الأقباط متحدون | الأنجيل
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٠:٠٠ | الاربعاء ١ ديسمبر ٢٠١٠ | ٢٢هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٢٣ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الأنجيل

الاربعاء ١ ديسمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم : صموئيل عازر دانيال
يسوع نفسه هو «الإنجيل» الأخبار السارة
:
المسيح أتى - لا لكي يُسلِّم لنا كتاباً إسمه ”الإنجيل“ - بل ليكون هو نفسه ”الإنجيل“ أي الخبر المُفرح السار للبشرية. و”الإنجيل“ هو النُطق العربي للكلمة اليونانية evangeleion إيفانجليون. ومعناها الحرفي: ”الرسالة المُبشِّرة بالخبر المُفرح السار“ وعادة يكون هو خبر الإنتصار. والخبر المفرح السار للبشرية هو خبر ”مجيء الله نفسه“ للبشرية في شخص «ابنه» أي «كلمته»، ذلك لأنه حينما يتكلم الله أو يحضر، فيكون «الكلمة» «الابن» هو الذي يتكلم أو يحضر، فما بالك إذا كان قد أتى مجُسَّماً ومتجسِّداً، أي «لابساً طبيعتنا البشرية».
شرح الفرق بين وجود الأُبوَّة والبُنوَّة في الله، وبين وجودها في المخلوق :

”الأُبُوَّة“ و”البنوَّة“ في الذات الإلهية هي قائمة منذ الأزل، أي قبل وجود الخليقة والزمن، وهي إلهية غير جسدية غير مُتكررة. ثم جاء تدبير خلقة الإنسان
حسب هذه الصورة عينها، ولكن بتدبير يتوافق مع طبيعة المخلوق، أي أن يكون في الخليقة أيضاً ”أُبُوَّة“ و”بنوَّة“، ولكن جسدية بشرية مُتغيِّرة متكرِّرة، ولهذا أصبح هناك فرق في وجودها في البشرية غير وجودها في الله: فإذا كان إحداث البنوَّة أي الولادة في الله ليس محتاجاً إلى عنصر خارج عن الله لكي تحدِث الولادة، لأن الله كامل في ذاته منذ الأزل بابنه وروحه، وهي قائمة فيه منذ الأزل؛ فإن البُنوَّة التي وضعها الله في الإنسان – الذي هو مخلوق محدود وناقص – دبَّر أن تحدث في الإنسان بتوسُّط عنصر خارجي ليُحدِثها في الزمن، أي بوجود إنسان آخر بجانب آدم، هو المرأة التي أُخذت من جَنْبِه، وذلك حتى تكتمل الولادة الجسدية، وذلك لأن الإنسان – وأي مخلوق – هو بطبيعته ناقص وخاضع للزمن، لذلك يحتاج إلى كائن آخر بجانبه «ليس جيِّداً أن يكون آدم وحده، فأَصْنع له معيناً نظيره» (سفر التكوين 2: 18). أما الله فليس هكذا، فهو الواحد وحده، الأزلي أي قبل الزمن، الكامل والمُكتفي بذاته، وفيه الأُبوَّة والبنوة قائمة في جوهر الله منذ الأزل، وتربطهما المحبة الأزلية، ورباطها هو الروح القدس، وبهذا لا ينقصه شيء ولا يحتاج إلى شيء. لذلك قيل إن «الله محبة» (4: 8)، فالمحبة هي جوهر الله، فيه المُحِبُّ (الآب)، والمحبوب (الإبن)، والروح القدس منذ الأزل، الآب والابن والروح القدس، في طاقة محبة دائمة متأججة منذ الأزل لا تخمد ولا تنطفئ ولا تتكرر لأنها دائمة.
- أما الناس، فاله  بمحبته خلقهم هكذا: «ذكراً وأنثى خلقهم» (تكوين 1: 27). ووضع الحتمية على الإنسان: أن يكون إثنان لتتم الولادة الجسدية في البشرية مُتكرِّرة في الزمن، ما يتوافق مع خلقة الإنسان المحدود الناقص، ورتب له كل مُستلزمات الحياة البشرية الطبيعية، بإبداع وحكمة لا يقدر أن يتصوَّرهما أي إنسان. ملاحظة عابرة: وبالتالي لا يصح أن يتجرَّأ أي إنسان على الله، فيضع على الله هذه الحتمية التي وضعها الله على البشر، فهذا تصوُّر مُتعالي من المخلوق، وتجديفي على الخالق.
- وهكذا – بتجسُّد إبن الله - صار الله يُكلِّمنا في «ابنه» «كلمته» المولود من جوهره منذ الأزل، بسرٍّ إلهي غير منطوق به، فصار يُكلِّمنا - لا برعود وبروق، مثلما كان يكلَّم موسى النبي في العهد القديم، بل ها هو يكلمنا ”بكلمته“ ”بابنه“ من خلال الجسد البشري الذي أخذه من القديسة العذراء مريم بسرٍّ لا يُنطق به، وجعله واحداً مع لاهوته، دون أن يتغير إليه، ولا أن يفقد صفة وهويَّة لاهوته، بل أن يتكلم مع الناس باللغة البشرية التي يتكلَّمون بها، وجهاً لوجه معهم، ويظل هو هو الله. وهذه صورة فريدة للقدرة الإلهية غير المحدودة، وأيضاً وفي نفس الوقت، هي آية للتواضع الإلهي غير المنطوق به، ما لا يقدر أحد أن يتصوَّره، ولا أن يسبر غَوْرَه، أو يدركه بعقله، بل بأن يؤمن به فقط ويعبده، ويسجد له: كما قال القديس بولس: «وَبِالإِجْماع عظِيم هو سِرُّ التَّقْوَى: الله ظَهر في الجَسَدِ، تَبَرَّرَ في الرُّوح، تَراءَى لملائكة، كُرز به بين الأمم، أُومِنَ به في العالم، رُفعَ في المَجْد» (تيموثاوس الأولى 2: 16). وكما كتب القديس يوحنا: «الله محبة. بِهذا أُظْهِرت محبة الله فينا: أَنَّ الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به» (الرسالة الأولى 4: 8، 9)، «وإِذ وُجدَ في الهيئة كإِنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رَفَّعه الله أيضاً، وأعطاه اسماً فوق كل اسم لِكي تجثو بِاسمِ يسوع كل رُكْبة مِمَّنْ في السماء ومَنْ على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لِسان أنَّ يسوع المسِيح هو ربٌّ لمجد الله الآب» (فيليبي 2: 8- 11).

-فأي فرح هذا؟ وأي سرور هذا؟ أن الله يعيش ويتكلم مع البشر بصوت البشر، ويأكل ويشرب معهم بالجسد، يُعايشهم حياتهم بكل ما فيها من أفراح وآلام وحزن وبكاء، وأخيراً يموت بالجسد، حيث أعْقَبَتْه قيامة مُنتصرة على الموت لحساب الطبيعة البشرية التي لبسها، والله هو هو لم يتغير. هكذا أتى المسيح لابساً الطبيعة البشرية نفسها التي يلبسها البشر، مُشابهاً إيانا في كل شيء فيما عدا الخطية لأنها لم تكن أصلاً من صميم الطبيعة البشرية!
- أما نحن فمن خلال المعمودية، نولَد من الماء والروح لموت وقيامة المسيح الإبن المتجسِّد: «مَنْ آمَنَ وَاعْتمد خلص» (مرقس 16: 16)، فنلبس الطبيعة البشرية المُمجَّدة التي لبسها المسيح المُنتصر على الموت: «لأَنَّ كُلَّكم الذين اعْتَمَدْتُمْ بِالمسِيح قد لَبِسْتُمُ المسيح» (غلاطية 3: 27).
- وبعد صعود المسيح إلي السموات ظل هو هو «الله معنا» (عمانوئيل)، إذ أرسل لنا روحه القدوس ليحلَّ في قلوبنا وضمائرنا وعقلنا، ومن خلاله، يأتي المسيح بروحه، ليكون حاضراً ساكناً ماكثاً فينا داخلنا، يخاطبنا، ويرشدنا، ويُعلِّمنا كل الحق، و يُعزِّينا في آلامنا، وأحياناً يُبكِّتنا على خطايانا، وبهذا يُكمِّل معجزة مجيئه واستمرار حضوره معنا وفي وسطنا حضوراً حياً فعاَّلاً، حيث بالتوبة يُجدِّد دائماً طبيعتنا الجديدة التي وَلَدنا بها.
- لذلك، فالإنجيل لا يقدِّم لنا أفكاراً، بل شخصاً، هو الرب يسوع بملء حياته وموته وقيامته، كما قال عنه القديس بولس: «السرُّ المكتوم منذ الدهور ومنذ الأجيال، لكنه الآن قد أُظهر لقديسيه... الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد، الذي ننادي به كل إنسان...» (كولوسي 1: 27، 28). تأمل في قوله «ننادي به كل إنسان» «بالمسيح فيكم رجاء المجد»، لا ينادي بأفكار عن المسيح بل بالشركة الباطنية مع المسيح. ونفس النداء يقوله القديس يوحنا الرسول: «فإن الحياة أُظهِرت، وقد رأينا، ونشهد، ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهِرت لنا» (يوحنا الأولي 2:1). هذا هو الإنجيل: «المسيح فيكم رجاء المجد»، «والحياة الأبدية (أي كلمة الله) التي كانت عند الآب مخفية ولكن أُظهرت لنا نحن البشر».
- وما كُتب عن المسيح ليس سيرة حياة شخصية، لأن سِيرَ الحياة تُكتب عادة عن أشخاص ماتوا وانتهوا. فإذا كتب أحدٌ سيرة حياة شخص ما زال حياً، فهي تكون سيرة ناقصة. لكن الإنجيل هو سيرة حياة شخص ما زال وسيظل حياً إلي أبد الآبدين، ليس وحده في السماء، بل وأيضاً حاملاً طبيعتنا البشرية المُمَجَّدة، ويظل معنا على الأرض بروحه القدوس الساكن فينا. إنه «الحياة الأبدية»، حاضر معنا وفينا، وقلبه ما زال ينبض مع قلوبنا، إنه الذي مات لكنه قام حياً، وهو إلي الآن حيٌّ فينا إلى يوم لقائنا معه في السماء إلي أبد الدهور.
ماذا يحوي «الإنجيل» ؟

إن دراسة الإنجيل يجب أن تكون دراسة حول «شخص» الرب يسوع، وحول «عمله».
فالإنجيل يضمُّ الاثنين معاً: «شخص» الابن المتجسد، و«عمله»، باعتباره «المسيح خادم وعبد الله» كما أطلقت النبوات القديمة عليه هذا الوصف، كما صوَّره بروح النبوة سفر إشعياء النبي في العهد القديم (أصحاح 53 كله). وهذان الموضوعان الاثنان: «الشخص» و«العمل» هما واحد في الأخبار السارة عن خلاص الله للبشرية. و«الإنجيل» هو التعبير عن المناداة بأخبار الله السارة للجنس البشري. وهذه الكلمة «الإنجيل» نجدها مغروسة في نداء الكرازة بالإنجيل وبشارة المسيح للناس منذ بدء مجيئه، يعُلنان عنه: «ها أنا أُبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب» (لوقا 10:2). هذه كانت كلمات الملاك للرعاة يوم ميلاد المسيح. أما المسيح نفسه فيقول: «إنه ينبغي لي أن أُبشِّر المدن الأُخَر أيضاً بملكوت الله، لأني لهذا قد أُرسِلْتُ» (لوقا 5: 43). تأمل في كلمة «أُبشِّر» فهي تعني «ينادي بأخبار مُفرحة سارة». فالبشارة والتبشير هما المناداة بأخبار «حلول الله وسط البشرية» مخُاطباً إياهم بكلمته المتجسدة، وليس بأية مواضيع أخري أو بأشخاص آخرين. إن موضوع البشارة المسيحية أعظم من أي موضوع آخر - مهما كان - لأنه تحقيق ما كان موعوداً به منذ آلاف السنين، وهو الحياة الأبدية ومغفرة الخطايا.
الإنجيل كان الأنبياء ينتظرونه :

والخبر السار بمجيء الرب يسوع كان مُعتبراً أنه الوفاء بكل توقعات ووعود الأنبياء: «ما أجمل علي الجبال قَدَميِّ المبِّشر، المُخبر بالسلام، المُبشِّر بالخبر، المُخبر بالخلاص» (إشعياء 7:52). وحتى إن كان إشعياء في زمانه يعتبر هذا الخبر السار إشارة إلي رجوع بني إسرائيل من السبي الذي كان في أيامه، لكنه في نفس الوقت كان رمزاً مُسْبقاً لإعلان خلاص الله لكل البشرية – وليس فقط خلاص بني إسرائيل، ومن حكم الموت الأبدي وليس فقط من عبودية مؤقتة. أما قائمة النبوات فهي طويلة لا مجال هنا لعرضها بالتفصيل.
إنجيل الله منسوباً إلي أعمال المسيح الخلاصية :

يحدد القديس بولس موضوع رسالته إلي مؤمني مدينة روما أنه: «إنجيل الله» (1:1). أما القديس مرقس البشير فهو يفتتح إنجيله بهذه الكلمات: «بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله» (1:1). وكلا الإثنين يؤكدان علي الأصل والأساس الفائق علي الوجود المادي للأحداث المختصة بيسوع الناصري.
- وهناك استخدامات أخري لكلمة «إنجيل» تُطلَق علي الأوْجُه المتنوعة للأعمال الخلاصية التي أتمَّها وأكملها المسيح للبشرية مثل: إنجيل ”حلول برِّ الله“ (روميه 17:1)؛ أو «بشارة ”نعمة الله“» (أعمال 24:20)؛ أو «”رجاء“ الإنجيل» (كولوسي 23:1)؛ أو «إنجيل المسيح... ”قوة الله للخلاص“» (روميه 16:1)؛ «إنجيلنا لم يَصرْ لكم بالكلام فقط بل ”بالقوة“ أيضاً ”وبالروح القدس“» (تسالونيكي الأولى 5:1)؛ أو «”حق“ الإنجيل» (غلاطية 15:2)؛ «كلمة الحق، إِنجيل خلاصكم» (أفسس 1: 13). وفي كل هذا تبقى هذه الأوْجُه أو الرؤى أو العطايا هي إنجيل المسيح، الخبر السار المفرح لمجيء الله بنفسه إلي عالم البشرية.
من ”الإنجيل“ البشارة الشفاهية، إلى الأناجيل الأربعة المكتوبة :

ويبقي بعد ذلك أن نفحص كرازة الرسل تلاميذ الرب وشهوده الأوائل، والقديس بولس الرسول، لنتعلم كيف كانت الكرازة والبشارة بالمسيح بواسطة الرسل، التي كانت أولاً شفوياً ثم بدأ الرسل تلاميذ المسيح في تسجيلها كتابةً بحبر وعلى ورق، حيث كان أول إنجيل مكتوب هو إنجيل مرقس حوالي عام 60 – 70م. وهذا ما سنعرضه في المقال القادم إن أحب الرب وعشنا .




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :