بقلم : عساسي عبدالحميد- المغرب
من بين الشروط التي تضمنتها العهدة العمرية نسبة للخليفة المسلم عمر ابن الخطاب؛ والمفروضة على شعوب البلدان المفتوحة بما فيها مصر؛ أن لا يتم بناء كنيسة أو ترميم جدار لها آيل للسقوط أو تزيينها بأيقونات توثق للسيد المسيح وهو في مذود محاط بالرعاة؛ أو على مائدة العشاء الأخير بين تلامذته؛ أو على درب الجلجلة متبوعا ببنات أورشليم الباكيات وقد حمل عنه سمعان القيرواني صليبه الثقيل ....
.
بعبارة أوضح لا يحق لأهل الذمة ومنهم الأقباط بناء أو إصلاح كنيسة بعد الفتح الإسلامي ؛ أي أن مآلهم الاندثار والزوال وأن البقاء لدين داعش ؛ وأن تصير كنائسهم وأديرتهم أثرا بعد عين؛ بعد أن كانت قبابها عالية؛ وأجراسها مدوية؛ ورهبانها واعظون بالكلمة الحية الداعية للمحبة والتساكن حسب تعاليم السيد المسيح ؛ وهذا ما اختزلته مقولة الرئيس أنور السادات المأثورة في مدينة جدة السعودية سنة 1970 عندما قال (( لن يبقى في مصر من المسيحيين غير ماسحي الأحذية. ))
.
المسلمون المتظاهرون اليوم الذين رشقوا كنيسة بقرية العامرية لم يأتوا في الحقيقة بشيء جديد؛ كل ما هناك هو أنهم وانطلاقا من حميتهم الدينية وحبهم لعمر ابن الخطاب الذي أمر عمرو ابن العاص بحرق مكتبة الإسكندرية؛ وعدم تشغيل أهل الذمة في الدواوين والمناصب السيادية لأنه كما جاء في رسائله التي بعثها لولاته في البلدان المفتوحة بأن الله قد أذلهم فلا يجب تقريبهم وأن سخط الله ينزل عليهم ؛ فهؤلاء المحتجون اليوم على اعمار كنيسة بقرية العامرية أرادوا فقط تنزيل العهدة العمرية عندما رفعوا شعار (( اسلامية اسلامية ...بالطول بالعرض هنجيب الكنيسة الأرض ))
.
هؤلاء الذين ينغصون اليوم الحياة على شركاء الوطن الذين حافظ أجدادهم على تراث كنسي زاخر وأدبيات روحانية جميلة؛ أصبحوا محط الهام للدولة التي تعمل على تدبير الوضع وفق مزاج الإسلاميين المتوهبين ؛ فما نراه اليوم من تضييق صارخ على الأقباط من منع بناء الكنائس وتهجير بالجلسات العرفية و خطف وأسلمة القبطيات وحرق الكنائس والدور والمتاجر و حلقات اللعنات في المساجد؛ كل هذا لا يغدو كونه استلهام لروح العهدة العمرية الشيطانية العنصرية ...
.
في سنة 1970 ذهب الشيخ متولي الشعراوي عند رجال الدين السعودي متباكيا شاكيا لمفتي السعودية السابق الشيخ عبدالعزيز ابن باز الكنيسة المصرية وخطورتها على المسلمين بمصر؛ وأنها أي الكنيسة تعمل بصمت و تحسن فن الدبيب؛ وإذا لم يتم التصدي لمشروعها الصليبي الخبيث فسوف تقوى شوكتها ويشتد عودها و سيتنصر الملايين من المصريين ....
.
الشيخ متولي الشعراوي أجهش بالبكاء في كلية الشريعة بجامعة الملك عبدالعزيز بن باز التي منحته منصب أستاذ زائر أمام غرانيق الوهابية ؛ وكانت دموعه بحق غيرة على العقيدة؛ فما كانت من السعودية سوى تجنيده ضمن طابور طويل من المرتزقة يضم مشايخ من الأزهر وقيادات في أمن الدولة المصرية ومسؤولين في وزارت عديدة؛ وعلى رأسها وزارة التعليم؛ وكان الهدف هو اجتثاث الأقباط من تربتهم وافراغ مصر من عبدة الصليب ...و قد قالها الشيخ عبدالعزيز بن باز في حضرة متولي الشعراوي (( نصارى مصر يشكلون خطرا على الأمن الروحي لبلاد الحرمين ....))
.
في ظل ازدياد وتيرة التضييق والاعتداء على الأقباط ؛ وأمام تقاعس الدولة رئيسا وحكومة وأمنا..فالكرة اليوم في معسكر أقباط المهجر اتحادات وجمعيات ونخب؛ والذين بات عليهم اليوم التحرك وبسرعة في المحافل الدولية لتحسيس المنتظم الدولة بالأخطار المحدقة بشعب أصيل ورافد حضاري وتراث كنسي عريق ليس في ملك مصر فقط بل في ملك الانسانية جمعاء....
.
على أقباط المهجر أن يتحركوا وبسرعة؛ والا ستلعنهم الأجيال التاريخ الذي لا يرحم؛ عليهم أن لا يبالوا إن هم نعتوا بالعملاء والطابور الخامس وغيرها من الأوصاف المنتظرة في حقهم من طرف الغوغاء والدهماء ؛ فالوضع ينذر بالأسوء ما دمنا نرى سيدة مسنة قبطية يتم تجريدها من ملابسها وسحلها على إيقاع الله أكبر؛ وما دمنا نعاين بلطجية تمنع أقباط مصر من بناء كنائسهم بمباركة الأزهر وأمن الدولة الملتحي ؛ومنع بناء الكنائس في مصر يوازي منع الحياة؛ كل هذا والدولة غير قادرة على حماية (( نور العين)) من كتائب عمرو ابن العاص الداعشية...