سقطات جريدة الأهرام
بقلم: القمص أثناسيوس جورج
تحوَّلت جريدة الأهرام من غرّاء إلى صفراء٬ فتضمَّنت في صفحتها الثانية يوم الاثنين ٦ ديسمبر ۲٠۱٠، مقالة صفراوية بعنوان "أقباط ۲٠۱٠"٬ والتي جاءت محشوَّة بالكراهية العمياء.. معجونة بماء قلة الحياء.. مطبوخة بنار الغل والخداع. وهي تأتي في إطار الاضطهاد الإعلامي للأقباط والتحريض عليهم بلا أية كوابح ضميرية.
ففي زمن السحابة السوداء، تصدَّرت الصحافة الصفراء التي تنشر الاتهامات والمغالطات بلا قرائن ولا أدلة٬ جاءت كلمات كاتب هذه المقالة المغمور كاللحّامين الذين يَهْوُون بسواطيرهم وسكاكينهم على الذبيحة فيقطّعون من لحمها ما يقطّعون٬ ويتركون عشوائيًا على الطاولة ما يتركون٬ وأياديهم ملوَّثة بالدماء المهدورة.
لقد اختلت الموازين، وقام هؤلاء الأنصاص بالتعدي على ملايين المواطنين بسبب ديانتهم وعقيدتهم، وتطاول الجُهّال وكل من هبّ ودبّ على ايماننا وتاريخنا ورموزنا. فما جاء في تلك المقالة المسمومة مسروق من كتاب "قذائف الحق– للشيخ الغزالي"، والمطبوع في سنة ٬۱٩٧٤ وهي أفكار ملفَّقة وأسطوانة مشروخة تنُم عن نفوس مريضة٬ ندعو الله أن لا يزيد مرضها، بل يشفيها. فهو وحده عنده الحساب آجله وعاجله٬ ولا يخفى عليه شيء؛ إذ أنه غير غافل٬ بل عيناه تخترقان أستار الظلام٬ وهو يجازي الأردياء المتكلمين بالشرور والأكاذيب.
لقد اتخذت الصحافة السائبة من الإثارة والتحريض منهجًا٬ الأمر الذي ليس بجديد على جريدة الأهرام التي فبركت الصور إياها، والتي تضم بين كُتّابها الملفّقين والمزوّرين، حتى فقدت مصداقيتها بعد نشرها لهذه الفيروسات الفكرية (أكاذيب ومغالطات– هجوم وتكفير ومطاعن– ازدراء بالعقيدة المسيحية– تحريض). وهكذا يُفترى علينا من حناجر كالقبور المفتوحة٬ ومن الألسنة الماكرة التي سُمّ الأفاعي تحت شفاهها٬ ومن الأفواه المملوءة لعنة ومرارة٬ ومن الأرجل السريعة إلى سفك الدماء٬ ومن الذين طريقهم الخيبة والانكسار٬ ولم يعرفوا السلام٬ وليس خوف الله أمام عيونهم.
كان بالأحرى أن تحرص الجريدة على مكانتها٬ فلا تعيِّن صحفيين من أنصاف المتعلمين؛ حيث أن كاتب المقالة المغمور يجهل أن المسيحيين المصريين قدماء في "مصر" بعد الأهرامات مباشرة٬ وإنهم من أخلص أبناء "مصر" الأوفياء٬ وأن حبهم لبلدهم وولاءهم لها، جزء لا يتجزأ من عقيدتهم، وأن شِعار كنيستهم لا يتضمن سيوفًا أو أسلحة٬ وإنهم شعب طيّب مسالم٬ وإلا ما كان حالهم كذلك. وأن قانون سلوكهم أن لا يجازوا عن شرّ بشرّ٬ وعبادتهم تُبنى على محبة القريب والبعيد٬ بل والعدو. كذلك يجهل الكاتب أن المسيحيين صُنّاع سلام (طوبى لصانعي السلام)٬ وأنهم لا يستقوُوا إلا بالله٬ لأنه مكتوب: "الإتكال على الله خير من الإتكال على الرؤساء".. وأنه "ملعون كل من يتكل على ذراع بشر".
ولم يعرف هذا المغمور أن بطريرك الأقباط شخصية عريقة مقتدرة في الفعل والقول. وأن رسل الكنيسة وآباءها لم يكونوا جبناء انهزاميين. وأن الأقباط لهم حقوق ومطالب٬ لا كفئة ولكن كمواطنين مصريين. وهم لن ينحنوا أمام محاولات التركيع والضغوط والأسلمة٬ وبوابات الجحيم مجتمعة لن تقوى عليه.. كذلك ليس الأقباط بحاجة لمن يمنحهم صكوك المواطنة.. وكفا مهاترات٬ وليستدّ كل فم.
رحم الله "سليم" و"بشارة تكلا" مؤسسو جريدة الأهرام؛ لأنهما لو كانا حييْن، لَما كتب هذا المغمور جعجعته٬ ولما كان حال الأهرام في ۲٠۱٠ كذلك..
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :