الأقباط متحدون | قضية بناء حضارى
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٧:٢٥ | الجمعة ٢٤ ديسمبر ٢٠١٠ | ١٥ كيهك ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٤٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

قضية بناء حضارى

الجمعة ٢٤ ديسمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د.حمدي الحناوي
يوجد من رجال الدين من يتميز بالاستنارة وسعة الأفق، لكن هذا لا يكفى، فما يوحد بيننا ليس الدين بل الوطن. المصالح المشتركة يبنيها تقدم الوطن، ولا يمكن بناؤها فى بيئة متخلفة أو أرض خراب. وأعود فأكرر ما سبق أن قلته، وهو أن أى حلول نتوصل إليها تظل حلولا وهمية، طالما بقيت حالة التخلف. وقضية الوطن بهذا المعنى قضية بناء حضارى، وهو بناء لا يجود به الزمن، بل نحن نصنعه. ويبقى الدين مصدرا للقيم، ويستخدم العلم لحل المشكلات العملية.
تعترض هذا الطريق عوائق ورثناها من أجيال، كانت قادرة على استخدام إرادتها لإحياء الماضى ولو أشعلت الحرائق، ولم تستخدمها للقضاء على التخلف. لهذا أعود فأطالب الأفراد قبل أن أطالب الدولة. والأفراد أكثر حرية مما يتصورون، وهم قادرون على إحداث تغيرات عميقة فى البناء الاجتماعى، بما يدخلونه من تغير فى النظام الإنتاجى وهو العمود الفقرى لبنية المجتمع. وقد انتقلت الدنيا إلى عصر العلم من خلال نظام الإنتاج، حيث طور الحرفيون أدواتهم، ودخلوا بذلك عصر الصناعة. وكانت مشكلات الصناعة ولا تزال هى المثير الرئيسى لتطور المعرفة العلمية، ففيها لا تبذر الحبوب وتترك فى انتظار المطر، ولا يترك شئ للصدفة.

لا أقصد ببناء الصناعة شراء المصانع، بل تصميم معداتها وأدواتها وإنتاجها بعقولنا وأيدينا. تبدو هذه فكرة خيالية، يتوجس كثيرون من جدوى التصدى لها، لكننا بهذه الفكرة نواجه الحقائق، أما التوجس فتزيله الإرادة. نختلف حول أسلوب العمل، ويجب ألا نختلف حول الفكرة. ومنذ أكثر من نصف قرن سمعنا عن نقل التكنولوجيا، وسمعنا تحذيرا من إعادة اختراع العجلة. وما زالت تتكرر نفس الأفكار والحجج لأننا ما زلنا نراوح فى نفس المكان، وقد آن لنا أن نقتنع بأن التكنولوجيا لا تنقل، بل يتم صنعها وأكاد أقول استنباتها.

نحتاج إلى قدر أكبر من الشجاعة والمبادرة وقبول المخاطرة. وعندنا بدايات لم تتحول بعد إلى نظام يمكن تعميده، كبناء مكتمل الخصائص. نجحت محاولات فردية فى صنع أدوات ومعدات، كالمثاقيب والمكابس ومعدات إنتاج الأعلاف وأدوات البناء وبعض أجزاء السيارات. نجحت أيضا محاولات فى مجال الإلكترونيات. وكلها نجاحات أعادت اختراع العجلة رغم التحذيرات، إذ انصبت على إحلال منتجات أجنبية ببدائل محلية. ومعظم من فعلوا ذلك صناع حرفيون، لم يتخرجوا فى جامعة، بل علموا أنفسهم بفحص منتجات قلدوها، واستشاروا صناعا حرفيين مثلهم.

هذه شهادة بأن الصانع المصرى خلاق، وأن السوق المصرى يرحب بالابتكار، لكنها أيضا شهادة بتخلف العلم، فلا يلجأ أحد لاستشارة رجاله. وهكذا تنبت الأزهار فى أرض قاحلة، فى بيئة تتميز بنقص المعرفة ونقص الثقة بالنفس. ويتأكد هذا عندما يعطى المجتهدون لمنتجاتهم أسماء أجنبية، أو يكتبون بياناتها بلغة أجنبية. هذا بناء جديد تلزمه ثقافة تسانده، وتحدد الاتجاه وتستبعد العشوائية، لتؤسس مشروعا قوميا يبنى ما أود أن أسميه الحلقة الناقصة.

هذا مشروع يستدعى رؤى إبداعية، لا تقتصر على المجالات الهندسية بل تمتد لتشمل الاقتصاد والتعليم والصحة والإدارة وكل الميادين الأخرى. وسيستدعى هذا إبداعات بحثية، لا لابتكار نظريات جديدة، بل لاستقصاء المشكلات العملية واقتراح حلول ممكنة قبل كل شئ. ومثل تلك البحوث لا يجريها أكاديميون بالضرورة، ولا يتحتم أن تنظمها الدولة، بل يمكن أن تنهض بها مراكز الإنتاج ذاتها، أو مراكز بحوث مستقلة، تعمل على أساس تجارى.
لا يحسم الجدل هنا مقال بليغ، بل يحسمه حوار مباشر بين من يهمهم الأمر. أتصور لقاء إرادات فردية شجاعة تستقبل الرسالة وتستعد للمشاركة وتبادر بالحوار. 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :