الأقباط متحدون | العقاد
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٣٩ | السبت ٢٠ نوفمبر ٢٠١٠ | ١١هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢١٢ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

العقاد

السبت ٢٠ نوفمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: هند مختار
هل سمع أحد منا ذات يوم قهقهات الموت الساخرة، وهو يلملم عباءته المليئة بالآهات والدموع، وينطلق بعيدًا؟

أنا سمعتها ذات يوم، وهو يسخر منا ضاحكًا بشماتة فيما نفعله بأنفسنا، فلقد رحل المخرج الكبير "مصطفى العقاد" متأثرًا بجراحه، إثر عملية إرهابية قام بها مجموعة من الإرهابيين باسم الإسلام، في فندق "جراند حياة عمان" ليذهب ضحيتها "مصطفى العقاد" وابنته "ريما"..

"مصطفى العقاد" من حاول تقديم صورة حضارية عن الإسلام في فيلم الرسالة، وحاول تقديم صورة من الكفاح العربي في فيلم أسد الصحراء من بطولة "أنتوني كوين"..حلت ذكراه يوم 11 نوفمبر.

"مصطفى العقاد" من مواليد 1 يوليو سنة 1930 في "حلب" بـ"سوريا"، وكان مهووسًا بالسينما منذ طفولته. فقد كان يذهب لجارهم اليوناني ليشاهد السينما، ثم بعد ذلك كان يقوم بتشغبل آلة سينما لأطفال الحي. بالإضافة لقيامه بتحميض الصور الفوتوغرافية.

أراد أن يدرس السينما لكن رغبته اصطدمت برفض والده، واضطر أن يعمل موظفًا في أحد البنوك لمدة عام حتى استقال وانطاع أن يسافر إلى "أميركا" ليدرس السينما هناك، ولتتفجر مواهبه هناك..

يعتبر "العقاد"، من وجهة نظري، نموذجًا للمواطن العالمي، فهو ابن "حلب" السورية، والذي عاش بعد ذلك في "أميركا" وتجنَّس بجنسيتها، وأنتج أفلامًا عن الإسلام، وعن الجهاد الليبي بتمويل ليبي، وكان يحضِّر فيلمًا عن "صلاح الدين"..

"مصطفى العقاد" لم يقدِّم أعمالاً كثيرة، ولكنه قدَّم أعمالاً عظيمة، وليست عظمة تلك الأعمال تأتي لأنها تتكلم عن عظمة الإسلام أو الكفاح العربي ضد الاستعمار، فكم من الأفلام تكلَّمت عن هذه المواضيع ومصيرها هو النسيان..

عظمة أفلام "العقاد" تأتي من الاهتمام بالتفاصيل، والإجادة، والفهم العميق لما يقدِّمه. فهو لم يكن يخاطب نفسه في المرآة، بل كان يخاطب الآخر..

فحينما فكَّر في إنتاج فيلم عن الإسلام وهو "الرسالة"، جاء بجيش من الممثلين وعمل الفيلم بنسختين، واحدة عربية بطولة "عبد الله غيث" والسورية "منى واصف"، والثانية الإنجليزية بطولة "أنتوني كوين" و"إيرين باباز" ..

ويقول "العقاد": إنه لولا وجود "أنتوني كوين" ما كان لهذا الفيلم أن ينجح". من المؤكد أن وجود "أنتوني كوين" ساهم في نجاحه، ولكن أيضًا براعة الصنعاة ساهمت بدور أكبر في إنجاحه.. وكان فيلم الرسالة من إنتاج سنة 1976، وبعدها أنتج وأخرج فيلم "عمر المختار" أسد الصحراء، من بطولة "أنتوني كوين" و"إيرين باباز" أيضًا، ومعهم "أوليفر ريد" في دور "جرازياني"، وقام بدبلجته إلى اللغة العربية..
بعد أن أُنتج فيلم "الرسالة" وعُرض في سينمات العالم، تم رفض عرض الفيلم في "مصر" والعالم العربي؛ لأن إدارة الأزهر تغيَّرت، ورأت الإدارة الجديدة أن وجود مشهد لناقة الرسول وسيف الإمام "على"، وتجسيد "عبدالله غيث" و"أنتوني كوين" لشخصي "حمزة" عم الرسول، الشر المستطير والحرام الكبير، وخرق لمقاليد الدين- ما علينا-  استمر منع الفيلم من التلفزيونات الأرضية، حتى جاء عصر الفضائيات، وعُرض الفيلم وشاهده الجميع.

يعتبر فيلم الرسالة من الناحية الفنية فيلمًا ليبراليًا؛ فلقد جسَّد مجموعة من الممثلين الأجانب المختلفين في الديانة فيلمًا عن دين آخر.. الغريب أنه لم يطلع أحد وقتها ليصرخ كيف يجسد المارق "أنتوني كوين" دور "حمزة"!!

وفي النسخة العربية تجد هذه الليبرالية في دور الرائعة جدًا "سناء جميل"، عندما قدَّمت دور "سمية" أول شهيدة في الإسلام باقتدار وروعة متناهيتين. وأيضًا لم يثر عليها أحد، سواء كان مسلمًا أو مسيحيًا.. ممثلة رائعة عملت دورًا هائلًا..

كان يود "العقاد" أن ينتج فيلمًا ويخرجه عن "صلاح الدين"، على الرغم من أن "يوسف شاهين" شنَّ عليه حملة واسعة جدًا بسبب هذه الرغبة.. وكان مرشَّحًا لدور "صلاح الدين" "شون كونري".

 لم ير الفيلم النور؛ لأن "مصطفى العقاد" مات غدرًا، وقد شوَّه هؤلاء الإرهابيون قاتلو "العقاد" مجهود عمره، بمحاولة فتح قنوات للحوار مع الآخر. فأنت قد قتلت على يد من دافعت عنهم!!

من أطرف مواقف فيلم "الرسالة" أن "أنتوني كوين" كان ينظر لـ"عبد الله غيث" نظرة متعالية.. فكيف يستطيع هذا الممثِّل أن ينافسه؟ ولكن بمجرد أن قام "عبد الله غيث" بأداء مشهده، شدَّ "أنتوني كوين" على يده، وقال له: "أشكر الله أن لا تمثل بالإنجليزية، ويجب أن تشكر الله على أني لا أمثل بالعربية"..

رحم الله "العقاد"، ووقانا شرور الغير.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :