الأقباط متحدون | مِصْرُ تَتَحَسَّر عَلَىَ نَفْسِهَاَ !!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٦:٥٩ | الجمعة ٢٤ ديسمبر ٢٠١٠ | ١٥ كيهك ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٤٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

مِصْرُ تَتَحَسَّر عَلَىَ نَفْسِهَاَ !!

الجمعة ٢٤ ديسمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 بقلم : رشدى عوض دميان


أحياناً عندما يُصاب الإنسان بحالة من حالات الإكتئاب أو الغضب بسبب موقف معين ، أو حتى إذا سمع نبأً مُفرحاً أو حتى محزناً ، ولم يكن يتوقع لهذا أو ذاك أن يحدث ، ففى كلتا الحالتين يجد نفسه يسمع - رغماً عنه - مقاطع من كلمات أغنية معينة ذات لحن معين تتوافق وتتناغم مع الحالة التى يمر بها ، أو كلمات مثل شعبى تتناسب مع الموقف الذى يصادفه ، يسمعها تتردد فى أذنيه بدون أية مقدمات أو حتى بدون تفكير مُسَّبق ؟! وعن هذه الظاهرة يقول معظم علماء النفس أنها لا تندرج تحت مُسَمَّى حالات الإضطراب النفسى والعقلى عامة ، بل ويؤكدون على أنها ظاهرة صحيةتدل على التفاعل التلقائى والواعى مع مُجريات الأمور أيَّاً كانت طبيعتها .  
وجدتنى وأنا أعيش هذه الظاهرة - خاصة فى هذه الأيام - عندما تتردد فى أذنى صدى كلمات قصيدة ’’ مصر تتحدث عن نفسها ‘‘التى كان قد ألفها شاعر النيل حافظ إبراهيم فى بدايات القرن العشرين  ولحنها الموسيقار المصرى رياض السنباطى وشدت بها أم كلثومفى النصف الثانى من خمسينيات نفس القرن أى بعد قيام ما تُسمَّى بثورة الضباط الأحرار ، وكأن تزامن تلحين وغناء هذه القصيدة الذى كان بعد مهزلة السد العالى وتأميم قناة السويس والعدوان الثلاثى ، هذا التزامن - حتى ولو لم يكن مقصوداً -ربما كان بمثابة تنبيه وتحذير من ما هو عساه أن يصيب مصر ، وبخاصة كلمات هذهالأبيات :
وارْفَعْوا دوْلَتِى عَلَى العِلْمِ والأَخْلاقِ  * فَالْعِلْمُ وَحْدَهُ لَيْسَ يُجْدِى
نَحْنُ نَجْتَازُ مَوْقِفَاً تَعْثُرُ الآراءُ فِيِهِ * وَعَــــثْـــــرة الــرأى تُـــــرْدِى
عَثْرَة الرأى التى تُرْدِى هذهتعنى الفكر المنحرف الذى من الممكن أن يسيطر على عقول من يمسكون بزمام الأمور ، وتكون نتيجته الحتمية هوالرَدَىَأى الموت والدمار والهلاك ،التردى والإنحطاط والتخلف والرجعية !! وللأسف فإن هذا الفكر المنحرف قد أصاب الذينقد سيطروا على مُعْظمِ مُجريات الأمور فى مصر ، بل وأحْكموابالأكثر قبضتهم الحديدية على كل مصادر الإبداع الفنى والعقلى وعلى كل ما يمت بِصِلَةٍ إلى الفكر الحر الراقى والمُتَحضِّر ، وفرضت أجهزة الرقابة الحكومية سيطرتها ووصايتها على حرية الفكر والكلمةوعلى أى نهج يقوم على الديموقراطية ، ولا تزال أشكال السيطرة والوصاية سارية منذأن وضعها أصحاب ثورة العسكر فى سنة ١٩٥٢وحتى الآن ؟!
وكأن القَدَر كان لمصر بالمرصاد أيضاً !! فها هى قد أصبحت عقيمة وغير ولود بعد رحيل فرسان الأدب والفكر والرواية والفن عموماً من الذين لا يتسع المجال هنا لذكرهم ، ويقينى أنهم أسعد حالاً بعيداً عن ما تُعانى منه القِلَّة القليلة الباقية من الذين تتلمذوا على أيديهم وعاصروا إبداعاتهم من حالات الإحباط ومشاعر الأسى والأسف على الزمن الراقى الذى مضى وولَّى وراح !! وياليت مصر قد أصبحت عقيمة فقط ، ولكن المصيبة الأدهى أنأُوُلِى الأمر فيها من أصحاب القرارات قد تبنوا لها- رغماً عنها - أبناءاً غير شرعيين من الذين باتوا ينسبون أنفسهم لها وما هم إلاَّ شرذمة من المُدَّعين يتم شحنهم بالفكر السلفى المتخلف ، علاوة على تمويلهم ودعمهم ماديَّاً وإجتماعياً ، وللأسف فقد تمكنوا من السيطرة على المجالات الثقافية والفنية عامة ، بالإضافة إلى مجالات الصحافة والنشر والفضائيات خاصة .
تساءلت بينى وبين نفسى - وكلى ألم ومرارة وحزن - تُرى ماذا تتحدث به مصر عن نفسها فى هذه الفترة العصيبة بالذات التى تمر بها حالياً ؟!هل تنعى كيانها الضارب فى أعماق التاريخ والذى تحول إلى مَسِخٍ أجوف لا معنىً له عندما أُلْصِقَتْ بهِ هَوِيَّة دخيلة عليها زوراً وبهتاناً بواسطة مارقٍ مأفون وأحمق أراد أن يدخل التاريخ تزلفاً ورياءاً عندما نادى بتحقيق قومية لا وجود لها من الأساس ؟! 
هل تبكى أولادها الذبن قُتِلُوا فى حروبٍ ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل وأُرْغِمُوا على الخوض فيها عنوة وقَسْرَاً لمجرد أن الحاكم أراد أن يُـكابـر ويتـعالى بكل غطرسةورعونة وبدون أن يحسب أية حساباتٍ لموازين القوى الفعلية ؟!هل تتحدث عن دكتاتورية الحكم وعن إستبداد الحكام وعن طغيان الرعاع واللصوص من الذين أصبحوا من حماة الأمن بين عشية ليلة وضحاها ؟! وهل تتأسَّى بسبب التعنت والقهر والظلم الذى أصاب ويصيب أبناؤها الشرفاء على أيديهم ؟!هل تحكى عن مظاهر الإهمال والفساد واللامبالاة والجهل والتخلف التى استشرت فى كل مكانٍ فيها ؟!
هل يتقطع كبدهامن أجل طفلة جائعة تبحث فى أكوام القمامة عن ما تسد به رمقها ؟! وهل يغمض لها جفن وهى ترى مئات الآلاف من الأطفال الصغار المشردين فى الشوارع بلا مأوى يضمهم ولا غذاء يقوتهم ولا ملابس تستر عريهم فى الوقت الذى تصرف فيه خزينة الدولة ملايين الجنيهات على علاج وإقامة بعض الوزراء وبعض أعضاء مجلس الشعب وعائلاتهم فى الخارج ؟!
هل تتعجب على أناسٍ آمنوا بنظرية الخلود فأبوا أن يتركوا كراسيهم ومناصبهم لمن هم أهلٌ لها فعلاً ؟! هل تنظر فى دهشةٍ وإستغرابٍ إلى وجوه الرجال من المسئولين الذين باتوا يستخدمون مساحيق التجميل وصبغات الشعر فقط لكى يبدوا وكأنهم لا يزالوا على قيد الحياة ولكنهم فى الحقيقة فى عداد الأموات منذ أن تحجرت وتقسَّت قلوبهم وماتت ضمائرهم وأحاسيسهم ؟!
تُرى هل ترضى مصر بأن يُعامل أبناؤها الحقيقيين معاملة العبيد على أيدى من هم أبناء غير شرعيين ؟! تُرى هل يطيب قلبها وينشرح وهى ترى رمزاً كبيراً من رموزها وعلماًشامخاً من أعلامها ، رجلاً قلَّما يجود الزمان بمن هو فى مثل قامته وحكمته ألا وهو البابا شنوده الثالث ، تُرى هل تسعد مصر عندما ترى وتسمع من يسبونه بأقبح كلمات السباب والشتائم واللعنات ، وينعتونه بأبشع الألقاب والصفات؟! وياليت الأمر يقف عند هذا الحد فقط ، ولكن أن يغمض المسئولين أعينهم ويسدون آذانهم كأن الذى يُلْعَنُ ويُسَّبُ ويُشْتَمُ لا يُمثل لمصر أيَّة أهمية على الإطلاق ؟! 
تُرى هل تصيب اللوعة والأسى قلب مصر عندما يتم تنفيذ المخطط تلو الآخر لسفك دماء أقباطها من الرجال والنساء والأطفال وخاصة عند تواجدهم للصلاة فى كنائسهم يطلبون من الرب أن يحفظ مصر ورئيسها ووزراءها وجندها وشعبها ، وأن يبارك فى زروعها ومواشيها ونيلها ؟! 
هل تنام عيون مصر وهى ترى العدالة المفترض أنها عدالة عمياء لا تُفرِّق بين فريقٍ وآخر ، تراها وهى تفتح عينيها نحو المجنى عليهم من الأقباط وتُغْمِضْهُما على الجناة أياً كانوا ؟! هل تتساءل لماذا لا يُصدر قضاتها الجزاءاتالرادعةعلىكل من كانوا وراء قتل أولادها وخطف بناتها من الأقباط وترويعهموحرق منازلهم ومتاجرهم على مدى الأربعين عاماً الماضية وحتى الآن ؟! 
وارْفَعْوا دوْلَتِى عَلَى العِلْمِ والأَخْلاقِ. . . . . . ؟! 
يا إلهى .... أى عِلْمٍمن العلوم هذا الذى تطلب مصر من أبناءها أن يرفعوها عليه ؟ هل هو علم الفتاوى والخرافات الذى بات يسير على نهجه خليط ممن هم من المفترض أنهم أساتذة جامعات ، وغيرهم ممن هم أعضاء قى الإدارات والوزارات الحكومية علاوة على العامة من الشعب من الذين لا بد وأن يستهلوا أحاديثهم وتعاملاتهم بالبسملة والحوقلة والعياذ بالله فى كل صغيرة وكبيرة ؟! أم هى علوم الطب والكيمياء والذرَّة والهندسة التى نبغ فيها البعض من أبناءها ولكنهم عندما لم يجدوا التشجيع الكافى مِنْ مَنْ بيدهم مقاليد الأمور فى بلدهم الأم هاجروا إلى بلاد أخرى حيث وجدوا من يُقدر بحقٍ كل ما توصلوا إليه من إنجازاتٍ كل فى ميدانه، ومنهم فقط على سبيل المثال لا الحصر الأستاذ الدكتور أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل فى الكيمياء والأستاذ الدكتور مجدى يعقوب جراح القلب العالمى وغيرهما . 
وأية أخلاقٍ هذه التى توصى مصر أبناءها بأن يتحلوا بها ؟! هل هى الأخلاق الوضيعة والدنيئة التى أصبحتليست سمة من سمات الشارع المصرى فقط ولكن أيضاً من سمات البعض ممن يظنون أنهم من دعاة الفضيلة والتقوى وها هم يسبون ويلعنون علناً جهاراً نهاراً كل من يخالف عقيدتهم ليس فقط من على المنابر ولكن أيضاً على القنوات الفضائية ومواقع شبكة المعلومات ؟! 
لكٍ الله يا مصر فإن مصائبك ومِحَنك كثيرة ، وبلاياك لا حصر لها ولا عدد ؟!  كنتِ أماً للدنيا وها أنتِ قد أصبحتِ عالةٌ عليها !! لم تعودِ هبة النيل كما كنتِ منذ فجر التاريخ ، ولا ترابكِ ظــلَّ ذهبـــاً وتِبْراً؟! فى حديثك عن نفسك قلتِ أن الدول التى بَغَتْ عليكِ قد زالت عقاباً لها على التعدى ، تُرى ما هو مصير الذين يتعدون عليكِ الآن بلا هوادة وللأسف أنهم يدَّعون أنهم أولادك ؟!
فى أحد فروع علم ألـــ Etymologyوهو علم إشتقاق الكلمات توجد دراسة مستفيضة عن موضوع الكلمات التى تتشابه تقريباً فى النطق ولكنها تختلف فى المعنى Homograph!! وجدتنى أتساءل بعد أن عرضت لبعض مما هو يحدث لمصر منذ عهد الثورة وحتى هذه الأيام ، تُرى هل حقاً تتحدث مصر الآن عن نفسها ، أم تراها تتحسَّـر عليها ؟! 
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :