الأقباط متحدون - الأكابر.. وصناعة الطبقة العليوى
  • ١٧:٥٤
  • الثلاثاء , ٢ اغسطس ٢٠١٦
English version

الأكابر.. وصناعة الطبقة العليوى

محمد حسين يونس

برديات أمحوتب

١٠: ٠٦ م +02:00 EET

الثلاثاء ٢ اغسطس ٢٠١٦

ارشيفية
ارشيفية

 كتب - محمد حسين يونس

ظلت ميكانيزمات إختيار رئيس الوزراء و طاقمة في مصر سرا (كهنوتيا) .. لا يتمتع بمعرفة إسلوبه و أسبابه إلا رهط من الملأ الاعلي المحيط بالرئيس القائد زعيم الامة.
 
و هو الحال في إختيارنواب الرئيس و أعضاء البرلمان .. المعينون منهم و المختارون من خلال صناديق تنطق دائما بإرادة الكبير . و لا يستثني من ذلك أى منصب من مناصب الوظائف العليا والتي يشغلها صاحبها بقرار جمهورى بما فيها .. منصب شيخ الجامع الازهر. 
 
في بلادنا - منذ زمن بعيد - كان عليك أن تكون إمعه ودلدولا للحاكم .. حتي تسقط عليك دائرة الضوء وتأمن علي حياتك ومالك من بغي أصحاب السلطة و تحظي بالتكريم والنياشين و جنازة يشرفها كبار رجالات الدولة.
 
عشرات المئات من الدلاديل .. ظهروا كأكابر وإختفوا وتم نسيانهم هم وأرباب نعمتهم ، لآنهم كانوا مجردعرائس ماريونت مدربة بيد خبراء لتعرف كيف تصفق أو تتمسح بحذاء الحاكم في الوقت المناسب ،ومتي تصيح عند الضرورة ( بالروح بالدم نفديك يا عتريسنا ) وتملأ الدنيا صراخا لافتا للانظاربسبب أن شخصا ما قد إنتقد سيدها 
 
أنظر حولك للطبقات العليوى في أى زمان منذ 1954 حتي اليوم ، فستجد أن مصنع (الاكابر) خلال هذا النصف قرن كان لديه نموذجين لا ينتج غيرهما. 
الاول علي نمط الرئيس المؤمن ذو الغليون وبطانته.. متسلق، متلاعب، مناور .. يدين بالولاء للجالس في البيت الابيض أى كان لونه ..و يعرف كيف يضلل الجماهير و يقدم نفسه علي أساس أنه الملاك الحارس المرسل من قبل العناية الالهية لنجدة شعبه . .ومن الملامح الاساسية لهذا النموذج زبيبة في الجبهه .. و الاستعانة بالايات القرانية خلال حديثه .. و الورع الذى يرجو أن يكون مستقبلا مظاهره من كل الاطراف ليقتنعوا بأن الله سبحانه هو الذى يسدد خطاه و يحيطه برعايته و رضاه . 
 
والثاني نموذجا للرئيس المبارك وعصابته أوعصبته،لا يقرأون ..ولا يكتبون .. ولا يفهمون إلا في من أين تؤكل الكتف !!.. نموذجا لا يخجل عندما يكتشف المتعاملون معه مدى تسطحه و جهله ..و لا يعبأ إلا بما سيدخل خزينته الخاصة من أموال و مزايا .. ويمكنه بسهوله أن يعترف بانه غير مؤهل .. ولكن القيادة الحاكمه الحكيمة.. ستدربه و توجهه و تجعل منه شمعه منيرة ..
 
هذا النموذج يصلح لان يكون لشيخ منسر ..يهبش و يوزع علي الحبايب و الانصار .. و يحتفظ لنفسه باللقمة الطرية .. وهو من أجل ذلك مستعد لاتباع كلمات بيرم ((عشان م نعلي و نعلي ونعلي لازم نطاطي نطاطي نطاطي )). 
 
نموذجان فقط لاغير ، فنموذج البكباشية إلذى كان رائجا لفترة ما من عام 54الي 61 راحت علية ،وما تبقي منه أصبح بضاعة راكدة في المخازن.
 
العلماء والنوابغ من المتفوقين ذوى الاصول المحلية مثل احمد زويل و مجدى يعقوب وغيرهم من الذين هاجروا ونجحوا في المهجر، هؤلاء يا سادة (مش) مصريين .. لو ظلوا في مصر دون هجرة لاصبحوا مثل باقي منتجات (المصنع) أو في أحسن الاحوال أساتذة مجهولين في الجامعات الخربانة إياها.
لا اريد أن أزيد عن هذا .. فكل من حمل في بلادنا لقبا رسميا او نوطا او نيشانا او جائزة او تكريما هو في الغالب الاعم قد قدم(السبت) و حافظ علي علاقة وطيده مع أرباب صناعة الطبقة العليوى لكي يحصل علي ما حصل علية .
 
أما مصانع صغار الطغاة من المستبدين بمصر..فلها أيضا نمطيين 
 
أحدهما بإسم (الامين حاتم) بطل فيلم (هي فوضي ) مرتشي و لص وقاطع طريق و فتوة ومفترى بيلقط عيشه من إرهاب الناس وإستغلال نفوذه و التهديد بمسدسه الميرى.. شكرا مستر شعراوى جمعة .. فمصنعك أخرج عشرات بل الاف الدمي المتوحشة التي جاءت علي شاكلة تصورات حضرتك المريضه لترويض المصريين.
 
النمط الثاني لموظف الحكومة ..الذى يعمل في الضرائب و الجمارك و التأمينات و المحليات وأجهزة التفتيش علي التموين .. و هو يحمل درجة عاليه من الخبث .. و التظاهر بانه خادم للوطن .. و المصلحة العامة .. فارشا البساط أمام المواطن الغلبان الذى أوقعه سوء حظه تحت أنيابه حتي يستنزف منه أقصي ما يستطيع .. و إذا كانت الطبقة العليوى تتقن الدق علي الطبل فصغار الطغاة يعرفون كيف يكون الرقص دون أن يسقطوا من فوق الحبل .
 
عندما أتخيل أنه قد أوكل إلي وظيفة رئيس الوزراء، أصاب بالرعب .. فعلي إستخدام الادوات المتوفرة .. وهي في الغالب تم تلوثها .. من مستوى المدير العام إلي أعلي الدرجات التي تشارك في إختيارها ..الجهات الامنية و الرقابية .. فلا يحصل علي شرف شغلها ..إلا كل مطأطيء الرأس خنوع .. حتي لو كان جاهلا أو لا يتقن مهنته . لقد تجمع في جهاز إدارة الدولة أقل الناس حظا في الكفاءة .. يضاف لهذا شرها لا يتوقف للتربح و التكسب و زيادة الدخل .. و كلما كانت الوظيفة ذات نفوذا و سطوة .. كلما زاد شره صاحبها . 
 
و عندما أنظر لخارج الصندوق الحكومي أجد أن الوضع ليس بالافضل .. فكريم المجتمع أصابه العطن .. و إنفصل في تجمعات مسرفة باذخة عن باقي العناصر .. سواء كانوا من حاملي درجات الدكتوراة ..أو في الذين مروا من الجامعة بدرجة .. غور زهقنا منك .
 
خلال نصف قرن .. منذ أن جلب لنا المؤمن إنفتاحه .. و حتي اليوم فقد المجتمع تماسكة .. وأصبح من السهل علي صغار الطغاة أن يقتلوا و يغتصبوا .. و ينهبوا .. بشكل جماعي .. و يحاربون من يعمل خارج المنظومة .. كما حدث و يحدث  يوميا في المحروسة مصر