الأقباط متحدون | مقالك قاصر يا"عبد الناصر"
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٢:٠٢ | السبت ١١ ديسمبر ٢٠١٠ | ٢ كيهك ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٣٣ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

مقالك قاصر يا"عبد الناصر"

السبت ١١ ديسمبر ٢٠١٠ - ٠٤: ٠٩ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم : حنا حنا المحامي
في جريدة الأهرام التي كانت غراء كتب كاتب اسمه"عبد الناصر سلامه"مقالاً يدين فيه قداسة البابا"شنودة"الثالث، ويهاجم الأقباط ذلك أن الطبطبه والدلع والمعاملة الكريمة الطيبة، التي كان يعامل بها الأقباط جعلتهم يسلكون مسلكًا يناقض سياسة الدولة، مما حدا بهم أن يهاجموا قوات الأمن في الطالبية، فلم تجد الدولة بدًا من أن تتعامل معهم بالشدة حتى يكونوا عبره لغيرهم في المستقبل.  كما أنه استرسل في مقاله لتبان في بلاغه رائعة وتسلسل منطقي وعبقرية فذة، بأن إشاعة تخزين الأقباط للأسلحة واضح أنها صحيحة، وذلك في بلاغه في الاستنتاج والاستخلاص تبين أنه كاتب موهوب, كاتب يجيد الشر والفتن.  وهو يطبق نظرية أن كل من يريد الشهرة عليه أن يهاجم المسيحية والمسيحيين.  وأخال أنه قد حقق الكثير من هذه الشهرة في هذا المقال.
     إن القتل والذبح والحرق والخراب والدمار وخطف الفتيات طبطبه ودلع.

     وقد استرسل الكاتب المغمور في أن هاجم قداسة البابا"شنودة"الثالث في ادعاءات كاذبة قائلاً إنه (أي قداسة البابا) ادعى سنة 1973 أن عدد المسحيين في مص سيتساوى مع عدد المسلمين في عام 2000,  كما ادعى هذا الكاتب المغمور أن قداسة البابا دعا إلى طرد الغزاة المسلمين.  وبأسلوب يتجرد من أي قيم أو أخلاق يدعى أن مصطلحات الفتنه الطائفية, والاستقواء بالخارج, والمواطنة لم تتردد إلا على أيدي البابا"شنودة".  ويقول هذا المغمور إن حالة الأقباط في مصر سنة 2010 أفضل حالاً من سنة 1918. إلا أن هيمنة الولايات المتحدة وضعف السودان الشقيق تسول للنفوس الضعيفة للتصرف بغباء والسلوك بلا مسئوليه.  نعم هذه كلمات الكاتب الجسورة البليغة.

     إلا أنى أرى أن المقال قد جاء قاصرا ولم يوف بالغرض الذي كتب من أجله, لذلك أود أن استرسل معبرًا ومفصحًا عما يجيش في نفس ذلك الكاتب, ولكن يبدو أنه كبح جماح قلمه حرصًا على الوحدة الوطنية، والمثل العليا والأخلاق الطيبة ذلك أنه رجل سلام ورجل محبه ويرعى الوحدة الوطنية، والأخلاق القويمة عسى أن يقتدي به الأقباط.
     لذلك أرى أن هذا الكاتب القدير الموهوب قد فاته الكثير من الكلام حتى يكمل مقاله الرائع.  ولذا أكمل ما كان يتعين عليه أن يكتبه ويقوله لولا حرصه على الوحدة الوطنية.  فقد كان يجب أن يقول حسبما يبين من اتجاه قلمه الآتي:

     ولما ثبت يقينا أن الأقباط خونه إضافة إلى أنهم كفار, يتعين أن يعاملوا معامله تتناسب مع كفرهم.  إنهم لا يستحقون الحياة ويتعين أن نقضى عليهم قضاء مبرمًا.  لقد كانت الدولة كريمة معهم إلى أبعد حد فمنهم الوزراء وأعضاء مجلس الشعب, وهذا ما يتعارض مع ديننا الحنيف.  يتعين أن نجعلهم كما قال السادات ذلك الرئيس العظيم الذي لقي ربه منتصرًا.  وإني أدعو الحكومة الميمونة أن تهجرهم عن بكرة أبيهم حتى نبشبش الطوبة التي تحت رأس الرئيس الراحل, وتكون مصر للاستلام والمسلمين.  أما إذا تعذر ذلك فيتعين إبادتهم جميعا.

     لقد كان المسلمون كرماء معهم إلى أبعد حد, ولكن دون جدوى.  إننا كمسلمين شعب كريم ولكننا نجد أن المسيحيين يضطهدوننا ويقتلون المسلمين, علمًا بأننا لا نعرف إلا السلام والمحبة.  مقابل ذلك ها هو الأقباط يخزنون الأسلحة لطردنا من بلادنا.  إن الأقباط يريدون أن يحلوا محلنا في إدارة شئون بلادنا, لذلك يتعين إبادتهم.  لقد عاملناهم بكل محبه, ولكن هذه المحبة فسرت تفسيرًا عكسيًا.  إنهم يدعون أن 22 قد قتلوا في الكشح بينما هم الذين تقاتلوا مع بعضهم البعض دون أن يتدخل المسلمون الذين سعوا إلى نشر الصلح بينهم دون جدوى.  وليس أدل على ذلك من حكم المحكمة العادل.  إنها الطبطبه والدلع اللذان أفسدهم حتى أنهم أخلوا بالسلم والأمن.
     إني أدعو حكومتنا الرشيدة أن تهجرهم عن بكرة أبيهم حتى تصبح مصر للمسلمين ونعيش في سلام.

     يدعى المسيحيون أنه قد اعتدى عليهم في فرشوط بينما هم الذين تركوا القرية اختيارًا، بعد أن أشعلوها نارا مما يبين كذبهم المفضوح.  إنهم سبب كل المشاكل والمشاحنات التي تحدث بين المسيحيين والمسلمين في"مصر", ولذلك يجب تهجيرهم.
     إن المسيحيين أصبحوا يشكلون صداعا في"مصر", فلماذا نتمسك بهم ؟ علينا أن نرحلهم حتى نتفرغ لـ"إسرائيل"ونحرر"فلسطين"أرض المسلمين فنفرغ كل غير المسلمين من الشرق الأوسط, أما أسلوب الطبطبه والدلع يجب أن يتوقف ويحل محله أسلوب القضاء عليهم.
     لقد أصبح المسيحيون يزاحموننا في الأسواق والمدارس والكليات والمعاهد, وكذلك في الوظائف.  يتعين أن يرحلوا.  لقد حاولنا إذلالهم ولكنهم صابرون مؤمنون الأمر الذي أصبح يثيرنا ونعتبره تحديا صامتا.   تلك الكلمات ليست إلا استرسالا لما كتبه ذلك الكاتب.

     وكاتب هذه السطور يود أن يقول بأسلوب مستقيم ملؤه الأسى:

     إني لم أكن أتصور أن جريدة الأهرام التي كانت غراء نجد فيها تلك الروح التي تدفع على الفرقة والتفرقة، والعمل على الفتنه من خلال إعلامنا, الأمر الذي يتعارض تعارضًا صارخًا مع أبسط مبادئ الإنسانية والأخلاق.  حقيقة إن الأخلاق قد انهارت وتداعت ولكن ما كنت أتصور أنه يصل الأمر إلى هذه الدرجة من التدهور والكذب.  قد تنحرف الصحافة بأن تغالي في بعض الحقائق أو الأخبار – إن كان يجوز للصحافة أن تنحرف - ولكن أن يصل الأمر إلى هذه الدرجة من الكذب, الأمر الذي يفقد القارئ كل الثقة في إعلامه الكاذب, فهذا لم نكن ننتظره أن يحدث في يوم ما.  والأدهى والأمر أن ذلك الكذب لا يصدر إلا من جريده كانت في يوم ما تتبوأ قمة الرسالة الصحفية في المصداقية والأخلاق والمثل العليا.
     إن ما حدث من جريدة الأهرام يكشف أن الإعلام الحكومي يعمل على نشر الفرقة والفتنة بين أبناء الوطن الواحد.  بينما رسالة الإعلام النزيه والنظيف هو العمل على رأب الصدع بفرض أن ذلك الانحراف قد حدث.  يتعين أن ندرك أن مثل هذا المقال الذي تطوع به الأخ "عبد الناصر", قد مر على رئاسة التحرير وباركته.  يتعين أن ندرك أن مثل هذا المقال لا يمكن أن ينشر إلا بعد موافقة السلطات الأمنية.
     لقد ادعى"عبد الناصر" أن قداسة البابا  قال في سنة 1971 إن الأقباط سوف يتساوى عددهم مع المسلمين سنة 2000,  وكذلك نسب إلى قداسة البابا أنه طالب بطرد المسلمين الغزاة.

     وللأسف الشديد أن كلام"عبد الناصر"لا ينطوي إلا على جهل مطبق، ذلك أن أي معتوه لم يكن يتصور أن في خلال ثلاثين عامًا سوف يتساوى عدد المسلمين مع المسيحيين.  إنه قول يدل على جهل قائله لا أقول إنه لا يمكن لقامة شامخة مثل البابا"شنودة"أن يقول مثل هذا الهراء, بل أي شخص على ثقافة متوسطه لا يمكنه أن يتطرق إلى مثل هذا الهراء.  الأمر إذن يفصح عن أمر واحد وهو أن كاتب هذا الهراء ليس فحسب شخصا غير مثقف ولكن شخصا يمعن في إثارة فتن بين عنصري الشعب المصري بسوء نية.  وللأسف أن مثل هذا الجهل أصبح عنوان تلك الجريدة التي كانت غراء.
     ثم نأتي إلى موضوع الاعتذار.  أولا لم يتدارك رئيس التحرير"أسامة سرايا"مثل هذا القول الذي يعبر عن شر مستطير, ولكنه لم يحرك ساكنا إلا بعد أن ثار كل قبطي وكل وطني في"مصر"على مثل هذا الهراء ومثل هذا الاتهام المعبر عن دونيه في الفكر وفى النفس, بل والمعبر عن شر ينهش في جنبات كاتبه وجهله المطبق, وبسماح من جريدته ورئيس تحريرها.

     تقول بعض الأنباء إن الأستاذ"أسامة سرايا"رئيس التحرير قد اعتذر عن ذلك المقال أو العامود الشهير.  وتلهفت على قراءة ذلك الاعتذار وإذا بى أصدم مرة ثانيه أو ثالثه أو رابعة لما يطويه ذلك المقال أو العامود وذلك الاعتذار المزعوم.
     لقد قال عما حدث ووصفه بأنه "مؤامرات خارجية"  ولكنه يبدو أنه نسى أن هناك خيانة وعماله واستقواء بالخارج وإشعال نار الفتنه ... إلى آخر هذه الملحمة المتكررة المملة، والتي هوت بكتابنا ومثقفينا إلى درج لا يحسدون عليه.
     أما فيما يتعلق بكلمات الأخ"عبد الناصر"فقد وصفها بأنها قد حملت تجاوزات جاءت من باب الاجتهاد والخوف أن تكرر الأخطاء وتشتعل الأزمات.  عبارات مرسله تنفصل انفصالا تاما عن العبارات والاتهامات التي لا تستند إلى أي ظل من الواقع أو الحقيقة.

   وهنا يتعين أن نتوقف لنحلل كلمات الأستاذ"أسامة سرايا"رئيس تحرير الأهرام.  أولاً لا يمكن أن نصف كلماته بأنها اعتذار.  ذلك أن المعتذر يتعين أن يكون متواضعا ويقر بالزلل أو بالخطأ. ثم يعتذر صراحة عما بدر منه.  ولكن نجد أن في هذا الموقف الذي لم يكن يستهدف إلا إشعال الفتنه، بل إن أمكن القضاء على المسيحيين لأنهم وجدوا من الدلع والتهاون والتراخي، ما جعلهم يرفعون أصواتهم عند محاولة إذلالهم أو اضطهادهم سواء جملة أو فرادى, وهذا ما لا يجوز أن يتجرأ عليه أي ذمي.  من هنا كان يتعين أن يكون الاعتذار من نفس المخطئ وهذا ما لم يحدث الأمر الذي لا يدعو إلى التفاؤل ذلك أن رئيس تحرير ذلك الكاتب تولى عنه الاعتذار، حتى يفرغ الصياغة في قالب هادئ يكون مهدئا وملطفا بحيث لا يتضمن صيغة الاعتذار.

     هذا الأسلوب أو هذا الموقف يوضح بكل جلاء أن الأمر مبيت وأن الكاتب كان قد حصل   على رضاء رئيس التحرير.  والمعروف أن جريدة الأهرام التي كانت غراء أصبحت ساحة رحبة لكل من يهاجم المسيحية أو المسيحيين.  ومن ثم قام الأستاذ"سرايا"بدور الحاجز الذي يحمى صبيه من أي هجوم أو نقد أو اتهام حتى لو كان ذلك الاتهام نابعا من ثنايا العبارات المسمومة، التي ألقى بها دون تروّ بل أطلق لمشاعره ولأحقاده العنان بصوره لم يكن فيها للتعقل أو المنطق أي مجال, ومن ثم تم نشر هذا المقال أو العامود أيا ما كان المسمى.
     خلاصة القول إن اعتذارا سواء من الكاتب المغمور أو من رئيس تحريره لا وجود لهما حتى في الخيال.  ولم يكن أقل من أن يعتذر الكاتب في عبارات واضحة وصريحة عما بدر منه, كما كان يتعين على رئيس التحرير"أسامة سرايا"أن يكون اعتذاره في عبارة صريحة وواضحة, إلا أنه آثر العزة بالإثم فأورد كلمات مرسله تعبر عن جزء يسير من شخصية البابا التي اعتدى عليها عبد الناصر الكاتب المغمور.  كما أن كلمات الأستاذ رئيس التحرير جاءت خلوا من أي إشارة على موضوع الدلع والطبطبه المفقودين.

     وبناء على ما تقدم يكون لا يزال من حق قداسة البابا أن يقيم دعوى سب وقذف ضد عبد الناصر وضد رئيس التحرير وضد جريدة الأهرام حتى يكونوا عظه لغيرهم.
     هناك كلمة أخيره إنه لو كان هذا المقال في إعلام محترم لكان فقد كاتبه وظيفته.  ولكن يبدو أنه من  الذكاء حتى أدرك الاتجاه السائد ومن ثم آثر أن يعوم مع التيار.
     إننا لا نطالب بالاعتذار لان الاعتذار من شيم الكرام.
     ثقوا يا ساده إن المبادئ والمثل العليا هي التي لها الدوام.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :