الأقباط متحدون | رد على الشيخ "عبد الله سمك"
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٣:٤٨ | الأحد ٥ ديسمبر ٢٠١٠ | ٢٦ هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٢٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

رد على الشيخ "عبد الله سمك"

الأحد ٥ ديسمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: القس أيمن لويس
   وساخة.. عفوًا عزيزي القارىء.. لست أنا من يقول، بل الشيخ المذكور هو من تحدَّث بها من قناة "الروضة" الفضائية، عبر القمر المصري، متطاولاً على الكتاب المقدس.. وحي الله الذى يؤمن به المسيحيون في أرجاء العالم. مدعيًا أن هذا ما وصف به القديس الإصلاحي "مارتن لوثر" الكتاب المقدس!

وتابعت حديث الشيخ عبر موقع صوت المسيحي الحر، وشعرُت- وملايين معي من المسيحيين- بالغضب والمهانة، وبدأت أعد العدة بكل ما أملك من معرفة في قاموس البذاءات للرد، وأمامي على المكتب كتابي المقدس. وما أن نظرت إليه، إلا وبدأت التراجُع عن فكر الحماقة، متذكِّرًا ما تكلَّم به الله في كتابه المُهان "غير مجازين عن شر بشر أو عن شتيمة بشتيمة، بل بالعكس مباركين، عالمين أنكم لهذا دُعيتم لكي ترثوا بركة"(1بط9:3)، "أغضبوا ولا تخطئوا" (أف26:5)، "المحبه لا تُقبِّح"(1كو5:13)، "من هذا نعرف روح الحق وروح الضلال"(1يو6:4)!!!

في الواقع حاولت أن أفهم ما الغرض من حديثه لأفهم ماذا يريد أن يقول، حتى نقدِّم الرد؟ والحقيقة، بذلت جهدًا للحصول على جملة مفيدة، فلم أصل إلى نتيجة، إلا أنه رغبة في التطاول والازدراء والانتقاص من معتقد الآخرين (اليهود والمسيحيين)!

أتذكر أنه كان قد ظهر علينا الشيخ منذ فترة على قناة لا أتذكرها، معلنًا أنه سوف يقوم بالرد على كافة الأسئلة التى طرحتها قناة الحياة الفضائية المسيحية على القمر الأوربي، وهي الرائدة فى تقديم حوار النقد الديني بأسلوب علمي هادف كما يعرفه أهل العلم. وانتظرنا.. وانتظرنا، ولم يرد على شيئ!!

ومجازًا نعتبر أن ما تحدَّث به الشيخ، يدخل تحت هذا المسمى "حوار الأديان" و"الدين المقارن"، وإن كان ما نعرفه عن هذا العلم يختلف كل الاختلاف عن هذا الشئ الذى رأيته؛ فهناك فرق بين التطاول وتجاوز حدود الأدب، وما يُعرف بهذا العلم. فالأخير هو حوار المساطب، والأول علم وبحث ودراسة وأمانة علمية.. إنه رقي وتحضُّر، يُقدِّر إعمال العقل، ويحترم اجتهاد الإنسان وسعيه لإدراك الحقيقة. وإذا قارنا ما تحدَّث به بابا الفاتيكان والأنبا "بيشوي" من أسئلة مشروعة، وكيف أغضبت جموع المسلمين فى شتَّى أقاصي الأرض،  وجدنا أنه لا يُقارن بما يتحدث به الشيخ وغيره على عقائد المسيحيين!! كما علمت أن الشيخ يحمل لقب الدكتور مما جعلنا نشعر بالأسف. إلا أنه فى ذات الوقت يؤكِّد لنا أن التقييم الذى لم يضع جامعة مصرية في التصنيف العالمي للجامعات الأكاديمية والعلمية صحيح ولا يشوبه خطأ! والآن، عودة لصلب الموضوع لتقديم الردود المنطقية والعلمية.

تحدَّث الشيخ في عدة نقاط:
• مغالطات علمية عن المصلح القديس "مارتن لوثر".
• الخلط بين النبي والرسول، وإشكالية اللغة فى تدوين الوحي.
• الكتابات الروحية غير المصنَّفة ضمن نصوص الكتاب المقدس القانونية، والخلط بينها وبين ما يسمَّى بالتقليد والتلمود.

ومن الواضح أنه تناول رؤوس مواضيع بحثية كبيرة دون قصد. وإن التزمنا بمنهج الدين المقارن، لتعرضنا لبعض الأمور في العقيدة الإسلامية التي قد تُغضب الشيخ ومشاعر المسلمين؛ لأنهم يرفضون إعمال العقل النقدي في النص الديني!! بخلاف المسيحية التي قبلت ذلك بأعلى مستويات النقد، دون وضع أي حدود للتفكير العلمي والمنطقي، مع الالتزام بالشفافية والأمانة في النشر، وعدم مصادرة الفكر. وإن دل هذا على شىء، إنما يدل على متانة العقيدة المسيحية ومصادرها.

أولاً- المتَّهم البرئ والمصلح الجرئ القديس "مارتن لوثر": إنني أكتب عن هذا القديس، وأنا قس إنجيلي أُسُس إيمانه العقائدية مستمدة من حركة الإصلاح التى بدأها "لوثر".. أقول هذا حتى يعلم من يقرأ المقال، إننا إن كنا نتكلَّم فعن علم وبحث. وقرأت قدر ما قرأت في الكُتب المتعلقة بهذا المُصلح، لم أقرأ قط وصفه للكتاب المقدس بهذه الكلمة، بل العكس. فمن خلال دراستنا للفكر اللاهوتي للمصلح، ومن خلال كتاباته، ومن يعرف مبادئ حركته الإصلاحية، يدرك أنه بنى فكره على رفع وتعظيم شأن الوحي المقدس كلمة الله، بل تأسست حركته الإصلاحية من خلال إحدى آيات الكتاب المقدس: "أما البار فبالإيمان يحيا" (رومية 1 : 17). لم يكن لـ"مارتن لوثر" خلاف مع الكتاب المقدس بصفته الوحي المعصوم من الخطأ، بل كان خلافه مع النظام الكنسي وقادته، حيث رأى أنه نظام وضعي تجاوز حدود كلمة الله. وقد ولد فى 10 / 11 / 1483م، وتوفى سنة 1543م عن عمر (63) عامًا. درس في جامعة "إفورت" سنة 1501، والتحق بالدير الأوغسطيني سنة 1505م، ورُسم قسًا سنة 1508م، وبدأ حياته العملية دارسًا للفلسفة. ثم اتجه لدراسة اللاهوت حتى حصل على الدكتوراة. وقد وصف رغبته فى التبحُّر في دراسة اللاهوت في خطاب لصديقه "يوهانس براون"، قائلاً: "أعني اللاهوت الذى يبحث عن بذرة الجوز، ولباب حبة القمح، ونخاع العظام". هل يُعقل لمن يتقول عن الكتاب المقدس بمثل هذا الكلام أن يسئ له بمثل هذه البذاءات؟!

وهو أيضًا من أعلن فى مطالبه الخمسة والتسعون الشهيرة التى حوكم بسببها، أنه لن يخضع إلا لضميره، والكتاب المقدس، والمنهج العلمي فى التفسير، ورفض الخزعبلات. وقد ختم كلامه قائلاً: "على هذا عاهدت نفسي، وسأكون على العهد مقيمًا، أعانني الله".

من هذا يتضح أنه قد بنى القديس دعوته فى الأساس على كلمة الكتاب المقدس. وتُعلن كتب تاريخ الفكر المسيحي، أنه من أُسُس مبادئه الإصلاحية، المناداة بإعادة وضع كلمة الله (الكتاب المقدس)؛ لكي تحتل الجزء الأكبر في العبادة، حيث كانت قراءة الوحي المكتوب جزاءًا صغيرًا من وقت القداس الإلهي، وحكرًا على طائفة الإكليروس (رجال الدين). بينما رأى أنه حق لكل أفراد الشعب المسيحي. كما أقرَّ بعصمة الكتاب المقدس من خلال قبوله جميع نصوص الوحي، وبخاصةً التي تعلن قدسيته وعصمته، مثل ما ورد فى رسائل "بطرس" و"بولس": "عالمين هذا أولاً أن كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص؛ لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلَّم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (رسالة بطرس الثانية 1 : 20 – 21)، و"كل الكتاب هو موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر" (تيموثاوس الثانية 3 : 16 – 17)، وغيرها.
كما أقرَّ بسفر الرؤيا آخر أسفار الكتاب المقدس. وتشهد آخر آياته بحفظ الوحي من الدنس، ومن أي زيادة أو نقصان. وللأمانة العلمية، أقصى ما تفوَّه به عن الكتاب المقدس في دراسته النقدية، كان يخص رسالة "يعقوب" بالعهد الجديد واصفًا إياها (straw) أى قش؛ لأنها بحسب قضيته الروحية تغفل إبراز دورعمل نعمة المسيح، وهى عماد الإيمان الإصلاحي؛ لأنها تعتمد على الأعمال، بينما يؤمن أن الأعمال لا تمنح الخلاص، بل هو عمل نعمة المسيح. وما الأعمال إلا ثمر عمل نعمة المسيح في الإنسان، وهو صياغة مفهوم الإيمان. كما قام بترجمة للكتاب المقدس من لغاته الأصلية للغة الألمانية، وكان قسًا لكنيسة "وتنبرج"، والتى علَّق على أبوبها مطالبه واحتجاجه، ومن أهمها:
1- رفع شعار "الكتاب المقدس وحده sole scriptural .. "، وأن الإنجيل نعمة الله، يأبى التصرفات المخزية التي يقترفها تجَّار منح الغفران.
2- إن كل مسيحي مُعمَّد يمكن اعتباره رجل من رجال الدين (عقيدة كهنوت جميع المؤمنين).
3- حق زواج رجال الدين.
4. إلغاء صكوك الغفران والغفران للموتى، وأن لا يغفر الذنوب إلا الله.
5- إلغاء القداس الإلهي باللغه اللاتينية، وإقامة العبادة بلغة الشعب.

ولم تكن رغبة "لوثر" مهاجمة البابا، بقدر دفعه على تصحيح المخازي التي تسئ للإيمان المسيحي، ووقف المتاجرة باسم الدين، وإن اختلفت معه الكنائس التقليدية في آراءه التفسيرية، لكننا جميعًا نتفق في الجوهر (صحة الكتاب بالأدلة العلمية والمخطوطات، والفداء الذى تم بالصلب وتؤكده الحفريات والوثائق التاريخية، ووحدانية الله مثلث الأقانيم). بمعنى إننا نتفق جميعًا فيما نختلف فيه مع المسلمين.

 من كل هذا لا نجد أي أشارة لما قاله الشيخ! كما نلاحظ أن الشيخ يتحدَّث عن المسيحية بالثقافة الإسلامية، مستخدمًا أسلوب العنعنة!! فقد قال ما نصه "قال الكتاب ديه كان فيه وساخة (وهو يمسك الكتاب المقدس) أنا اللى نظفتها، وكان فيه كلام مكنش حد يعرف يفسَّره أنا اللى فسرته.. هذا الكلام نقله البعض، ونظن أنه بعد هذا الكلام للأخ النصراني، لا نتوقع منه إلا أن يحذف من الكتاب بعض الأسفار الموحى بها "! فهو يتحدَّث عن شخص نصراني مجهول النسب والهوية. كما أضاف قائلاً: "هذا ما جاء في بعض الكتب التي أضافت إلى "مارتن لوثر"، وطبعًا هذا الكلام موثَّق بجزئه وصفحته". ولم يذكر لنا لا الجزء، ولا المرجع، ولا رقم الصفحة، كما تفعل قناة الحياة!

وهنا نسأل: إن كان رأي القديس "مارتن لوثر" ما تحدَّث به الشيخ، فلماذا ظل متمسكًا بالمسيحية؟! بل ويعمل قسًا معلمًا للكتاب المقدس حتى موته، وهو ألماني في بلاد الحرية؟ لماذا لم يترك المسيحية ويصير ملحدًا؟ أو يذهب لدين آخر كالإسلام مثلاً؟!!

ثم إن المذهب الإنجيلي البروتستانتي، والذي يعتبر "لوثر" هو الملهم في تأسيس فكره الإصلاحي، من أشد المحافظين في الكتاب المقدس. وأتباعه اليوم فى العالم يقل عن المليار قليلاً، بل و"ألمانيا" بالتحديد تعتنق فكره ومبادئه، وهي واحدة من الدول العظمى في العلم والتقدُّم. إن العالم المسيحي الذي يقترب تعداده من مليارين ونصف يؤمن بهذا الكتاب المقدس، ومن نتاج كتابهم هذا ارتقوا لأعلى درجات العلم، وقدَّموا للبشرية والعالم أروع الاسهامات. ولولا اختراعاتهم التكنولوجية، لما عرف أن يتحدَّث هذا الشيخ في الفضائيات، بل ويذهب حضرات الشيوخ ورؤساء وملوك الدول الإسلامية لطلب العلاج؛ في ديارهم تقديرًا لتقدمهم وأمانة خدمتهم!!

وللشيخ إن أراد توثيق هذه المعلومات، فعليه الرجوع لموقع "جوجل" وكتابة "مارتن لوثر". وسيجد كل هذه الحقائق. أو الرجوع لكتاب د. ق "حنا جرجس الخضري" (المصلح مارتن لوثر: حياته وتعاليمه بحث تاريخي عقائدي لاهوتي) وهو أيضًا على الموقع.

ثانيًا-  كما قلنا، يتحدَّث الشيخ عن المسيحية من واقع الثقافة الإسلامية! لذا هو حديث مرسل على عواهنه، يخلو من الدقة والتنظيم والحقائق. ففي الفكر المسيحي، هناك فرق بين وظيفة النبي والرسول، كما تختلف وظيفه النبي بين العهد القديم والجديد. ويذكر الشيخ "إذًا نحن أمام قضية في منتهى الأهمية، النبي كان يعرف عبري ويوناني، أي نسخة أخذ منها الرسول؟ يقول "طب إيه الفرق بين النُسخ"؟ أقول النسخ التي أخذ منها. تقول إيه الفرق؟ أقولك الفرق جوهري؛ لأن فيه تغييرات ومخالفات واختلافات وتناقضات، سواء فى الكم أو الكيف!".. ولم يذكر لنا أيضًا أين الاختلافات؟ وأين التناقضات في هذا الكتاب الذى يؤمن به أهل العلم فى العالم؟ ولكنهم ارتضوا أن يكونوا من الضالين والمُضللين بتبعية هذا الكتاب! والواضح أن الشيخ يجهل أصول كتابة الوحي بحسب الفكر المسيحي، وأنه يختلف عن مفهوم التنزيل بحسب الفكر الإسلامي. فهو يعتقد بأن الكتاب تم تنزيله في كتابين بلغتين!! وهو نفس المفهوم الذي تحدَّث به من قبل شيخ الأزهر في إحدى البرامج على قناة "النيل" بالتلفزيون المصري، ثم بـ"المصري اليوم" يناير 2009م عدد1664، قائلاً: "ليس لنا مشاكل مع الإنجيل، ولكن الإنجيل الذى نزل على سيدنا عيسى!" مع إنه من المتعارف عليه من قبل ظهور الإسلام، أن المسيح عمل الإنجيل (أقواله وتعاليمه وعمله)، وقام بتدوينه أربعة شهود رسل بإرشاد الروح القدس!! ولا وجود لما يتم ترديده بالإنجيل المُنزل!

إننا نلمس بوضوح عدم وجود أدنى معرفه بمبادىء الثقافة المسيحية، أو بكيفية وطريقة جمع وتدوين وتنظيم هذا الكتاب العظيم الذى كتبه (40) كاتبًا في حقبة زمنية (1600) سنة، تعدَّدت فيه ثقافات الُكتاب، وتنوَّع الأسلوب بين تاريخي وشعري ونثري. وما يُعرف بالعهد القديم ثلاثة أجزاء (التوراة والأنبياء والكتب)، وقد أخذه المسيحيون كما هو من اليهود. والعهد الجديد تتميم لنبواته، ورغم هذا لم نجد فيه آية واحدة منسوخة، وليس فيه أحاديث أحادية أو ضعيفة وأخرى اسرائيليات. بل نجده فى نسق وسياق واحد لموضوع واحد.. أليس هذا إعجاز؟!!! لأن من دلالات العصمة أن الله لا يتغير ولا يعتريه ظل دوران. والتحقق تاريخيًا وجغرافيًا من الأشخاص والأماكن. هذا بالإضافة للمخطوطات والتتابع الزمني للنصوص، وأمور أخرى كثيرة لا يتسع لها المجال.

ثالثًا- وأما عن قضية الكتب غير المصنفة، المسماة "الأبوكريفا"، وهي من كتب التراث الديني اليهودي، مثل أقوال الآباء، يتم الرجوع إليها للتمتع بعمق ايمان كاتبيها، وقوة اختبراتهم، والنهل من تعليمهم، لكنها ليست في مرتبة أسفار الوحي . إلا أنه من المستقر والمتفق عليه، أن الذى بين أيدينا (العهد القديم بالكتاب المقدس) هو النص الذى اعتمده اليهود بصفة قاطعة في مجمع جمينا بـ"فلسطين" سنة 95م، والمسمَّى بالنص "المازوري". وهو ما أقرَّه الرسل أيضًا، وتلاه فصل العبادة المسيحية عن اليهودية، وبدأ تحديد خصوصية كل اتجاه. ومن المعروف تاريخيًا أن هذه الأسفار تم إضافتها كملحق للترجمة المُسمَّاة السبعينية (التي تم فيها ترجمة أسفار العهد القديم من العبرية لليونانية سنة 82 ق.م فى عهد بطليموس). أما قصة إضافة الكتب غير المصنَّفة ضمن بعض نسخ الكتاب المقدس، فهذا يرجع للقرن الخامس الميلادي عندما تم ترجمة الكتاب للغة اللاتينية عن النسخة السبعينية، والتي أضيف لحواشيها هذه الكتب. وهذه الترجمة اللاتينية هي النسخة المتداولة بالكنيسة الكاثوليكية حتى عام 1967م، حيث اتفق مجلس الكنائس العالمي وهيئة الكتاب المقدس، على أن ترجمة الكتاب لابد أن تكون مأخوذة من النسخة العبرية المعتمدة التي تحدَّثنا عنها للعهد القديم، ومن المخطوطات الأصلية اليونانيه للعهد الجديد.

الجدير بالذكر، أن هذه الكتب لم تشر بأي شىء يخالف صلب العقيدة المسيحية (التجسد، وحدانية الله في ثالوث، الصلب والفداء، القيامة) بل العكس صحيح.
في الواقع، لم يكن هناك من هم أكثر قسوة على الكتاب المقدس، أكثر من المسيحيين أنفسهم؛ فقد استخدموا كل وسائل البحث العلمي وتقنياته، والآراء المنطقية وبكل شفافية، لاختبار الكتاب؛ للتأكد من صحة وقوة عقيدتهم. دون الإلتجاء لأى نوع من وسائل التعمية أو التعتيم، أو ما يُسمَّى بتحسين صورة الدين. أما عن التلمود- حتى يصحح الشيخ معلوماته- فهو مدوَّن فى حدود (20) جزء تقريبًا، وهو يشبه إلى حد كبير الفتاوي عند المسلمين لتعليم اليهود النواحي التطبيقية في الممارسات الدينية.

وبعد كل هذا، يتضح لنا أن الشيخ- عن قصد- قام بسب الكتاب المقدس والازدراء بأحد الكتب السماوية، وأن محاولة التستر بالإدعاء بأنه من أقوال المصلح "مارتن لوثر"، إنما هو كذب مفضوح. حتى وإن صح إدعاءه، لا ينفي دوافعه في الرغبة لسب كتاب الوحي الذى يؤمن به النصارى كافة.. فهل يجوز لى مثلاً أن اقتبس أى من أقوال المستشرقين الذين أساءوا للقرآن، للتذرُّع به لأقول ما لا يليق؟!

إننا نطالب الشيخ بالاعتذار الواضح الصريح لجموع المسيحيين. ولحين حدوث ذلك، أناشد المئات من أبنائنا المحامين، الوقوف غيرةً للرب وخدمةً لسيدهم، والتحرك العاجل لدى كافة الجهات القضائية المسؤلة؛ لإتخاذ اللازم، وعدم ترك المستشار "نجيب جبرائيل" بمفرده.

وأخيرًا، أقتبس من أقوال الشيخ في ختام حديثه "شوف إحنا المسلمين بنحب المخالفين أيًا كانوا!! وإسلامنا أمرنا بالتسامح وأمرنا بحسن الجوار، وكذا عدم الإساءة لأحد!!". ونحن أيضًا في كتابنا العزيز آية تقول: "أريك بأعمالي إيماني"، وفي موضع آخر يقول: "يرى الناس أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذى في السموات".. هكذا يعلمنا كتابنا المقدس. ليس المهم ما نتكلَّم به بل ما نفعله. ولا قيمه لأقوال دون أفعال. فلم يعد  يعنينا- والعالم أيضًا- ما تقولون، بل ما تفعلون.

أعتذر للقارىء عن الإطالة، رغم إنه لازال هناك الكثير من المعلومات والملاحظات يجب إيضاحها. لكن لنكتفي بهذا القدر، وشكرًا




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :