- الدكتور "أحمد مجاهد": عدم الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة يعوق دفع عجلة التنمية
- "ندوة الآثار القبطية".. كتاب يحاول التعريف بحقبة حضارية هامة في تاريخ "مصر"
- وزارة العمل: ٢.٧ مليون طفل يعملون بالمحاجر والزراعة، و"صابر": عمالة الأطفال تُهدر حقوقهم
- الروائى خالد السروجى : الإبداع مرتبط بالحرية التي تتجاوز حدود المُحرمات التقليدية
- اليوبيل الذهبي للسد العالي.. أعظم مشروع هندسي في القرن العشرين
اللواء "مختار يونان" وذكريات الأرض والحرب والوطن
اللواء مختار يونان: أنظر بحزن وأسى على الأحداث الطائفية
أحالوني للمعاش قبل الثلاثين بعد النكسة بسبب تقرير سري
رأيت الموت مئات المرات في رحلة الانسحاب في العدوان الثلاثي
حوار: ميرفت عياد
تحمل سنوات عمر اللواء "مختار يونان" خبرات وتجارب مصرية خاصة وخالصة.. عن الأرض والحرب والوطن..
هو مولود في قلب الحقبة الليبرالية عام 1929، انضم للقوات المسلحة في نهاية العصر الملكي، شارك أحزان العدوان الثلاثي، وجراح نكسة 1967، وأفراح أكتوبر 1973..
كان لنا هذا اللقاء معه للخوض في تفاصيل تلك الرحلة، ومعرفة العديد من الذكريات، التي تحمل بين جنباتها ملامح من الحياة المصرية.
نبدأ بثورة يوليو.. كيف تم اختيار "محمد نجيب" كقائد لثورة يوليو وكأول رئيس جمهورية ؟
أنا خريج الكلية الحربية دفعة 1950، وعندما قامت الثورة كنت ملازمًا، وكنت اعرف اللواء "محمد نجيب" معرفة جيدة، فهو إنسان بسيط وبشوش ومحبوب من القوات المسلحة، وهذا سبب اختياره كقائد للثورة يوليو، وساعدت شعبيته على نجاح الثورة، إلى جانب أخيه "علي" الذى كان بالعسكرية المركزية، ومن هنا تم اختيار اللواء "محمد نجيب" كأول رئيس جمهورية عام 1953، ولكن في عام 1954 تولي "عبد الناصر" الرئاسة.
ما هي أسباب العدوان الثلاثى على مصر ؟
هناك أسباب كثيرة، ولكن أهمها هو تأميم قناة السويس وطرد الفرنسين والانجليز منها، وهذا ما اثار غضبهم وقرروا الانتقام فتحالفت كل من فرنسا وانجلترا وإسرائيل للهجوم على مصر عام 1956.
ماذا كان دورك أثناء العدوان الثلاثي؟!
منذ عام 1955 قمنا بتجهيز الجيش الفلسطيني، وبحكم رتبتي (رائد سلاح مشاه) قمت بإعداد مجموعة من الجنود الفلسطينين، مع زملاء لي، وأقمنا عدة لواءات فى رفح وغزة وخان يونس، وعندما شنت الدول الثلاثة هجومها على مصر، وجدنا طيران العدو ومدفعياته تضرب على الثلاثة لواءات، التى لم تستطيع الصمود، فدمرت قوات العدو جميع مواقعنا، واضطررنا للاختباء في الخنادق حتى جاءت إلينا التعليمات بالانسحاب.
حدثنا عن رحلة الانسحاب؟
كانت رحلة شاقة وطويلة، بدأت من لواء "خان يونس" حتى القنطرة، استغرقت 18 يومًا سيرًا على الأقدام، من الجوع والعطش، كنا نواجه فيها برودة الليل وحرارة النهار، على الرغم من أننا لم نضل الطريق، لأننا كنا نسير بمحاذاة ساحل البحر الأحمر، أو قضبان السكك الحديدية، إلا أن الجوع والعطش أنهك قوانا، لدرجة أن أحد الجنود عندما رأى طواحين الهواء توقع أن يكون هناك بئر به ماء، فجرى مسرعًا ليصل أولاً، وعندما وصلنا إليه وجدناه ملقى على وجهه في فتحة البئر، حين اقتربنا منه عرفنا أنه مات من شدة الصدمة، لأنه لم يجد ماءً في هذا البئر، وأكملنا طريقنا بعد أن صلينا عليه ودفناه، إلى أن وصلنا إلى القنطرة، حيث قابلنا رجال القوات المسلحة الذين أرجعونا إلى منازلنا بعد رحلة طويلة، واجهنا فيها الموت مئات المرات.
ألم يعترض العدو طريقكم؟
على العكس تمامًا، أثناء الانسحاب تم تفتيشنا من قبل نقاط العدو 30 مرة، على الرغم من أننا كنا متنكرين في زي مدني أحضره لنا أحد أفراد البدو، إلا أن هذا لم يرحمنا من تعب أعصاب التفتيش الذي كان يتم بصورة صارمة، إلى درجة أن من يشكون في أنه رجل عسكري كانوا يقتلونه فورًا، ومن أصعب المواقف التي مررت بها أثناء التفتيش؛ أن عثر أحد أفراد التفتيش على إنجيل بجيبي، وبعد أن قلب صفحاته وجد به صورة لي، وهنا أشهر سلاحه في وجهي، وطلب مني الانتظار، وبعد مضي أكثر من ساعة سألت أحدهم لماذا أنا هنا، فشتمني وهو يأمرنى بالانصراف، ولكنني طلبت منه الحصول على الإنجيل، وخرجت أهرول وأبحث عن الصورة التي كانت فيه، فوجدت أنها صورة لي مع بعض الأصدقاء في المصيف، فشكرت الله أنها لم تكن صورتي بالبدلة الميري، لكنت أصبحت ساعتها في عداد الأموات.
وماذا عن دورك أثناء نكسة 1967؟
كنت قائد كتيبة مشاه، وقمت بتدريب الجنود منذ عام 1964، وعند صدور القرار بالهجوم، بدأت أتحرك مع الكتيبة، إلا أن القائد أمرني بعدم التحرك، لأنني منقول إلى الكلية الحربية، ولن أذهب إلى ساحة القتال، بأوامر من القيادة العليا، فاضررت لأخذ القطار وأنا أبكي بالدموع لعدم اشتراكي في الحرب مع جنودي الذين دريتهم طيلة ثلاث سنوات، وبعد وقوع النكسة قابلت قائدي، وهو راجع في القطار الحربي، وهنا قال لي بالنص: "كنت حزينًا وتبكي على رجوعك.. أنت الوحيد الذي رجع بكرامته"، وبعدها أعادني إلى نفس الوحدة والكتيبة التي كنت أقوم بتدريبها.
متى أُحلت إلى المعاش؟
كنت أخدم في منطقة "الشلوفة" التي تقع بعد مدينة السويس، وبعد عام من النكسة صدر قرارًا بإقالتي للمعاش، وعمرى لا يتعدى الثلاثين عامًا على الرغم من أني حصلت على المركز الأول كأكفأ قائد كتيبة، من قبل الخبراء الروس، الذين كانوا يدربوننا ثم يقومون باختبارنا، واستلمت الجائزة وأنا اجلس في منزلي لا أعرف سببًا لما حدث.
وهل علمت السبب فيما بعد؟ ومتى عدت للجيش؟
بعد خمس سنين من إصدار أمر بإحالتي إلى المعاش، وتحديدًا في أول يونيو 1973، صدرت الأوامر برجوعي أنا وعشرة من أكفا رجال القوات المسلحة إلى الجيش، وهنا علمت أن سبب خروجنا على المعاش من خمس سنوات يرجع إلى تقرير كتبه أحد زملائنا للمخابرات، أوضح فيه أننا ننتقد القيادات العليا بسبب نكسة 1967.
لماذا لم تشترك في حرب أكتوبر 1973؟
رجعت إلى خدمتي في الجيش قبل حرب أكتوبر بأربعة شهور، وهذا حدث بعد فترة طويلة من تركي للجيش، لهذا لم أكن بالكفاءة واللياقة المطلوبة لخوض مثل هذه الحرب، لذلك ذهبت إلى العديد من الدورات التدريبية في معهد المشاه، واستعدت ترتيب رتبتي في القوات المسلحة.
ما هو مجال خدمتك في القوات المسلحة بعد انتصار 1973؟
منذ عام 1973 شغلت منصب قائد لواء الطلبة في معهد قوات الصف المعلمين فى التل الكبير، ثم كبير معلمين، ثم مدير المعهد منذ عام 1980 حتى عام 1981 أي حتى خروجي إلى المعاش برتبة لواء.
* هل تؤمن بمقولة "اديني عمر وارميني في البحر"؟
أؤمن بها تمامًا، ولها تطبيق عملي في حياتي، فأنا كنت أخدم في لواء "غزة"، وبعد شهر ونصف من استلامي هذا اللواء، الذي من المفترض أن أستمر فيه لمدة سنة على الأقل، صدرت أوامر بنقلي وتسليم موقعي إلى الضابط "محمود أحمد"، الذي بعد استلامه بيوم واحد لاقى حتفه مذبوحًا هو وثلاثة وثلاثين جنديًا معه، على أيدي القوات الإسرائيلية، وأراد الله لي النجاة.
* هل ترى أن الشباب المصري قل انتماؤه الوطني هذه الأيام؟
بالطبع.. والدليل على هذا الهجرة العشوائية التي يدفع ثمنها الشباب من أعمارهم، والسبب في هذا يرجع إلى غياب دور البيت والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام، التي كانت تزرع في نفوس الأطفال والشباب أهمية الانتماء إلى البلد، هذا إضافة إلى الحالة الاقتصادية السيئة التي يعاني منها العديد من المواطنين.
كيف تنظر إلى الأحداث الطائفية في "مصر" ؟
أنظر بحزن وأسى، لأننا تربينا على المحبة والتسامح، وأتذكر أن والدي تشاجر معي لأنني كنت أفتح الراديو، وجارنا الحاج "محمود" توفى منذ عشرة أيام، على الرغم من أن بيته بعيد عنا كثيرًا، هذه هي الروح التي تربينا عليها أننا جميعًا أخوة في الإنسانية، لذلك يجب أن نحترم ونراعي مشاعر بعضنا البعض.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :