الأقباط متحدون | أنوال ومتولي وكهروميكا
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٧:٤٧ | الجمعة ٢٤ ديسمبر ٢٠١٠ | ١٥ كيهك ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٤٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

أنوال ومتولي وكهروميكا

الجمعة ٢٤ ديسمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: مينا ملاك
منذ أكثر من (12) عامًا، كان في "مصر" ثلاث شركات يعملون في مجال الكهرباء، خرجوا من عباءة الهيئة التي بنت السد العالي، وكانوا على الترتيب كهروميكا، وهيديلكو، وإيلجيِكت. وبيعت كهروميكا- التي كانت أكثرهم نجاحًا- في زحمة الخصخصة للشركة العربية التي يملكها المهندس "محمد متولي"، واجتمع مع العمَّال والموظفين في أحد الفنادق الكبرى. وقال لهم: إنكم جواهر وأنا اقتنيتكم، وأنتم الاستثمار الحقيقي. وخرج الكل من الحفلة فرحًا بالتعارف مع المالك الجديد، الذي- وكما قال لهم- يؤمن بالاستثمار في البشر، وهو الاستثمار المربح بحق.

ولكنه سرعان ما عاس في الشركة فسادًا وقلب الموازين، وأخذ الموظفون يستقيلون الواحد تلو الآخر بعد وقفات احتجاجية لم تر النور حينها؛ لأنه لم يكن هناك جهاز إعلامي غير التليفزيون المصري. فلم تكن هناك نوافذ أخرى نتنفس منها حينها الهواء العليل والنظيف، كما هو حالنا اليوم. وهذا بالمناسبة درس جديد يعطينا شرحًا توضيحيًا لما قامت به القنوات الفضائية الجديدة الحالية التي انتشرت ونشرت فيها الثقافة والوعي الجماهيري، والتي تحاول الدولة اليوم حرماننا منها بإحكامها القبضة على برنامج مثل "القاهرة اليوم"، بإيداعها له في الثلاجة، والإطاحة بـ"إبراهيم عيسى" من برنامجه ومن صحيفته. فأنا أعتقد أنه لو كان هناك أيًا من تلك الوسائل الإعلامية الموجودة اليوم- في حين احتجاج موظفي كهروميكا- لما كانت كهروميكا تتهاوى كما حدث بالفعل، وتلاشت وذابت في الشركة العربية، وهرب "محمد متولي"، وهناك من قال لـ"إيطاليا"، وهناك من قال لـ"السعودية". ومن المذكور لهذا الرجل، إنه تم الحجز على بعض أملاكه منها مول بشارع طلعت حرب لصالح البنك الأهلي المصري.

بعد هذا كله، فوجئت بـ"محمد متولي" يقفز على السطح، ويشتري بدون أي مقدمات شركة "عمر أفندي" العريقة من شركة "أنوال"- أيًا كان الثمن- ولكنه عاد ثانيةً للظهور، والله أعلم بأي من الأموال اشترى "عمر أفندي" من "أنوال"؟ حيث أنه كان قد سبق شراء كهروميكا بأموال البنوك. فهل قامت القروض اليوم ثانيةً بفعلتها، واشترى "عمر أفندي" من الشركة التي اشترته أيضًا بأموال البنوك؟
كل هذا تذكَّرته حين شاهدت تقرير برنامج العاشرة مساءًا عن هذه الصفقة، حيث شاهدت أحدهم يقول نفس الكلام الذي قاله "متولي" لموظفي كهروميكا، بأن أهم شئ هو الاستثمار في البشر، وهو استثمار يمثِّل خمسة وتسعون بالمئة من نسبة الاستثمار في هذه الشركة، قاصدًا طبعًا شركة "عمر أفندي".

ولكن رحم الله "مصر" مما هو قادم على يد الملاك الجدد، وصدِّقوني أنا كان صعبان عليَّ عمَّال وموظفي "عمر أفندي" الذين أراهم متفائلين نفس تفاؤل موظفي كهروميكا، والذين أراهم كالمستجير من الرمضاء بالنار.

فتوقفت الصفقة بفعل فاعل، وتراجع "متولي" عن إتمامها. وهذا أمر يسعدني؛ حيث أنه وجد ما لا يرضيه أثناء أعمال الفحص النافي للجهالة، وهو فحص قانوني ليضمن للمالك الجديد كل الأمور واضحة. ويبدو أن "متولي" حين قام بهذه العملية، اكتشف ما لم يكن متوقعه، أو ما لم يكن في حسبانه؛ فتراجع عن الصفقة، وبقى "عمر أفندي" يصارع الموت على يد ملاكه الجدد الذين هم بدورهم يعانون الإفلاس، وكانوا يعوِّلون على صفقة "عمر أفندي" لتكون بمثابة قبلة الحياة لشركاتهم. وبتوقف الصفقة التي لم تكن لتفيد "مصر" إلا بالنذر اليسير؛ حيث لن تستفد إلا بقيمة الضرائب التي ستحصلها نتيجة البيع، فهل للدولة المصرية أن تستفيد من درس الصفقة الفاشلة؟ لست أقصد صفقة بيع "عمر أفندي" لـ"القمبيط" فقط، بل من صفقة بيع "عمر أفندي" للشركة العربية للاستثمار، والتي فشلت هي الأخرى. فهل ستعرف "مصر" أن هناك ما يعرقب البيع لشركات خارجية بالسعر الذي يطلبه "القمبيط"، وتحاول أن تدخل بأموال أكثر في الشركة، محاولة إنقاذ "عمر أفندي"؟ مستغلة القروض التي حصل عليها بالفعل "القمبيط" من البنوك المصرية، فتزيد من نسبة مساهمتها في الشركة، وتضخ مال وسيولة في أرصدة الشركة منقذة العمال، وتحيي شركة طالما أسهمت في الاقتصاد المصري؟

ومن المؤكد أن "مصر" تفهم جيدًا أن "القمبيط" بحاجة لمن يعاونه، فسيقبل بعرض مصري جيد، إما أن يتخل عن ملكيته للشركة، وتكون بذلك قد عادت شركة "عمر أفندي" بأقل خسائر ممكنة، أو على أقل تقدير تستطيع الحكومة الذكية تقليص نسب ملكية "القمبيط" في الشركة، بدلاً من أن يدخل شريك آخر- أو مالك آخر- لأعرق الشركات التجارية في "مصر"؛ وبذلك ستكون قد حمت العمالة المصرية التي تعاني على يد "القمبيط" وشركته. وتكفي نفسها شر الأزمات والإضرابات العمالية.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :