الأقباط متحدون | بلاش فلسفة!!!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٠:١٥ | الثلاثاء ٩ نوفمبر ٢٠١٠ | ٣٠بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٠١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

بلاش فلسفة!!!

الثلاثاء ٩ نوفمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: عايدة نصيف
"بلاش فلسفة".. كثيرًا ما تتردد هذه العبارة على لسان معظم أفراد المجتمع، وعلى الفضائيات، وفي الأفلام أو المسلسلات أو البرامج؛ وكأنها دعوة مُلِحة للقضاء على استخدام العقل البشري الذي وهبه الله لنا، ورغبتنا المستميتة للحفاظ عليه تمام المحافظة، على أنه عهدة لا نستخدمها، لأننا سوف نردها إلى خالقها. فمعنى عبارة "بلاش فلسفة" تساوي (غياب العقل)، واذا غاب العقل غاب أرقى ما في الإنسان.
 
فهناك بعض الاتجاهات تضرب بالعقل الإنساني عرض الحائط؛ لتقف أمام إدراك الإنسان لوعيه لذاته ووعيه بمشكلات مجتمعه. ومن ثم تحجب هذه الاتجاهات التنوير، وتأخذ العقل إلى مفاهيم خرافية يعيش فيها ويتخذها منهجًا للحياة. فالعقل كما يقول أحد علماء النفس "هو التاج الذي يعلو الجسم الإنساني ويدير دفة حركاته وسكناته سواء في اليقظة أو المنام في شعوره وإدراكه ووجدانه وإرادته وتفكيره، فهو المركز الرئيسي المسيطر على السلوك الإنساني". فلو غاب العقل من خلال الدعوة البلهاء "بلاش فلسفة"، ماتت الإرادة، ومات التفكير، وانحرف السلوك الإنساني في المؤسسات المهنية والسياسية والاجتماعية والدينية.
 
ونلمس ذلك الآن- أي غياب العقل- في مجتمعنا، وأثر ذلك على ظهور المشكلات والأزمات والصراعات التى يمر بها الإنسان  المصري.. صراع الطبقات الاجتماعية، صراع المقهور ضد القاهر، وصراع الضعيف مع القوي من أجل هز الكيان الاجتماعي، صراع بين القوى السياسية المتعارضة، الصراع بين العلمانية والأصولية على المستويين الإسلامي والمسيحي. فعلى المستوى المسيحي في "مصر" صراع العلمانية مع الكنيسة، وإشكالية استخدام العقل في الاجتهاد لتفسير النصوص الدينية تفسيرًا سليمًا من ناحية، ومن ناحية أخرى صراع الأصولية والعلمانية على الصعيد الإسلامي أي بين أصحاب الفكر المحظور وبين الإسلام المستنير، بل الصراع بين الوحدة والتعدد.
 
فجملة هذه الصراعات ناتجة عن معركة العقل في إيجاد أرضية خصبة للنمو فيها؛ لتفعيل الدور الإنساني للتعبير عن رأيه في المشاركة السياسية، عن طريق الرأي الحر الناتج عن الحرية، أو عن طريق مشاركة الفرد في المؤسسات الإجتماعية لتأسيس دور النزعة الإنسانية وفاعليتها في المشاركة كنزعة حرة في إطار ملتزم.. إطار يحترم مفهوم الحرية السليمة لا المقنَّعة، حرية الفرد والجماعة في مجتمع تسوده عدالة التوزيع دون استغلال الأقلية للأغلبية، مجتمع يُعاد فيه توزيع الحريات بصورة سليمة لتحرير الإنسان؛ ومن ثم رفع قيمته. ولا يتحقق ما سبق إلا بالبعد عن دعوة "بلاش فلسفة"، وتتحول هذه الدعوة إلى دعوة "ايقاظ العقل"، أي العقل الفردي، لتكوين العقل الجماهيري الذي يستطيع أن يحرِّك المياه الراكدة بين مستنقعات الأنانية والانتهازية، وحب الذات في مقابل إهدار ذوات الاخرين. فكفى غيابًا للعقل والانخراط في الخرافات، وكفى غياب التنوير للانخراط في الجهل المجتمعي. فلكل من يعمل على غياب العقل في هذا المجتمع، أقول: إن العقل يمثل القوى الخارقة المبدعة التى تبني المجتمعات. 
 
فنحن في أشد الحاجة إلى هذه القوى في مجتمعنا الآن. يقول "سقراط": "إن الحياة التى لا تخضع للفحص والنقض ليست جديرة بأن يحياها الإنسان". وإذا رجعنا إلى تاريخنا المستنير نجد مكانة العقل بمثابة الركيزة الأساسية للتنوير؛ أمثال "محمد عبده"، و"لطفي السيد"، و"طه حسين"، و"سلامة موسى"، و"فرح أنطون"، و"توفيق الحكيم" وغيرهم. فهؤلاء استخدموا العقل وصنعوا لنا فكرًا لابد أن نهتدي به في إطار مشاريعهم التنويرية. أما الابتعاد عن العقل فيعطي مجالاً كبيرًا لاتجاهات سلفية من جانب، وأصولية من جانب آخر، ومن ثم غياب التنوير الذي يبني المجتمعات. 
 
ومن المؤسف أن نجد هذه الاتجاهات أصبحت منتشرة الآن، وتعمل على إهمال إعمال العقل، ومن ثم علينا تغيير الأيدولوجية المسيطرة على مجتمعاتنا العربية الآن؛ لبناء مستقبل واع  مؤسَّس على التفكير الموضوعي الذي يهدف إلى البعد عن الذاتية، والتخلي عن العواطف والمصالح الشخصية؛ للدخول في اطار التفكير المنطقي المنظَّم الذي يعمل على حل مشكلات المجتمع التى ظهرت مؤخرًا؛ كمشكلات الطائفية والتعصب، والمشكلات الاقتصادية والسياسية، والتخلي عن العقل في ايجاد حل لهذه المشكلات. ولذا أقول: كفى غيابًا للعقل، ولنعمل معًا على إيقاظه من أجل تنوير المجتمع.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :