شباب العمرانية.. لماذا طعنوا المحبة المسيحية؟!
كيف يري رجال دين مسيحيون أحداث العمرانية؟ سؤال يطرح نفسه بعد خروج أقباط إلي الشارع ومحاولة التعدي علي منشآت عامة.. خاصة أن مثل هذه الاحتجاجات تتعارض مع جوهر المسيحية التي تدعو إلي المحبة. يقول القس رفعت فكري راعي الكنيسة الانجيلية إن الخطاب الديني أصبح يعاني بعض المشاكل وصدر للعامة فكرة «الاستشهاد» بدلاً من أن أطالب بحقي وكأن الموت اسهل عندهم من طلب حقوقهم بشكل حضاري وبدون أي عنف.
وقال: شخص السيد المسيح كان إيجابيا وليس سلبياً ولكن البعض يستخدم الآية «من ضربك علي خدك الأيسر حول له الآخر» مع العلم إن الآية لا تحث علي الخضوع أو الخنوع ولكن البعض «بترها» حتي يبرر تصرفاته الخاضعة.
ولا يجب أن ننسي مناهج التربية الكنسية التي لابد وأن تتغير بحيث تركز علي شخصية المسيح الإيجابية الهادئة ويكمل أستاذ اللاهوت الإنجيلي الدكتور القس اكرام لمعي الحديث قائلاً: الإيجابية فضيلة بين رذيلتي السلبية والتهور، والكنيسة والكتاب المقدس يعلمنا عدم الاعتداء علي أحد سواء ماديا أو معنويا وقد ظهر ذلك في شخص المسيح الذي قال «أحبوا أعداءكم و«علي قدر طاقتكم سالموا جميع الناس».
وأضاف: الإنسان الذي يطالب بحقه بطريقة خاطئة يضيع حقه ويبدأ بالدفاع عن رد فعله بدلاً من الدفاع عن مطالبه.
وقال: العنف والتهور خروج عن تعاليم الكنيسة وما حدث في العمرانية كان خروجاً واضحاً فإذا نظموا وقفة احتجاجية كانوا كسبوا تعاطف المجتمع كله، ولكن ما حدث جعل المجتمع والإعلام يتحدثون عن العنف وليس القضية فالتهور لا يأتي إلا بالخسارة.
أضاف لمعي: لابد علي الكنيسة أن تنظم برنامجا تدريبيا تحت مسمي التربية السياسية للشباب لتعريفهم بحقوقهم وكيفية التعبير عن رأيهم بشكل سلمي.
وقال: ولا يجب أن ننسي أهمية المجلات الكنسية وبرامج التوعية السياسية علي القنوات المسيحية والتي سوف تساعد علي تنمية المشاركة الايجابية لدي الشباب وأوضح «لمعي» أن البعض يفسر آية من يضربك علي خدك الأيسر فحوله علي الآخر بشكل خاطئ فالمسيح فلم يكن الشخصية الخاضعة التي تسكت علي حقها وقد ظهر ذلك أثناء محاكمته عندما ضربه العسكري فقال له: «أن كنت فعلت رديًا اشهد علي الردي وإذا كان حسنًا فلماذا تضربني».
ولذلك فإن المعني الحقيقي للآية هو إجراء مناقشة مع المعتدي لأن الشخصية التي تستخدم الضرب في الحوار هي شخصية غير سوية نزل من المرتبة الإنسانية إلي الحيوانية ولذلك تعلمنا هذه: الآية امتصاص الضربة الأولي واجراء حوار مع المعتدي، ولكن تأويلها ليتحول معناها للخضوع فهذا يتنافي مع شخصية المسيح وهذا ما أوضحه لنا الكتاب المقدس في قوله «لكي تكونوا مثل أبيكم الذي في السموات الذي يشرق بشمسه علي الاشرار والابرار».
ويوضح «القس نصر الله زكريا» فوائد الايجابية وسلبيات التهور: فالايجابية هي فعل مسئول يعتمد علي الأساليب السلمية بكل وسائلها وتفيد المجتمع وتشجع كل صاحب حق ان يطالب به. اما التهور فهو تصرف بدون مسئولية والتعدي علي الآخرين بشكل غير مشروع ويصيب الشخص بالاحباط كما أنه يضر بالقضية ولا يصل لنتائج ويكون تحت طائلة العقاب ويقع في مقايضة ما بين حقه والعقاب.
وقال لتنمية الإيجابية لابد علي القيادة نفسها أن تتمتع بالمسئولية وتشجع علي العمل الايجابي للشباب واعمال العقل لديهم وبالتالي يستطيعون التمييز ما بين الايجابية والتهور وما هو شرعي وغير شرعي، وتوضيح مخاطر التهور وفوائد الإيجابية كما يجب أن تنتهي سياسة القطيع فلا ينبغي أن يخرج الآلاف وراء شخص واحد وإنما يستخدم كل فرد عقله في التمييز بين الصدق والكذب.
بالاضافة إلي أن المناهج كلها سواء كانت كنسية أو داخل المدارس لابد أن تتغير خاصة وأنها تعتمد علي التصادمية أو الانهزامية بشكل حاد بدلاً من ان تركز علي دور القدوة واعمال العقل والتي تعتبر النقطة المحورية التي يجب أن يتبلور حولها المناهج كافة. بينما قال أحد الكهنة الأرثوذكس، رفض ذكر اسمه التزاما بتعليمات البابا شنودة، أن ما حدث أمر غير مسبوق ولا يمكن أن نعممه علي كافة المسيحيين أو علي كافة المواقف خاصة وأن الأزمة الأخيرة كان لها ملابسات خاصة.
وأضاف: مناهج مدارس الأحد تعلم الطفل المسيحي العقيدة المسيحية وأن يحب كل الناس ويحترمهم وأيضًا كيف يعيشون في حب وسلام داخل مجتمعهم ولذلك الحديث عن تغييرها بسبب حادثة واحدة هو أمر غير مقبول كما أن اتهامها بأنها تعزز الانعزالية والخضوع غير صحيح ويمكن لأيي شخص الاطلاع عليها خاصة وأنها متاحة لأي شخص. ولذلك فإن المشكلة ليست في مدارس الأحد أو عظات الكنائس خاصة وأنه لا يجرؤ أي كاهن علي تحريض الناس ضد إخوانهم المسلمين أو الدولة في العظات وإنما في حالة عدم الرضا.
ويري أن من الأسباب التي جعلت من العنف وسيلة لدي الشباب في التعبير عن حقهم بدلاً من ترك الأمر لرجال الدين والمسئولين في الكنيسة هو اهتزاز صورة الكاهن لديهم فلم يعد الكاهن - حاليا - أهل ثقة عن شعبه بسبب بعض التصرفات الخاطئة فمثلاً تجد الكاهن بعد فترة قصيرة من رسامته يمتلك عربة وشقة في أفخر المناطق بينما حالة الشعب متواضعة بل وتزيد نسبة الفقراء والأسر المستورة داخل المنطقة. ولذلك يجب علي الكهنة استعادة موقعهم وثقتهم أمام الشعب حتي يكون الأخير متأكداً من قدرتهم علي حل أي مشكلة تواجه الكنيسة وبالتالي لا يتدخلون فيها.
ولتفعيل الإيجابية لدي الشباب قال الأب «بطرس دانيال» لابد علي القادة أن يوجهوا الشباب وأن يقدموا لهم دائمًا أمثلة حية علي المشاركة بفاعلية وإيجابية وعدم التسرع وإصدار أحكام غير مسئولة، وأضاف مناهج مدارس الأحد جيدة وتعلم الأطفال العيش بسلام ومحبة ولكن علينا أن نزيد من «جرعة» المحبة وقبول الآخر بها فالمسيح قدم لنا أمثلة رائعة في التسامح وعدم رد العنف بعنف مماثل وطالبنا بأن نكون «ودعاء كالحمام».
الأب رفيق جريش كاهن كنيسة القديس كيرلس بالكوربة ومدير المكتب الصحفي للكنيسة الكاثوليكية قال أن أسلوب الضرب والتحطيم ورمي الطوب والحجارة ليس أسلوبا مسيحيا ومن البديهي أن نذكر قول السيد المسيح «من ضربك علي خدك الأيمن أعطه الأيسر، ولا تقاوم الشر بالشر» فالتهور والشغب ضد مبادئ المسيحية السامية التي تقوم علي شريعة المحبة.. والمحبة لا تسقط أبدًا.. وأضاف الأب جريش هناك فرق بين الإيجابية والتهور فالايجابية أن تذهب للسلطات والمسئولين تكتب وتتحاور وتنظم وقفات سلمية. أما التهور فيظهر في استعمال الشر.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :