعلى أى حال، لا يكفى نشر المعلومات المكتوبة، فالشخص العادى فى مجتمعنا قليلا ما يقرأ، وغالبا ما يعتمد على السماع ممن يحيطون به، ومن يراهم أكثر منه علما، لتحصيل ما يحتاج من معارف. وهنا تكمن الخطورة، إذ قد يغيب العقل فى مواجهة محترفى الدجل ومروجى الخرافة. لا يتنازل أحد عن عقله صراحة، ويحدث التنازل ضمنيا حين يسلم الناس بما يسمعون، لعجزهم عن تقييم مدى صحته. وهم معذورون، إذ لا يوجد فى الثقافة الاجتماعية السائدة معيار بسيط يمكن استخدامه أداة لذلك التقييم. 

طريقة التفكير هى المعيار الذى نفتقده، وهى منطق العلم أو منهجه، ولا تقل أهمية عن تحصيل المعارف العلمية ذاتها. منطق العلم يبنى على العلاقات السببية، ويستخدم التجريب لاكتشاف تلك العلاقات. وبديهى أن يجد الشخص العادى صعوبة فى الحكم بنفسه على المعلومات باستخدام هذا المنطق، ويظل فى حاجة إلى الاعتماد على آخرين، فى إطار ثقافة سماعية فى الأساس. لا أقلل من قيمة من أسميه الشخص العادى، وهو الآن شخص متعلم، ويستطيع أن يقرأ. لكن القراءة مصدر خاص للمعرفة، لا يتقنه كل من تعلم فى مدرسة صارت مكانا للتلقين، لا يسمح بأى هامش للتفكير الحر.

التغير الذى نتطلع إليه فى هذه الأوضاع، يقتضى أن يكون التفكير العلمى جزءا من بنية البيئة الاجتماعية. وقد يكون هذا صعبا فى بيئة تسيطر عليها الفتاوى والادعاءات العلمية الزائفة. ويبقى الأمل معلقا على بيئة العمل، فهى وسيط يمكن من خلاله تكريس منطق العلم. هذه البيئة وحدها يمكن أن تساند التفكير العلمى الخلاق وتكافئه، وتجعله جزءا من الحياة اليومية. وهى الآن تكافئ هذا النوع من التفكير بالفعل، وإن كانت مكافأة هزيلة، لكنها تكفى حتى الآن للإبقاء على جذوة العلم حية فى بلادنا. وقد بقيت حية رغم انتشار أنشطة أخرى تكافئ الفهلوة والحظ بأعلى عائد فى السوق.

كيف يكافئ السوق الفكر العلمى ويعطيه عائده؟ تاريخ البلاد المتقدمة ينير لنا الطريق. فى تلك البلاد، نشأت الصناعة الحديثة، وهى لا تنمو إلا اعتمادا على العلم، ولهذا فهى تحفز سباقا لوضع حلول علمية لمشكلات الإنتاج، وتطوير أدواته. هذه هى التربة الخصبة التى ينمو فيها الفكر العلمى. وبلادنا ليست استثناء، فإذا كان للعلم أن يلعب دورا عندنا، فلا بد أن يكون لدينا سوق يكافئ المبدعين، وهو سوق يرتبط بالإنتاج ومشكلاته بالضرورة. من هذا الطريق يمكن ينشأ جيل من المبتكرين، يكون منبعا لنخبة جديدة تعتمد العلم أداة لعملها.

سيكون افتتاح هذا الطريق ثورة بمعنى الكلمة، وقد اعتدنا أن نستورد كل شئ، لكن هذه الثورة لا تستورد. اعتدنا أيضا أن نفرط فيما لدينا من عقول نابهة ندفعها للهجرة، وبعد أن تثبت نبوغها فى المهجر نتفاخر بأنها ولدت عندنا. أرى هنا نقطة بداية وملامح طريق تتشكل، وتدعونا لاكتشاف أسراره. 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :