"إسرائيل" والانتخابات المصرية
بقلم: د. وجيه رؤوف
حقيقة، شىء مزعج هي تلك الشماعة التي يعلِّق عليها بعض رجال العلم ورجال الدين شماعات فشلهم, فبرغم أن الحرب العالمية الأولى والثانية قد انتهت، وقد انمحت آثارها المعنوية ولا توجد إلا بعض المقابر التي تدل على حدوثها، بجانب التاريخ الموثَّق الذى يثبت وقوعها, ولكن تلك الدول استطاعت أن تتخطى مراحل البغضة والكراهية فيما بينها، بل ووصلت بعض الدول إلى نسيان الماضي بكل آلاماته وعذاباته وشقائه، ووصلت إلى مرحلة الصداقة والتحالف، وتكوين إتحاد أوربي يضم الجميع.
تلك هي الدول المتقدِّمة التي تجاهلت البغضاء والحقد، ونظرت إلى مستقبل بلادها وما يضمن لها البقاء والتقدُّم والازدهار؛ فتناست أحقادها ونظرت إلى مستقبلها، فكان لها ما أرادت وما تصبو إليه من تقدُّم وحرية وازدهار.
أما نحن في المنطقة العربية، فحدِّث ولا حرج. فقد تم عقد إتفاقية "كامب ديفيد" للسلام بعد حرب 73 المجيدة، والتي بمقتضاها تمكَّنت "مصر" من الحصول على سيناء سلميًا. سيناء.. وما أدراك ما هي سيناء.. أرض الفيروز. تلك المساحة الكبيرة التي تشكِّل في حجمها حجم دولة كاملة، والغنية بمزاراتها الطبيعية والدينية، وأصبحت "سيناء" تحت السيادة المصرية.
ولكن، كيف يهنأ شعب "مصر" بهذا الانتصار وبهذا الإنجاز؟ فلابد أن يخرج من تحت الأرض من يشكِّك في هذا الانتصار، بل وتصل بهم الجرأة إلى اعتبار معاهدة "كامب ديفيد" التي حصلنا بها على أرضنا، معاهدة خيانة وعمالة, كبرت كلمة خرجت من أفواههم. فتلك الدول التي تتهمنا بالعمالة، برغم إننا قد حصلنا على أراضينا كاملة، تقوم بعلاقات تجارية وسياسية سرية مع "إسرائيل" دون أن تصرِّح بذلك.
المهم هنا، وما أود قوله، هو جعل "إسرائيل" شمَّاعة لكل فشل يقع فيه مسئول ولا يجد مبرِّرًا لفشله في أمر ما.
وسمعنا عن أحد المحافظين بدرجة "لواء"، والذي تحدَّث وعلَّق على أن سمك القرش الذي قام بقتل سائحة ألمانية وإصابة ثلاثة من بينهم روس وأوكران، قد تكون مدفوعة من قبل "إسرائيل" تجاه شواطئنا؛ لضرب السياحة في "مصر", واستدرك قائلا: إنه يعتقد هذا، ولكن يحتاج إلى إثباتات!!
واعتقد أنه لا يمكن إثبات ذلك علميًا، ولكن من الممكن قراءة الطالع عند خالتي "أم بهانة" التي تتقن رمي الودع ووشوشة الحجر.
مهازل وأفكار عقيمة، ففي الوقت الذى وصل فيه العالم إلى اختراع طائرة بدون طيَّار، نضع نحن رؤوسنا في الرمال، لكي نحيل كل أسباب فشلنا إلى نظرية المؤامرة. بل والأصعب من ذلك والأخطر، حينما يأتي مسئول كبير في مجلس الشعب ليعلِّق على أحداث مذبحة "العمرانية، والتي تمت بسبب بناء الأقباط لكنيسة بدون تصريح كما يدَّعون، قائلاً: إنه ربما تكون "إسرائيل" وراء تلك المظاهرات التي قامت في "العمرانية".
وهكذا، وبرغم انتصارنا على "إسرائيل" فعليًا بحصولنا على أراضينا كاملة منها، إلا أننا نظل دائمًا مهزومين داخليًا منها، للدرجة التي نحيل فيها كل أسباب فشلنا إليها!! وهذا بالطبع نتيجة فشل علمي تقني في ذواتنا. فقد تقدَّمت "إسرائيل" علميًا وعمليًا وصناعيًا وصحيًا. ويكفي أن جامعات "إسرائيل" تتصدر جامعات العالم في إمكانياتها وتطورها.
المهم، ولكي نثبت تفاهة تفكيرنا، إليكم تلك القصة، والتي حدثت في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة. فقد تم ترشيح الدكتورة "سعاد سعد إسرائيل" باسم "سعاد إسرائيل" كمرشَّحة لمقعد الفئات عن كرسي المرأة في دائرة "الأقصر" (كوتة المرأة). وقد حصدت في الجولة الأولى على عدد أصوات عال جدًا. أما في الجولة الثانية، فقد نصح البعض بأن تغيِّر اسمها في كشوف الانتخابات من اسم الشهرة "سعاد إسرائيل" إلى "سعاد سعد"؛ حتى يمكِّنها هذا الاسم من الفوز؛ لأن اسم "إسرائيل" يبغض الناس، فهم يكرهون هذا الاسم.
المهم، مرت الجولة الثانية، وظهرت كشوف الانتخابات، وظهر سقوط الدكتورة "سعاد إسرائيل"، برغم أن رقمها في الجدول رقم واحد، كما أن رمزها الانتخابي هو الهلال. ولم يشفع لهذه السيدة مجهوداتها الكريمة في "الأقصر" أو سمعتها الطيبة أو نظافة يدها، بل لم يشفع لها رمزها وهو الهلال لكي تمر من تلك الانتخابات إلى برلمان مجلس الشعب.
حقيقة، شىء مؤسف أن يُعامل الإنسان بهذة الطريقة بسبب اسمه، دون النظر إلى شخصيته الفعَّالة في أرض الواقع. ولكن للأسف، فهذه ثقافة شعب مغيَّب فكريًا وتربويًا ومعنويًا.
وإذا نظرنا نظرة عامة على ما يدور على الساحة، وخصوصًا ساحة الانتخابات وما يحدث بها من تجاوزات وفرض أشخاص بعينهم لكي يخوضوا الانتخابات؛ فلماذا لا تُلغى الانتخابات تمامًا ويصير مجلس الشعب بالتعيين بدلاً من الانتخاب؟ أو ليس الوزراء يعينون؟ فلماذا لا يُعيَّن الأعضاء جميعهم، ويبقى زيتنا في دقيقنا، وبدون مشاكل ووجع راس؟ مش كده ولا ايه؟؟!!
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :