الأقباط متحدون | السبب الحقيقي للجرائم التي ترتكب باسم الدين
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٤:٥٥ | الأحد ٢١ نوفمبر ٢٠١٠ | ١٢هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢١٣ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

السبب الحقيقي للجرائم التي ترتكب باسم الدين

الأحد ٢١ نوفمبر ٢٠١٠ - ٤٨: ٠١ م +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم : حنا حنا المحامي
لقد امتد الشر بشكله البشع إلى"العراق"الشقيق, فقد غزا أعداء الإنسانية كنيسة السيدة العذراء واغتالوا قومًا عزلا في حاله من السمو النفسي أمام الحضرة الإلهية، ولم تتردد تلك الأيادي الشريرة النجسة من إمطارهم بوابل من الرصاص قتل على أثرها ما يقرب من ستين وإصابة عدد مماثل تقريبًا.

     انزعج العالم كله لهذه المذبحة الغير إنسانيه, ثم تحركت السلطات الأمنية في"العراق", وطبعًا هذا لن يعيد الأرواح التي فقدت ولا الأزواج لأراملهن, ولا الآباء لأبنائهم, ولا الشابات والشباب لنضارة حياتهم وأمالهم الوردية, تلك الآمال التي أصبحت في لون الدم المراق وغبرت معها الحياة إلى ذكرى ... بل ذكرى مؤلمه تدمى القلوب والأفئدة.
 
     ومن الغريب أن تلك الجريمة الشنعاء تم ارتكابها باسم الدين.  ولست أدرى ما هو ذلك الدين الذي يسمح بالجريمة ضد العزل في خسة ونذالة بل وجبن.  ويتجسد الجبن بأن هؤلاء القتلة والسفاحون لا يجرؤوا على ارتكاب أي حادث ضد"إسرائيل"، والمفروض أنها العدو الحقيقي الذي استولى على أرض المسلمين, أليس هؤلاء القتلة مسلمين؟  وهم أيضا يقتلون باسم الدين؟  لماذا لم يتحركوا ضد"إسرائيل" بأسم الدين أيضا؟  إنه لأدنى درجات الجبن.

     وتصل قمة الجبن إلى أن هؤلاء القتلة يرسلون بالسذج لتفجير أنفسهم، أما هم فيحافظون على مراكزهم وأموالهم التي يكدسونها باسم الدين أيضا فلم نسمع عن أي أحد فيهم أن فجر نفسه ليتمتع بالرغد والهناء الموعود بالجنة, كما أنهم لم يرسلوا أبناءهم لنفس الغرض ونفس الهدف.
بل ظلوا يتمتعون بما يحصلون عليه ثمنا لدماء الأبرياء ومكافأة للجريمة المرتكبة ضد الأبرياء.

     لم نر أن هيئات أسلاميه قامت لتندد عن جديه بتلك الجريمة, ولم أجد تحركات جادة من السادة المسلمين لتشجب ذلك الفعل الخسيس.  ولم أجد مطالبه جديه من السادة المسلمين يطالبون بالبحث الجاد عن مخبأ هؤلاء المجرمين ليكتثوهم ويكتثوا جرائمهم المقبلة. وهنا يثور التساؤل .. هل يمكن أن يكون هناك من البشر من يرضى بمثل هذه الجرائم؟  ربما !!! 

     نعم ..... ربما, ولكن لماذا وكيف؟

قبل أن نتعرض تفصيلا لتحليل تلك الجرائم والباعث الحقيقي عليها نود أن نشير إلى أن أغلب الدول الأوروبية والأمريكية قد ألغت عقوبة الإعدام  لماذا؟

النظرية أن الله جل وعلا قد خلق الإنسان وهو الذي بث فيه الروح.  ولا يجوز لإنسان آخر تحت أي ظرف من الظروف أن يسلب تلك الروح لآي سبب من الأسباب ولا يجوز أن ينزعها من الإنسان إلا خالقها, وخالقها فقط.  ومن ثم يمكن أن تكون العقوبة هي الحبس مدى الحياة كحد أقصى.  وتلك العقوبة تنطبق حتى لو كان الجاني متهمًا بالقتل.  ذلك أن الجاني وإن كان قد سلب الروح التي هي من سلطة الخالق فقط, فلا يجوز للسلطات أن تنتزع هذا السلطة الإلهية.

على ذلك يكون مرتكب جريمة القتل قد ارتكب جريمتين جريمة جنائية يعاقب عليها القانون ... أي قانون, وجريمة إنسانيه ودينيه بأن اعتدى على سلطة الخالق في سلب المجني عليه حقه في الحياة والتي هي من سلطة الخالق فقط لا غير.

أما كيف أننا نجد أناسًا يرتكبون تلك الجرائم متلحفين بالدين والجهاد فهذا هو محل تحليلنا للدافع الحقيقي.

يقول علم الإجرام إن الإنسان يولد وبه نوازع للخير ونوازع للشر ولكن بنسب متفاوتة.  وهنا يقوم دور الثقافة الدينية ودور المجتمع والمدارس فى تصقيل نفسية الشخص وأخلاقه ونوازعه وميوله مما يسمى بالتسامي.  فيتسامى الإنسان بغرائزه التي تميل إلى الشر وعبودية الغرائز, إلى إنسان اجتماعي يتفاهم في ود وصفاء مع أفراد المجتمع الذي يعيش فيه، فيصبح إنسانا اجتماعيا يمتزج بفكره وسلوكه مع هذا المجتمع. 

إلا أن ثمة عوامل أخرى قد تؤثر في الإنسان وفى نزعته إلى الجريمة مثل البيئة والمجتمع الذي يعيش فيه, والنشأة والتربية والثقافة, هل هي ثقافة تنمى في الشخص السمو الاجتماعي أم تنمى فيه النفور الاجتماعي فيصبح الإنسان حاقدًا على المجتمع يتربص الفرصة، ليظهر هذا الحقد في صورة جريمة ما مثل السرقة أو الإيذاء سواء للإنسان أو الحيوان.

ولذلك تكون التربية التي تتسم بالوداعة والمحبة تؤثر في الطفل، وتجعل منه إنسانًا وديعًا أليفًا يحب أقرانه ويحب العلم ويميل إلى المعرفة لأنها توسع مداركه، وتمنحه ثقة في النفس فتكون النتيجة أنه يكون محبا للغير سريع التجاوب في مساعدتهم.

أما الإنسان الذي ينشأ على القسوة والكراهية فيكون إنسانا ناقمًا على المجتمع الذي يعيش فيه، لأن قيم هذا المجتمع تحرمه من السلام والسعادة النفسية والاطمئنان.  فيصبح إنسانًا ساخطًا على المجتمع تتحكم فيه العقد النفسية التي تدفعه إلى الانتقام, وغالبا يعبر عن ذلك الانتقام في حبه لإيذاء الحيوانات خاصة الصغيرة.  مثل هذا الإنسان تنمو فيه روح الجريمة فيندفع إليها, ولا يحجم عن ارتكاب الجريمة إلا بوازع من الخوف سواء من العقاب أو من الفشل في إتيان تلك الجريمة.

وعلى ذلك تؤثر في الإنسان لارتكابه الجريمة عدة عوامل منها النشأة والتربية, والمجتمع الذي يعيش فيه, والبيئة والمدرسة.

ولكن يقول علم الإجرام إن أهم عامل من تلك العوامل هو عامل "الوراثة"، فقد تبين من الدراسة أن فتاه كانت متبناة بواسطة عائله راقيه جدًا.  فأنشئوا تلك الفتاه على التدين والحياة الاجتماعية الراقية، التي تتسم بالاحترام والنقاء في السلوك وفى المشاعر تجاه الغير.  إلا أن هذه الفتاه تبين أنها تميل بشكل غير عادى إلى الدعارة, وفعلا مارست الدعارة رغم كل المقومات التي درستها ونشأت عليها.  وبالبحث اتضح أنها توارثت جينات الدعارة من والدتها التي كانت تمارس الدعارة.

من هنا يمكننا أن نحلل تلك الجرائم التي ترتكبها القاعدة.  إن أفراد هذه العصابة لا تسعى ولا يسعدها إلا الدم.  لماذا؟  هل هو التدين؟  إن عددًا كبيرًا من السود في أمريكا اعتنقوا الدين الإسلامي دون حاجة إلى قتل أو إرهاب، ولكن تحت أسباب عده منها كراهيتهم للبيض إلى آخر تلك العوامل التي حثت على اعتناق الدين الإسلامي.  وطبعًا لم يكن إحدى تلك العوامل القتل.  ولم تكن الأسلمة قاصرة على السود الأمريكيين، بل كانت كثيرات من الأمريكيات يعتنقن الدين الإسلامي بكل إقبال خاصة إذا تزوجن من مسلمين.

كذلك فقد كان يمكن للقاعدة أن تنشر الدين الإسلامي بوسائل أخرى سوى الدماء خاصة وأن"السعودية" تمول هذه الاسلمة.  المهم هناك إغراءات عديدة تجذب من يمكن أن يعتنق الإسلام مثل التعاليم السمحة واليسر في التطبيق "الدين يسر لا عسر". 

خلاصة القول إن الدين يمكن أن ينتشر بكل الوسائل السلمية أو الإغراءات المادية.  أما الدماء فهي لا تنشر الإسلام بل تضعه في صوره سيئة، وتجعله محل عداوة الحادي والبادي.  هذا هو منطق الشخص المتدين الذي يريد أن ينشر عقيدته فهو لا ينشر عقيدته إلا بالوسائل السلمية.  وكما قال رسول الإسلام "بالموعظة الحسنه". 

أما إذا نظرنا مثلا إلى"الزرقاوي" وكيف أنه كان يستمتع بالدماء التي تسيل من الضحايا الذين كان يجز رقابهم, وهو في غاية الهدوء بل والاستمتاع فتلك التصرفات لا يمكن لأي شخص أن يقول إنها نوع من التدين.  وعلى أكثر تقدير فإن التدين يؤخذ ذريعة لتلك العمليات الإجرامية.  ولكن حقيقة الأمر أن السبب الحقيقي هو النزعة الإجرامية التي تسرى جيناتها في دماء من يرتكب الجريمة.

وإذا نظرنا إلى وقائع الحادي عشر من سبتمبر وكيف إنها قوبلت باشمئزاز وامتعاض بل وحزن وأسى, فإننا نجد أن البعض قد قابل تلك الجرائم بكل الارتياح بل والسعادة.  وهذا الإحساس البارد لا يعبر إلا عن أن صاحبه له ميل إلى الجريمة فهو على الأقل يستمتع بارتكابها ولا يهم إذا كان هو الذي ارتكبها أو غيره.

المهم إن الجريمة تتلمس سببا لارتكابها ومن تلك الأسباب أسباب اجتماعيه أو اقتصاديه ولكن أخطر تلك العوامل هي الجينات الوراثية.  فمثلا فى المثال السابق لا يمكن لأي إنسان عادى أن يرتكب تلك الجرائم التي ارتكبها "الزرقاوى" أو" بن لادن" إلا إذا كانت جينات الجريمة تسرى فى دمه.  وليس أدل على ذلك من أن الأغلبية الساحقة من المسلمين لا يلجئون إلى الجريمة لنشر الدعوة أو الحث على الإسلام.

من هذا يتبين بكل جلاء أن السبب الأساسي لارتكاب الجرائم تحت ستار الدين ليست لنشر الدعوة كما يدعون بل هي تفسير خاطئ للإسلام وهذا التفسير ينتزعه كل من يندفع إلى الجريمة بغرض إشباع نزعة الجريمة التي تسرى في عروقه.

والنزعة إلى الجريمة درجات فمنها ما يدفع مباشرة لارتكاب الجريمة تحت مختلف المبررات مثل الشرف والانتقام ونشر الدين إلى آخر تلك المبررات ولكنها تتفاوت طبقا لمدى النزعة الإجرامية التي تسرى في دماء مرتكب الجريمة.  ومثل هذه الجرائم تكون أسبابها ثقافيه أو اجتماعيه.  كما أنه من الجرائم التحريض على ارتكاب جريمة فالإنسان لا يريد أن يرتكب الجريمة بنفسه حتى لا يقع تحت طائلة القانون, ولكنه يحرض عليها فإذا ما تحقق ارتكاب الجريمة شعر بالارتياح والسعادة.  وهى عادة تكون سعادة مزدوجة, سعادة لتحقيق الجريمة وسعادة لتحقيق هذا الهدف دون أن يتعرض شخصيا للمساءلة أو العقاب, وإن كان الإعفاء من المسئولية أو العقاب محل نظر للمحرض على الجريمة.

كما أن جينات الجريمة قد تكون سارية في دماء حماة الجريمة.  فمثلا وكيل النيابة الذي يحيك مؤامرة ضد شخص برئ وهو يعرف أنه برئ حتى يحقق التوصل إلى عقوبة ضده, فمثل وكيل النيابة هذا قد ارتكب جريمة لا تقره عليها كل القوانين والأعراف.  وإذا ما تكشفت الحقيقة يتعين على مثل وكيل النيابة هذا أن ينال من العقاب ما يردع زملاءه من ارتكاب تلك الجريمة.  وما يسرى على وكيل النيابة يسرى على الضباط وعلى القضاة.

يتبين مما تقدم أن تلك الجرائم التي ترتكب بين حين وآخر تحت ستار الدين يتعين أن تفسر التفسير الصحيح.  فإن كل من يرتكب الجريمة وكل من يرتاح إلى ارتكابها ويدافع عن ارتكابها  كلاهما تسرى في عروقه جينات الجريمة ولكن بنسب متفاوتة. 

وهذا هو التفسير العلمي لمرتكبي الجريمة فهم جميعا ضد القانون وضد الإنسانية ولكن بنسب متفاوتة.

حدث مره أن سائق سيارة مشروع في"القاهرة" اصطدم بسيارة مدير عام.  فأوقفه المدير حتى يتخذ الإجراءات اللازمة في عمل محضر ثم وقف المدير العام أمام السيارة ليمنعه من التحرك.  أتصل السائق بصاحب السيارة فأمره هذا الأخير قائلا:  "كله".  فما كان من السائق إلا أن أدار محرك السيارة وقادها مندفعًا وقتل المدير العام.  لقد ارتكب مثل هذين الشخصين تلك الجريمة بدافعين:  الأول هو جينات الجريمة التي تسرى في عروقهما, ولكن هناك عامل آخر مشجع وهو الذي حرك تلك الجينات وهو أن ارتكاب الجريمة أصبح شيئا مألوفا بل والأخطر من ذلك أن الكثيرين من مرتكبي الجريمة لا يصادفون أي عقوبة جنائية أو غير جنائية.  هنا نقول إن البيئة قد تفاعلت مع جينات الجريمة فأنتجت تلك الجرائم لأتفه الأسباب.

هذه الجرائم الغير إنسانيه تعبر عن نزعة الجريمة التي تسرى في عروق كل من سائق المشروع ومالك السيارة.  ولكن مرتكبي جرائم"العراق" و"الكشح" و"نجع حمادي" و"أبو قرقاص" و... وبرج التجارة العالمي... إلخ جميعهم تلمسوا في الدين مبررا لارتكاب الجرائم التي تنفر منها الإنسانية وغير الإنسانية.  ولكن في الحقيقة جينات الجريمة التي تسرى في عروقهم هي السبب الأساسي, ولا شك أن كل من دبر وساعد وعضد وأيد تلك الجرائم بل وكفل لها الحماية اللازمة كما في حالة الكشح, جميع هؤلاء قد ارتكب تلك الجرائم لأنه يسعد ويشبع غرائزه وجينات الجريمة التي تسرى في عروقه

أما وكلاء النيابة ورجال البوليس الذين يدبرون لاتهام برئ فهؤلاء لهم عذاب أليم لان المفروض أنهم حماة العدالة.  ومن منطلق سلطتهم يرتكبون تلك الجرائم.

على ذلك فإن المنطق القائل بأن تلك الجرائم يحض عليها الدين الإسلامي فهي محض افتراء لأنها لا تنشر الدين بل على العكس لقد أساءت للدين الإسلامي أسوأ إساءة.  فيكون السبب الحقيقي لارتكابها هي جينات الجريمة التي تسرى في عروقهم, كما أن المناخ الاجتماعي لا يمكن أن يتنصل من المسئولية.
 
     فهل نعمل على نشر السلام فى مصر أم أن جينات الجريمة قد تمكنت من المجتمع ككل؟
وهل يمكن أن يكون للجريمة – أية جريمة – عقوبة رادعه حتى يسود المجتمع احترام القانون.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :