الأقباط متحدون | حوار أم شعار؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٤٦ | السبت ١٣ نوفمبر ٢٠١٠ | ٤ هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٠٥ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

حوار أم شعار؟

السبت ١٣ نوفمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ٠٥ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. عايدة نصيف
إن المجتمع البشري منذ عصوره الأولى وحتى الآن، مرَّ بمراحل مختلفة ومتنوعة ومتغايرة من تعدُّد فى المذاهب والطوائف والمعتقدات والأديان؛ فآصبح هناك اختلاف جوهري قائم فى كل عقيدة، ناتج عن اختلاف اصحابها واتجاهاتهم وتأويلهم للنص الديني، سواء فى المسيحية أو الإسلام، وأصبح هناك صراع يعانيه الناس من واقع ذلك الصدام الناتج عن مشاكل إجتماعية او نفسية، لا من صدام فى العقيدة، وبالتالي تصادم بين اتجاهات مختلفة فى المسيحية وأيضًا فى الإسلام.

ونتج عن ذلك صراع بين الديانتين الأكثر انتشارًا فى العالم، أي الإسلام والمسيحية؛ فالتصادم بينهما جاء من واقع اختلاف أصحاب كل عقيدة لا من العقيدة ذاتها. ومن هنا أصبح للحوار أهمية كبيرة، سواء على مستوى الحوار الإسلامي- المسيحي، أو المسيحي- المسيحي، أو الإسلامي –الإسلامي.  

وليس الحوار شعار أو بدعة معاصرة ينادى بها المثقفون والعلمانيون، إنما هو إحياء لمحاولات حوارية تراثية، بدأت منذ القرون الأولى، واكتملت منذ القرن الثامن الميلادي على الصعيد العربي، فى إطار الحضارة الإسلامية أثناء الخلافة العباسية فى "بغداد"؛ فقد تبيَّن لي من واقع بحثي فى هذا الموضوع طيلة أربع سنوات، أنه كان هناك حوار مسيحي– مسيحى بين الطوائف المسيحية المختلفة فى القرن العاشر، كالملكانية والنسطورية واليعقوبية. وكان أيضًا هناك حوار إسلامي– إسلامي بين الفرق المختلفة كالمعتزلة والأشاعرة وغيرهما، ومن ثم حوار آخر بين الجانبين الإسلامي والمسيحي، فى مناخ علمي عقلي فلسفي قائم على قبول الحوار من المغاير.

ولعل أهم هذه الأنماط، حوار الفيلسوف واللاهوتي "يحيى بن عدي" من "بغداد" فى القرن العاشر مع أكبر فلاسفة الإسلام ألا وهو "الكندي"، واستخدام كل منهما نفس الأداة فى الحوار ألا وهو المنطق والعقل، والبُعد عن الاختلافات الموجودة فى العقيدتين، واستخدام وتوظيف المشترك ألا وهو العقل الذى أعطاه الله للجميع دون تمييز.

كان ذلك نموذجًا من النماذج المضيئة فى الحضارة الإسلامية، جنبًا إلى جنب مع الحضارة المسيحية. كان ذلك من حوالي عشرة قرون. فمن غير المعقول أن نقف الآن ونحن فى القرن الواحد والعشرين، عاجزين أن نقيم حوارًا أكاديميًا وموضوعيًا فى ظل الاختراعات والمستحدثات والنظريات الجديدة، وفى ظل تقدُّم العالم بسرعة تتجاوز أى توقعات!!!

وواجبنا الآن، إقامة حوار سليم قائم على المعرفة الحقيقية الروحية وحقائق الدين المشتركة بين المسيحية والإسلام، لا إقامة شعارات. مبتعدين عن منهج التلقين دون الفهم، وتسليم عقولنا وأفهامنا لمن يتجاهل الحقائق الموضوعية، منفتحين على الفلسفات النقدية وعلوم النفس وتحليلها، وايجاد حلول للمشكلات الإجتماعية؛ ليصبح الإنسان مهيأً لأن يتفاعل مع المجتمع روحيًا، وينزع من داخله أوهام النظريات الخاطئة التى يتوارثها من الماضي، قادرًا على أن يكون منفتحًا للمجتمع، منفعلاً به على أساس روحي سليم، وفهمًا شاملاً لرسالة الأديان السماوية على الأرض، ومن ثم تجاوز كل الصعوبات والأزمات، وتحويل أثارها السلبية إلى إيجابية. ولن يتحقق ذلك إلا من خلال الحوار السليم، فى ظل قيادات واعية قادرة على التغيير وعلى صياغة مفهوم سليم للحوار يحترم اختلاف الآخر، ومعرفته معرفة موضوعية؛ للتعرف على خبراته الايمانية- سواء على مستوى الدين الواحد أو بين الأديان المختلفة- ومن ثم القدرة على إقامة حوار بنَّاء بين الطرفين المختلفين، حوار يتجاوز النزعات الطائفية والتعصبية، ويشدو إلى هدف واحد هو الوصول إلى المشترك ألا وهو حب الله، لينعكس ذلك على المجتمع بارتقائه، كى يستطيع الوقوف ضد الأفكار والصفات العتيقة التى ورثناها من ثقافات بعيدة عن حضارتنا العربية الأصيلة، قادرين على إعمال العقل الإنسانى ليتقدَّم نحو المعرفة، لتصحيح أوضاع الصراع والتكتل والطائفية والتعصب.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :