بقلم: مايكل مجدي برسوم
عزيزي القارئ، قد تشعر في هذا المقال بأنه يأخذ طابع "اختبار شخصي" حاولت الانفلات منه لم أستطع، فكتبت به، وفي النهاية رأيته يعطي ثقلًا لمقالي الأكاديمي هذا فتركته.
في خضم الأحداث المتلاحقة، التي نستيقظ عليها كل صباح، ونتعشى بها قبل النوم، وما نشاهده على شاشات الفضائيات، والإنترنت، من قتل ودمار وعنف، ولا أُخفي عليكم شعوري بالضيق والاكتئاب أمام الأخبار السيئة التي تمس المسيحية في العالم القريب والبعيد، وهذا لا أعتقد أنه تطرف، ولكنه انتماء عميق دفين، فالمسيحية ليست ديانة، بل هي حياة، وعكسها هو الموت، في رأيي الشخصي.
وأثناء دراستي الكتابية كثيرًا ما كنت أواجه آياتًا رائعة، ولكني كنت أتساءل: أين هذه البركات وسط هذا الوضع البائس؟ ومتى تتحقق هذه الوعود؟ وما هي توقيتاتك يا رب حتى أنتظرك؟، وتخوفًا من الوقوع في الفكر الإلحادي كنت أُسكن نفسي بالمسكنات الروحية المشهورة (لا تجادل ولا تناقش يا أخ علي) وهكذا كنت أتعايش شبه راضٍ بالإجابة، ولكن في أعماقي كان يبيت انتظار لإجابة شافية.
أثناء دراستي الأكاديمية أصابني الدوار! ليس من أي مشكلة عضوية، ولكن من كم الضلال الذي نحن فيه، وكنت أريد أن أنتصب وأصفق للرب لأجل عمله فى وسطنا، رغم عدم علم الكثيرين بهذا الحقائق، ولكنه مستمر في عمله، وهذه الإحصائيات والأرقام هي نتائج بحوث أكاديمية موثقة، محايدة وأمينة، استغرقت سنينًا من الجهد المخلص، والغرض من رصدي لها وإعلانها ليس التشجيع فقط، ولا رفع الروح المعنوية، ولكن لكي نرصد ونتوقع ونشارك في عمل الله في جيلنا هذا، ولا نكون متفرجين أو سائرين في القطيع دون وعي.
إن ما يفعله الرب في وسطنا هذا العصر، لأمر مذهل في انتشار الإنجيل، فالإحصائيات تقول أنه يوجد واحد ضمن كل عشرة من سكان العالم يقرأ الكتاب المقدس ويؤمن به أي 10 %، والعجيب أن عدد المسيحيين الحقيقيين في البلاد الحديثة العهد بالمسيحية، يزيد عن عدد المسيحيين في البلاد التي بشرتهم بالإنجيل من سنوات معدودة، وعدد المرسلين الذين ترسلهم الكنائس غير الغربية (التي كانت مُرسل إليها قريبًا) يزيد الآن عن عدد المرسلين من الكنائس الغربية، كما أن عدد نمو المسيحيين المؤمنين في أمريكا اللاتينية يفوق عدد النمو البيولوجي بثلاثة أضعاف!! لا تتعجب وإن تعجبت لن ألومك فقد فعلتها قبلك.
الصين أحد أكبر البلاد الشيوعية، والتي اشتهرت باضطهاد المسيحيين السنوات الماضية، وكل المحللين للتاريخ والمتخصصين قالوا بأنها نهاية المسيحية هناك، عندما كان عدد المسيحيين الحقيقيين هناك مليون مسيحيًا، وفي أقل من 50 سنة فقط وصل عدد المؤمنين إلى 80 مليون مسيحي، كل هذا في كنائس تحت الأرض وفي البيوت!!
في الثمانينات كانت "نيبال" لا تزال مملكة هندوسية صامدة، ليس بها سوى كنيسة صغيرة مضطهدة، أما اليوم ففيها مئات الآلاف من المؤمنين.
لقد استغرق الأمر 18 قرنًا من الزمان لينمو عدد المسيحيين من صفر إلى 2.5 % من تعداد سكان العالم، حتى عام 1900م، واستغرق الأمر 70 سنة فقط ليصل عددهم من 2.5 % إلى 5% سنة 1970، أي فى 70 سنة فقط تم تحقيق نتيجة استغرقت 18 قرنًا من الزمن!، وخلال الثلاثين سنة الماضية فقط نما العدد من 5 % إلى 11.2% من إجمالى سكان العالم!!، والآن ولأول مرة في التاريخ نجد مسيحي حقيقي مقابل تسعة أشخاص غير مؤمنين على مستوى العالم!، إنها لحقيقة مُذهلة تثبتها الإحصائيات والأرقام، ورصدها العالمان الدكتور "رالف وينتر" والدكتور "بروس كوك".
ما أعتقده ويرسخ في قلبي وعقلي حتى النخاع، هو أن عمل الله لكل الأمم وشعوب وقبائل الأرض، وعمل الرب أكبر بكثير من مفهوم ديانة ودين، وطريقة وطقس وطائفة، إنه شيء أكبر من الوصف، هو تقابل الله مع بني البشر "انظروا بين الأمم وأبصروا وتحيروا حيرة. لأني عامل عملاً فى أيامكم لا تصدقون به إن أُخبر به" (حبقوق 1: 5) ليكن لنا تصور وتخيل لما يريد الله أن يفعله في وسطنا وفي جيلنا، والذي أثق جدًا به هو أن الله يتحرك في خطته بغض النظر عن أي قوة بشرية أو شيطانية، من يقف في وجهه سبحانه؟ لا أحد، ولا عروش ولا حدود ولا قوات ولا حتى الموت، "لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن فى السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض" (فيلبي2: 10)، وأترك هذا السؤال معكم: هل عندما يجيئ وقت افتقادنا سنكون من المتفرجين أم المشاركين؟!