الأقباط متحدون | دماؤهم ليست رخيصة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٣٦ | السبت ١٨ ديسمبر ٢٠١٠ | ٩ كيهك ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٤٠ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

دماؤهم ليست رخيصة

السبت ١٨ ديسمبر ٢٠١٠ - ٢٧: ٠١ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: القمص أثناسيوس جورج
الإنسان الكائن العجيب الفريد المخلوق على صورة الله ومثاله دماؤه ليست رخيصة...   وجود الإنسان هو عطية حرة من الله, لا يجوز أن تُسلب منه أبدًا , ولا يمكن أن يمتلك الإنسان هذه العطية بقوته الخاصة, لأنها نعمة من الله... والله وحده خالقها وهو مصدرها وسبب وجودها, وكل الخليقة تنطق بعظمته وقدرته التي لا تُستقصى. الله صاغ الإنسان بيديه كفخّاري أعظم وجبله على غير فساد, ونفخ فيه روحا عاقلة مفكرة حرة, لم يخلقه ليُقمع ويُستعبد ويُذل, لأنه عمل يديه, وقد ميزه بالعقل والإرادة, فالإنسان أجمل صنائع الله على صورته في الخلود والسلطة وعدم الفساد, إنه مخلوق عجيب مدعو  ليحمل الكون كله في كيانه, ويضع الخليقة كلها في وعيه, إنه عالم كوني مصغر, وله هدف كوني, وهو ليس رخيصا حتى يُهدر ويُسحل أو يُقتل.
إنساننا اليوم يتلفت حوله يمينًا وشمالًا, فإذ هو في بحر من التناقضات, وفي لجة من الهدر والتعذيب والقمع والشجار لا يعرف  حقيقة من هو, ولا إلى أين يتجه, وإذ به يجتر الصورة التي يعيشها والهُوة التي بينها وبين الصورة التي أرادها الله له عند خلقته.

حياة الأنسان فريدة لا يكتمل معناها في ذاتها بل في خالقها, فمن ذا الذي يتجاسر لينهي حياة إنسان بينما هو مخلوق ليعيش حر, وحريته تنبع من كينونته ووجوده كإنسان... إذا فقد حريته فقد إنسانيته وكلما تحرر حقق كمال إنسانيته, وبإنسانيته الحقة نبع حريته, لأن إنسانيته مختومة وموسومة بالصورة الإلهية التي جُبل عليها.
لذلك الدماء التي أُريقت والتي لازالت تُهرق هي ليست رخيصة عند خالقها وعند خاصتها, وكان لها أن لا تكون رخيصة عند بني البشر جميعًا, إلا عند الأشرار والأثمة الذين تجردوا من كل معاني الإنسانية... فالشر بالمعنى الحصري هو غياب الخير, هو الظلامية والعدم والدموية والخراب واللاشيء والإنتحار والفناء... ولا يمكننا وصف القتلة ومن يحرضهم ومن يبرّئهم إلا أنهم جميعًا في سلة واحدة شنيعون رجسون يدمرون عباد الله بسفكهم دماء الأبرياء, والتي هي عندنا دماء غالية وثمينة وقد صارت بذارًا للإيمان وبذارًا للحصاد.

سيقضي الله لهم وسيقوم هؤلاء الشهداء بجراءة عظيمة في وجوه الذين أزهقوا أرواحهم وهدروا دماءهم, حينئذ سينوح القتلة ويقرعون على صدورهم من أجل الإثم والظلم الذي اقترفوه ولأن أرجلهم كانت سريعة في سفك الدماء , وقد جلبوا على أنفسهم دماءً بريئة... بل سينذهلون من العقاب الأبدي الذي لن يفلتوا منه أمام الذين اتخذوا منهم سُخرة وغنيمة, أما الذين استشهدوا فحالما أُغلقت أمامهم الأرض انفتحت السماء... ضد المسيح يهدد لكن المسيح يضم, الموت اقترب منهم فتبعه الخلود  اُنتزعوا من الأرض ووضعوا في الملكوت ورشاقة الحياة الأبدية.
  لقد صاروا شهود دم ولم تنقصهم الغيرة الملتهبة مقابل التعصب الوحشي, مقطرين دماءهم على قارعة الطريق بقوة روحية ويصفة دفاعية أخلاقية صِرفة فأرسلتهم الكنيسة للسماء من أماكن عديدة وفي توقيتات مختلفة( التوفيقية – اسكندرية – أبوقرقاص – الكشح – نجع حمادي – العمرانية ومواضع أخرى)
ومعهم شهادات كثيرة صامتة وبليغة ضمن سلسلة افتراءات طويلة المدى ولا تنتهي, وهي أيضًا لا تتوقف على عدد الضحايا بقدر ما تعتمد على النتيجة الجوهرية التي هي حفظ الإيمان وحق الوجود والعيش وبقاء الكنيسة .

وبالرغم من كل ذلك فالمسيحي لا يبغض حتى الذي يضطهده بل يصلي من أجله, لأن المحبة المسيحية ليست مقايضة بأن لا نحب إلا الذين يحبوننا, فالمسيحي يحب محبيه وأعداءه... وكلام المسيح هو لنا نفخة البوق التي بها نصبر ونحيا ونجتهد ونتشجع ونجاهر بالحق ونحفظ الإيمان من دون خوف, لأنه لا خائفين يدخلون ملكوت السموات, وكل من يقدم شهادة واعتراف غير هيّاب ولا مرتاع سيُلبسه المخلص ثوب الأرجوان حسب قياسه مع كل الذين أتوا من الضيقة العظيمة وغسلوا ثيابهم وبيضوها في دم الحمل... أليس هذا هو إيماننا وإنجيلنا الذي به آمنا وبه نعيش ونعترف ونبشر؟!!.
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :