بقلم : صموئيل عازر دانيال
أسئلة تساءل بها الآخرون حول المسيح :
السؤال الأول الذي كان يدور في ذهن أي سامع للمسيح هو : ما هي هوية شخصية يسوع هذا ؟ من هو هذا «المعلِّم» «الرابيَّ» المتجوِّل ؟ «أليس هو ابن النجار إبن يوسف ؟ أليست أمُّه تُدعي مريم ؟ » (متى 55:13)، ولكنهم في الوقت نفسه «كانوا يتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه» (لوقا22:4). بل إنهم مرة سألوه : «مَنْ تجعل نفسك» (يوحنا 53:8).
* هذه الأسئلة كانت ردَّ فعل علي كلام يسوع وأعماله التي سمعوها ورأوها بأعينهم و « كانوا يتعجبون» ، بالرغم من أن الإنسان الذي أمامهم كان في صورة إنسان عادي ، لذلك كان السؤال يتبادر إلى أذهانهم بعد كل لقاء وحوار مع يسوع : « مَنْ هو هذ ؟ ».
سؤال عن لاهوت المسيح :
« مَنْ يقدر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده ». هذا السؤال وجَّهه عدة أشخاص مختلفي المشارب ، سواء من رجال السلطة الدينية ، أو من السلطة الحاكمة ، أو من عموم الناس ، بل ومن داخل الدائرة المحيطة بالمسيح .
من السلطة الدينية:
حينما شفي يسوع المفلوج ، قال له يسوع : « مغفورة لك خطاياك » ، فبدأ الكتبة والفريسيون (وهم الجماعة التي درست الشريعة اليهودية جيداً ) يفكرون قائلين : « من هذا الذي يتكلم بتجاديف ؟ من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده » (لوقا21:5). لقد كانوا يتكلمون كمسئولين ، وكمن تُطلب من فمهم الشريعة .
- وفي مرة أخري ، حينما نطق غافراً « لإمرأة في المدينة كانت خاطئة » (لوقا 37:7) ، « فابتدأ المتكئون معه ( وهم من عامة الناس ) يقولون في أنفسهم : من هذا الذي يغفر خطايا أيضا » (عدد 49). وهكذا كانت مثل هذه الأسئلة تُثار دائماً كإحساس بالواجب والشهامة والولاء من جانب المدافعين عن المؤسسات الدينية ! وعن الحق ! وعن الشريعة !
أسئلة من السلطة المدنية :
مثل هذا السؤال سأله الملك اليهودي «هيرودس» الذي صار قلقاً علي مركزه السياسي وسلطته الشرعية، والنظام العام، ونفوذه الشخصي ، بعد سماعه عن المسيح . ولما كان قد سبق أن سجن يوحنا المعمدان ( نسيب المسيح ) ثم بعد ذلك أمر بقطع رأسه ، وكانت الأخبار قد شاعت بأن يسوع ربما كان هو يوحنا المعمدان وقد عاد من الموت إلي الحياة! بدأ يتساءل: «يوحنا أنا قطعتُ رأسه، فمَنْ هو هذا الذي أسمع عنه مثل هذا؟» (لوقا 9:9). علماً بأن إجابة السؤال عن هويَّة وشخصية يسوع كانت أمراً عاجلاً ومُلحّاً للسلطات المدنية، وقد صار فيما بعد هو السبب الحاسم في الحكم عليه بالصلب.
وتساءل عموم الشعب :
السؤال عن هوية وشخصية يسوع لم يكن مجرد تساؤل شخصي من شخص أو أشخاص لهم صفة أو مسئولية خاصة، بل كان سبباً في حيرة عموم الشعب. وقد اتضح هذا من الحادثة الحاسمة وهي دخول المسيح أورشليم في موكب مهيب: «ولما دخل أورشليم (يوم الأحد السابق ليوم جمعة صَلْبِه)، ارتجَّت المدينة كلها قائلة: من هذا؟» (متى 11:21).
وحتى من الدائرة الضيقة حول المسيح :
ففي لحظة حاسمة من خدمة يسوع، وضع هو هذا السؤال عينه أمام التلاميذ: «وأنتم، من تقولون إني أنا؟». وبعد ذلك حينما أخبرهم أنه لا بد أن يُقبض عليه، ويموت، ثم يقوم ثانية، «لم يفهموا القول». وظل التلاميذ غير فاهمين حتى تمت قيامته من الموت، حينئذ انكشفت لهم بوضوح هويَّتَه وشخصيته. وهكذا ظل هذا السؤال يلاحق خطوات المسيح علي مدي رحلته أثناء وجوده علي الأرض. وحتى اليوم لم يفقد السؤال قوته وأهميته، بل ازداد.
إنها قضية لا يمكن اختزالها أو التهوين منها :
فهذا السؤال المُلِحُّ نفسه لابد أن يطفو علي السطح أمام كل مَنْ يقرأ الإنجيل: «من هو هذا» (مرقس 41:4). فلا يمكن لأحد أن يقرأ الإنجيل دون أن يواجهه السؤال عن هويَّة وشخصية يسوع. وهذا السؤال لن يقابله الإنسان عَرَضاً أو علي سبيل الصدفة، بل إنه حين يسأل: «مَنْ هو هذا؟»، فيكون وكأنه يسأل تماماً: «مَنْ هو الله؟». فإن كان المتسائل من ذوي الذهن الصافي الصادق، فسيكون الردُّ المختص بيسوع قراراً صادقاً تماماً.
- إن الذهن النقي والأُذن التي تسمع جيداً لابد أن يظهر لها الحق الناصع الصافي : أن يسوع هو ذاك الذي تشهد له الأعمال بأنه هو الله الواحد الوحيد الذي صار إنساناً حقيقيا ً، الشخصية التي ظهرت في التاريخ والتي اتحدت فيها الطبيعتان المختلفتان تماما ً: البشرية والإلهية ، فصارتا شخصاً واحداً. وهذا هو الهدف النهائي من دراسة هذه الشخصية الفريدة في تاريخ البشرية : الرد على هذا السؤال.
- إن فحص هذه الشهادات سوف تشغل أذهاننا و تخطف قلوبنا خلال هذه المقالات ، ولكنها سوف تركِّز على مَنْ هو المسيح ؟