بقلم :صموئيل عازر دانيال
وصية المسيح للرسل كيف تكون الكرازة بالإنجيل :
لقد كانت الكلمات الأخيرة التي فاه بها المسيح قبل صعوده إلى السماء هي بمثابة (الوصية) التي تركها لتلاميذه لتكميل الكرازة بالإنجيل. وهذه هي تفاصيل هذه الوصية كما وردت في خاتمة كل إنجيل، وفي أول سفر أعمال الرسل :
- متى 28: 18 – 20: «فتقدَّم يسوع وكلّمهم قائلاً: «دُفع إليَّ كل سلطانٍ في السماء وعلى الأرض، فاذهبوا وتلْمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسْم الآب والابْن والروح القدس. وعلِّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتُكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر». آمين.
- مرقس 16: 15، 16: «وقال لهم: «اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن واعتمد خَلَصَ، وَمَن لم يؤمن يُدن»».
- لوقا 24: 45- 48: «حينئذٍ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وقال لهم: «هكذا هو مكتوبٌ، وهكذا كان ينبغي أنّ المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث، وأن يُكْرَز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم، مُبْتدأً من أورشليم. وأنتم شهودٌ لذلك».
- يوحنا 21: 24، 25: « هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا. ونعلم أنَّ شهادته حقٌّ. وأشياء أُخَر كثيرةٌ صنعها يسوع، إن كُتبتْ واحدةً واحدةً، فلسْتُ أظنُّ أنَّ العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة. آمين».
- أعمال الرسل 1: 2- 8:« لكنكم ستنالون قوّةً متى حلَّ الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض».
- وهكذا سنجد أن كرازة الرسل بالإنجيل التزمَتْ بكل ”وصية“ المسيح.
خلاصة كرازة الرسل بالإنجيل :
لقد تلَّخصت كرازة الرسل بالإنجيل في هذه النقاط التالية:
1- تحقيق نبوات الأنبياء: كما في عظة القديس بطرس يوم الخمسين: «الله، فما سبق وأنبأ به بأفواه جميع أنبيائه: أن يتألم المسيح، قد تممَّه هكذا» (18:3)؛ داود سبق ورأى وتكلم عن قيامة المسيح: «أنه لن تُترَك نفسه في الهاوية ولا تَدَعْ قدوسك يرى فساداً، لكنه (داود) مات ودُفن وقبرُهُ عندنا حتى هذا اليوم» (27:2-32).
2- وأن كل هذا حدث بموت يسوع، الذي من نسل داود: «رجل قد تَبَرْهَن لكم من قِبَل الله بقوات وعجائب وآيات» (22:2).
3- البشارة بقيامة المسيح: «الذي أقامه الله ناقضاً أوجاع الموت» (22:2)؛ «الله جعل يسوع هذا الذي صلبتُمُوه أنتم ربّاً ومسيحاً» (اقرأ في إنجيلك الآيات 33:2-36). وهذه إجابة القديس بطرس على تحريم رئيس الكهنة على الرسل الكرازة في الهيكل باسم يسوع: «هذا رفَّعه الله بيمينه رئيساً ومخلَّصاً ليعُطي إسرائيل التوبة وغفران الخطايا» (31:5).
4- وأيضاً: «وأعطي الروح القدس للذين يطيعونه» (32:5). «وإذ ارتفع بيمين الله، وأخذ موعد الروح القدس من الآب، سكب هذا الذي أنتم تبصرونه وتسمعونه» (33:2).
5- المسيح «يجب أن يبقى في السماء إلي أن يحقق زمن تجديد كل شيء» (21:2- الترجمة الحديثة؛ 42:10).
6- كلمات الكرازة لغير المسيحيين: «توبوا وليعتمد كل واحد منكم علي اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس» (38:2).
قوة اسم الرب يسوع المسيح في الكرازة والخدمة :
- المسيح علَّم، والرسل أطاعوا، واختبروا اقتصار الكرازة على البشارة بإسم يسوع المسيح، بدون إقحام أسماء أخري بديلة أو غريبة: « وليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص » (12:4). الكرازة والبشارة تكونان بالمناداة فقط باسم يسوع وحده.
- وفي قصة بطرس الرسول وشفاء الأعرج عند باب الهيكل، نجد ونكتشف قوة وفاعلية اسم الرب يسوع في كرازة الرسل، وإليك نص ما ورد في سفر أعمال الرسل (3: 1- 16):
- «وصعد بُطرُس ويوحنا معاً إلى الهيكل في ساعة الصلاة التاسعة. وكان رجلٌ أعرج من بطن أُمِّه يحُمَل، كانوا يضعونه كل يومٍ عند باب الهيكل الذي يقال له «الجميل» ليسأل صدقةً من الذين يدخلون الهيكل. فهذا لما رأى بطرس ويوحنا مُزمِعَيْن أن يدخلا الهيكل، سأل ليأخذ صَدقةً. فتفرَّس فيه بطرس مع يوحنا، وقال: «اُنظرْ إلينا!» فلاحظهما مُنتظِراً أن يأخذ منهما شيئاً. فقال بطرس: « ليس لي فضّةٌ ولا ذهبٌ، ولكن الذي لي فإيّاه أُعطيك : باسم يسوع المسيح الناصري قُمْ وامْشِ! ». وأمسكه بيده اليمنى وأقامه ، ففي الحال تَشَدَّدَت رجلاه وكَعْباه ، فوثب ووقف وصار يمشي ، ودخل معهما إلى الهيكل وهو يمشي ويَطْفر ويُسبِّح الله. وأبصره جميع الشعب وهو يمشي ويُسبِّح الله. وعرفوه أنه هو الذي كان يجلس لأجل الصدقة على باب الهيكل الجميل، فامتلأوا دهشةً وحيرةً مما حدث له.
الرسل يشهدون لقوة اسم يسوع المسيح: وبينما كان الرجل الأعرج الذي شُفي مُتمسكاً ببطرس ويوحنا، تراكض إليهم جميع الشعب (اليهودي) إلى الرواق الذي يقال له «رُوَاق سليمان» وهم مندهشون. فلما رأى بطرس ذلك أجاب الشعب: «أيها الرجال الإسرائيليون، ما بالكم تتعجبون من هذا؟ ولماذا تَشْخَصُون إلينا، كأننا بقوتنا أو تقوانا قد جعلنا هذا يمشي؟ إن إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، إله آبائنا، مجَّد فتاه يسوع، الذي أسلَمْـتُمُوه أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس، وهو حاكمٌ بإطلاقه. ولكن أنتم أنكرتمُ القدوس البار، وطلبتم أن يوهب لكم رجلٌ قاتلٌ. ورئيس الحياة قتلتمُوه، الذي أقامه الله من الأموات، ونحن شهودٌ لذلك. وبالإيمان باسمه، شَدَّدَ اسمُه هذا الذي تنظرونه وتعرفونه، والإيمان الذي بواسطته أعطاه هذه الصحة أمام جميعكم».
- وبهذا صار يسوع المسيح هو موضوع عبادتنا وصلواتنا: «ويكون كل مَنْ يدعو باسم الرب يخلص » (أعمال 21:2). هذه هي قوة اسم الرب يسوع. ويا للحزن ويا للخسارة إذا أهملنا هذا الاسم المبارك أو استبدلنا به أو أقحمنا معه في كرازتنا وخدمتنا أي إسم آخر غريب.
- ”اسم يسوع“، وليس الفضة ولا الذهب، كان هو القوة التي رافقت الرسل والكنيسة الأولي. وهو كذلك لكل مسيحي يقبل ويؤمن بربوبية يسوع المسيح، ويدعو بهذا الاسم ليلاً ونهاراً، ويلجأ إليه في كل شدة وضيق، فينتصر به علي كل تجربة، ويجعله يلتصق بهذا الاسم الحسن: إسم الرب يسوع بقلبه وعقله، وينطبع في باطن نفسه، بل ويلازمه حتى وقت الوفاة، ثم وفي الدهر الآتي. و«اسم الرب برج حصين يركض إليه الصدِّيق ويتمنَّع» (أمثال 10:18). وبهذا الاسم سيتعرف الله علي أخصَّائه المختارين في يوم مجيئه المبارك ثم في يوم الدينونة الرهيب.
- والآن، أيها القارئ في القرن الواحد والعشرين، ها هو الآن أمامك «الإنجيل» مع كرازة الرسل الشفوية وكتابات القديس بولس وباقي الرسل مُسجَّلة في «الإنجيل» مكتوباً ومطبوعاً، مقروءاً ومسموعاً. فهل نقرأه ونسمعه ونحن خاشعون أمام شخص المسيح، الذي فور البدء في قراءتنا له بروح الصلاة، يصير حاضراً بروحه أمامنا فنقرأ بشارته بوعد الحياة الأبدية ومغفرة خطايانا بدمه المسفوك علي الصليب، فنفرح، ونؤمن، وندخل في شركة الحياة معه، لكي بعد موتنا تكون نفوسنا قد خُتمت بعلامات الروح القدس الذي عَقَد شركة الحياة هذه بيننا وبين المسيح يوم معموديتنا وخَتْمِنا بمسحة الروح القدس؟ آمين.
يتبع – كرازة القديس بولس الرسول)