الأقباط متحدون | تحت القبة شهيد...
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٥:١٤ | الاثنين ٢٩ نوفمبر ٢٠١٠ | ٢٠هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٢١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

تحت القبة شهيد...

الاثنين ٢٩ نوفمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم : منير بشاي
تحت قبتنا لا يوجد شيخ. لا شيخ فى العمر، ولا شيخ فى الدين...
 تحت قبتنا شهيد...مات قبل أن يبلغ العشرين. كان فى عمر الزهور، مثل زهرة تفتحت لتوها،  لم ينتظروا عليها حتى يكتمل عمرها وتذبل وتسقط من ذاتها. ولكن من يعشقوا القبح والموت والخراب أقتطفوها عنوة، وقتلوها غدرا.
 تحت قبتنا شهيد...هو إنسان، مجرد إنسان،  لم يدّعى لنفسه أنه قديس أو واحد من أولياء الله الصالحين. ولكن عندما وضع فى الإختبار، وخير بين الموت وبين التفريط فى تمسكه بحقه أن يعبد الله، إختار الموت. وفى لحظة نجح فى الإختبار الصعب وترقى إلى رتبة الشهداء، أسمى وأعلى مرتبة عند الله.  وهو وإن كان قد قتل قبل أن يصبح له مكان يصلى فيه على الأرض فهو الآن فى مكان أفضل بكثير يتمتع بأمجاد السماء على الدوام ويسبح ويرنم مع الملائكة فى محضر الله.
 حوادث الأسابيع الماضية تعكس الحالة المأسوية التى ألمت بمصر. الإتهامات الكاذبة التى روجها البعض ممن يعتبروهم علماء ومفكرين والتى هددوا فيها بالعواقب الدموية، وتتحقق رغبتهم فى إثارة المتعصبين من السلفيين، فأصبح الشارع المصرى مسرحا لعرض أسبوعى كل يوم جمعة يهددون فيه أقباط مصر ويهينون  قداسة البابا شنودة صاحب المواقف الوطنية التى لا يستطيع أن ينكرها إنسان.
 ويستمر هذا الإرهاب والتهديد على مدى ۱٤ مظاهرة فى شوارع القاهرة والإسكندرية بينما رجال الأمن يرقبون من بعيد دون محاولة لإيقافهم أو حتى تهدئة هتافاتهم البذيئة .
 ولكن على صعيد آخر كانت جماعة من أقباط قرية العمرانية يبنون كنيسة ليتعبدوا فيها لله. ومع أن المنطقة من العشوائيات والمبانى تقام هناك غالبا بدون ترخيص وأحيانا على خلاف المواصفات القانونية. ولكن بناء كنيسة أمر خطير يخضع لمعايير أخرى صارمة لا تطبق حتى على أماكن اللهو والمجون.
 على مدى أكثر من عشرة سنوات حفيت أرجل هؤلاء المساكين فى الحصول على ترخيص لبناء كنيسة.  فبناء الكنائس  ما يزال يخضع لقوانين الخط الهمايونى من العصر العثمانى وشروطه العشرة منذ أكثر من ٧۰ عاما  لوكيل الوزارة الشهير العزبى باشا، ويتطلب توقيع رئيس الدولة شخصيا. ولأن الحصول على ترخيص لبناء كنيسة فى ظل  كل هذه العوائق يكاد يكون مستحيلا فقد لجأ محافظ الجيزة (كتر خيره) إلى إقناع المسيحيين أن يعتبروا المبنى مركزا للخدمات الدينية ثم بعد بناءه يستعملوه ككنيسة للصلاة. وفعلا بدأ المسيحيون فى البناء منذ أربع شهور وإرتفع المبنى من دور إلى دور إلى أن أكتمل ولم يتبقى غير السقف. وعملية البناء تمت علنا أمام الشعب والشرطة والرائح والغادى دون إعتراض من أحد.
 ولكن قامت القيامة عندما تجرأ المسيحيون على وضع قبة فوق المبنى لإعتقادهم أن هذا لا يتعارض مع جوهر الإتفاق مع المحافظ. وتحرك قادة الأمن البواسل مع جيش من الأمن المركزى فى إتجاه موقع المعركة مسلحين بالعربات المصفحة والبنادق الآلية ومزودين بالقنابل المسيلة للدموع والذخيرة الحية والمطاطية، واتخذوا مواقعهم الإستراتيجية محاصرين مبنى الكنيسة من جميع الجهات ومن فوق كوبرى يطل على المبنى.
 وبدأت المعركة مع بضع مئات من المواطنين العزل الذين عز عليهم تسليم المبنى لهم بعد أن تعبوا على مدى شهور فى بناءه بأيديهم. وقامت معركة الجيش المركزى بكل معداته العسكرية ضد شعب الكنيسة الاعزل الذى لم يجد حوله سوى الطوب والحجارة.
 ولكن لقوات الأمن المركزى أن يفتخروا بأنهم استطاعوا أن ينتصروا على المواطنين الأقباط وإستطاعوا إيقاف جريمة بناء كنيسة العمرانية وأن يقبضوا على 197 ويصيبوا 93  بالجراح ويردون الشاب مكاريوس جاد شكرى قتيلا.
 أعتقد أن بن لادن ومعه عقله المفكر الطبيب المصرى أيمن الظواهيرى يجلسون الآن فى جحرهم فى جبال أفغانستان يستمعون إلى هذه الأخبار على جهاز الراديو وهم  يقفزون فرحا ويصرخون "الله وأكبر"... "الله أكبر"... فقد أبلى المجاهدون المصريون بلاءا حسنا ضد الأقباط الكفار. وربما نتيجة لذلك سيعدل رجال القاعدة خطتهم بنقل عملياتهم الإرهابية إلى داخل مصر ضد الأقباط لتحرير أخواتهم المحتجزات فى سجون الكنائس. فقد قام أخوتهم مجاهدى قوات الأمن المركزى بالحرب بدلا عنهم.
 وفى مدينة العمرانية كل شئ عشوائئ كالعادة...حتى مدافع الأمن كانت مصوبة تجاه الأقباط أيضا بشكل عشوائ، لا تهمها من تجرح أومن تقتل، فالجميع أقباط.
 وجسد الشهيد مكاريوس مسجى على أرض كنيسة العمرانية وهو مدرج بالدماء. والقبة التى قتل مدافعا عنها ترتفع نحو السماء شهادة أمام الله عن ما يجرى للأقباط فى بلدهم مصر.
 لقد أصبح مكاريوس شهيد القبة، والقبة أصبحت قبة الشهيد. ولذلك أتمنى لو أعيد تسمية هذه الكنيسة لتحمل اسم هذا الشهيد الذى ضحى بحياته دفاعا عن قبتها. وأتمنى لو أمكن أن يقام تحت القبة ضريح للشهيد،  أو على الأقل تعرض فى فاترينة زجاجية  ملابسه التى كان يرتديها وقت إستشهاده، أو مجرد قطعة منها وعليها قطرة من دمه الطاهر.
 أيها الشهيد مكاريوس أذكر أخوتك أمام عرش الله.

تكملة: بعد كتابة المقال بلغنا وفاة الشهيد ميخائيل مبارك ميخائيل وله أيضا ولكل من سيستشهدون بعده دفاعا عن نفس الكنيسة  أخص كل كلمة فى هذا المقال




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :