الأقباط متحدون | يمكنك الاعتماد على صداقته
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٢:٣٨ | الثلاثاء ٧ ديسمبر ٢٠١٠ | ٢٨ هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٢٩ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

يمكنك الاعتماد على صداقته

الثلاثاء ٧ ديسمبر ٢٠١٠ - ١٦: ١٢ م +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: القمص أفرايم الأورشليمي
مسيرة صداقة الله مع الناس

عاش أبونا آدم في جنة عدن قديمًا٬ ومعه أمنا حواء في عشرة وصداقة مع الله، ومع بعضهم البعض في محبة وتفاهم. وكان الله يتحدث معهما ويدعوهما لتسمية الأشياء بأسمائها. ودعاهما أن يتسلطا على طيور السماء وحيوانات الأرض وأن ينموا ويكثروا.

ومع غواية الحية، جاء السقوط والخوف والاختباء من الله وإلقاء اللوم على الآخر٬ وبهتت الصداقة الإلهية. فالخطية تمثِّل فاصلًا بيننا وبين الله المُحب. ومع هذا وجدنا في العهد القديم أمثلة طيبة للصداقة الإلهية والمحبة المتبادلة بين الله والبشر٬ فـ"أخنوخ" المنادي للبر سار في صداقة وعشرة مع الله٬ ولم يوجد لأن الله نقله. و"إبراهيم" أبو الآباء صار صديقًا لله٬ عندما دعاه أن يخرج من أرضه وعشيرته وبيت أبيه٬ خرج وهو لا يعلم إلى أين يذهب٬ وقال له الله "أنا هو الله القدير٬ سِر أمامي وكُن كاملًا"، وكان الله لا يُخفي عليه أمرًا ما٬ ويقول: هل أُخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله؟ فكان يتناقش معه كما يُحَدِّث الرجل صاحبه. و"موسى النبي" كان يكلِّم الله كما يكلِّم الرجل صاحبه أيضًا٬ ولهذا أخذ من الله حكمة وحِلمًا٬ واستطاع أن يقود الشعب في البرية القفرة.

وهكذا تمضي السنين ويرسل الله الأنبياء ليرشدوا البشرية ويدعوها للرجوع إليه٬ ويعاتب الله البشرية على عدم طاعتها "ربَّيتُ بنينًا ونشأتُهم أمَّا هم فعصوا عليّ". بل ومن تحنُّن أحشاؤه على شعبه، يعتبر بُعدهم عنه كابتعاد الزوجة عن زوجها وخيانتها له.

ويأتي علينا زمن الحب الإلهي، فنرى الله يقترب إلينا متجسدًا حتى ما يدعونا له أصدقاء وأحباء وأبناء "والذين قبلوه أعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه٬ الذين وُلدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل٬ بل من الله وُلدوا" (يو 1 : 13).

لقد انفتح لنا باب الصداقة الإلهية على مصراعيه٬ وأصبح الله قريبًا منّا ودعانا أحباء "أنتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيتكم به. لا أعود أن أسميكم عبيدًا٬ لأن العبد لا يعرف ما يعمل سيده٬ لكني سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي" (يو 15 : 14 – 15).

إن الله الآب في المسيح يسوع يريد أن يجمع الكل من كل الأمم والقبائل والألسنة والشعوب كأبناء له. ويجعل من كل واحد وواحدة منّا موضع مسرته ومحبته. وهكذا رأينا في كل جيل رجالًا ونساءً نموُا في معرفة الله ومحبته٬ لتكون لهم عشرة وصداقة واتحاد بالله. وأصبح كل واحد منهم يحس بالحضور الإلهي والحديث المتبادل حتى في العمل اليومي البسيط٬ فيكون الله العامل معنا والمشارك لنا، والمبارك لتحركاتنا، وقائد مسيرتنا. ليس في الأعمال العظيمة الكبيرة، بل وفي أبسط وأصغر الأمور.

حديث المحبة
إن الله ليس عنّا ببعيد٬ بل به نحيا ونتحرَّك ونُوجد. وهو بالايمان يحل في قلوبنا ويُصيّرها مسكنًا له. ولأنه محبة؛ فإنه لا يسكن إلا في القلب المحب٬ ويريدنا أن نتحدث معه حديث الحب. نكشف له عن مكنونات نفوسنا.. نشكره على ما يقدِّمه لنا من خير.. نشكو له همومنا وأحزاننا وشكوكنا.. نقدِّم له طلباتنا ونُشبع به جوع قلوبنا.. نسمع كلامه ونحفظ وصاياه.

إن الذي لا يدعنا نحس بهذه الصداقة والحب هي قساوة القلب وبُعده عن الله٬ أو هروبنا من وجهه واتّباعنا لشهواتنا وخداع إبليس. قد تكون هموم ومشاغل العالم وملذاته سبب في عدم احساسنا بمحبة الله الذي لازال ينتظر، بل ويطلب صداقتنا له. ويفرح بحبنا له كفرح العريس بالعروس٬ ويناجي أنفسنا قائلًا: "ها أنا واقف على الباب وأقرع٬ إن سمع أحد صوتي أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي".

الطاعة وحفظ الوصية
إن الله يريد منا الطاعة كأبناء٬ بل إن التمرد عليه وعصياننا هو جحود لمحبته "الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه أبى وأنا أحبه وأُظهر له ذاتي" (يو 14 : 21). ونحن لا نحب باللسان والكلام بل بالعمل والحق.

أنت مدعو إذن لطاعة الله وحفظ وصاياه والعمل بها. ومدعو أن تنكر ذاتك وتحمل صليبه كل يوم وتتبعه. انسَ إذن ما وراء وامتد إلى ما هو قدَّام، طالبًا منه أن يجذبك برباط المحبة، وقُل له: يا صديقي الإلهي، أريد أن أحس بحضورك. ويا إله المحبة، أريد أن أحبك أكثر. اطلب منه ليعلن لك إرادته، وانتظر الرب وليتشدد قلبك. وعندما تُداهمك الشكوك أو تحاربك الأفكار وشهوات العالم وهمومه، اصرخ إليه قائلًا: يارب، أمَا يُهمك إننا نهلك. عندما تُلاطم الأمواج سفينة حياتك وتكاد تُغرّقها، اطلبه فيأتي ويُسكِت الريح ويُهدّئ العاصفة، ويمنحك سلامًا ونجاة.

السير مع الله
أنت لست وحيدًا في هذه الحياة حتى لو تخلَّى عنك الأصدقاء؛ فلك المسيح قائدًا٬ وهو يبحث عن الخروف الضال ليحمله على منكبيه٬ ويدعو الأصدقاء ليفرحوا معه برجوع الضالين.

إن الله يسير معك في رحلة الحياة. ويحملك وقت التعب. ويرويك وقت العطش الروحي والعاطفي والنفسي. هو يفرح بنا إذا اتخذناه صديقًا محبًا. ويفرح بقيادتة لنا؛ فهو الراعي الصالح. اجعل الله سيدًا لحياتك٬ وصديقًا في رحلة عمرك. وإن لم تكن لك الخبرة الروحية الكافية، تعلَّم من سير الآباء القديسين الذين ساروا معه قبلك٬ وكيف كانت كلمة الله حياتهم٬ والصلاة وسيلتهم٬ واسم الرب برجًا حصينًا لهم٬ والروح القدس مرشدًا ومعزيًا في مسيرة الحياة "فمَن يتقي الرب يحصل على صداقة صالحة؛ لأن صديقه يكون نظيره" (ابن سيراخ 6 : 17).

قدَّم لنا الإنجيل الرب يسوع المسيح صديقًا للبشرية. يخرج من سمائه ويقترب إليها، ويقدِّم لها ذاته على مذبح الحب فوق الصليب، لا لفضل فينا ولا لاستحقاق بنا٬ بل بمقتضى نعمته ومحبته. إن هذه الصداقة لا تطلب منك شيئًا إلا أن نطلبها، وأن نسأله يومًا فيومًا ماذا تريد يارب أن أفعل؟ وهو يقودك ويكون فردوسًا لنفسك، وصديقًا شخصيًا لك، وفرحًا لنفسك الباحثة عن الحب والحياة والفرح.

إلهي كن صديقي
إلهي وحبيبي، أبحث عنك وأنت فيّ! يا صديق نفسي، أين أنت؟ ولماذا تختفي في أزمنة الضيق؟ نعم ياصديقي، كنتَ تراقب جهادي٬ وتعلمني كيف أجاهد وأنمو. وكنت القوة والسند والمعزي. تَحملنا وقت الشدة والضيق. وأنا لم تعُد تستهويني الأشياء، ولا أحب في العالم شيئًا إلا من خلالك. كن صديقي وأظهِر لي ذاتك٬ لأحدّثك حديث الحب٬ وأتعلم منك كيف أسير.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :