حوار أجراه : ايهاب رشدى 
اللواء أحمد عبد الله  ، أحد الأبطال الذين شاركوا فى إنجاز نصر أكتوبر العظيم ، كان وقتئذ أصغر ضباط الكتيبة 5 مشاه ، تقابلت معه الأقباط متحدون ليروى لنا ذكريات مر عليها 43 عاما ولكنها  لازالت محفورة فى ذاكرته بشخصياتها وأماكنها و كأنها قد حدثت بالأمس القريب .
 
يقول اللواء أحمد " شاركت فى حرب أكتوبر وكان عمرى وقنها 20 سنة وكنت ملازم فى سلاح المشاه – بالكتيبة 5 وهى كتيبة لها تاريخ حيث كان الرئيس الراحل عبد الناصر أحد أفرادها عندما كان رائدا بالجيش .
 
يوم 4 أكتوبر ليلا قبل الحرب بيومين تحركت الكتيبة 5 على مسافة 7 كيلو متر من قنال السويس وكنت وقتها ضابط حديث التخرج بينما كان بالكتيبة جنود لهم أكثر من 6 سنوات منذ حرب الاستنزاف وكذلك بعض الضباط القدامى منذ حرب  67 وكان الجميع يريد الحرب والانتقام لنكسة 67 ، ولكن لم تكن هناك أى مؤشرات تدل على قيام حرب ضد العدو ، رغم أننا كنا نسمع عن بعض تحركات الجيش فى إتجاه الجبهة  ، حتى فى يوم 6 أكتوبر يوم المعركة لم نكن نعلم بها إلا عندما بدأت طائراتنا فى العبور وجاءت كلمة البداية " الله أكبر .. تقدم  "
 
وفى خلال ساعة ونصف كنا قد وصلنا إلى المناطق التى سوف نعبر منها ولم نكن نصدق أن هناك أحد قد عبر القناة إلى أن شاهدنا علم مصر مرفوع على الضفة الأخرى , ثم عبرنا فى قوارب مطاطية حتى يتم إنشاء الكبارى وعمل فتحة فى الساتر الترابى باستخدام خراطيم المياه
 
كانت كل سيارة تحمل جزء من كوبرى وتقوم بالقائه فى المياه ثم يتم ربط هذه الأجزاء وتثبيتها على ضفتى القناة من هنا ومن هناك .
 
ثم عبرنا القناة يوم 6 أكتوبر وبالتحديد الساعة 4 عصرا ، بعدما قام اللواء الخامس والسابع بالعبور قبلنا واستولوا على النقاط الأساسية للعدو .
 
استشهد من كتيبتنا 4 ضباط و 120 عسكرى بما يعادل حوالى ثلث الكتيبة . وكان أول شهداء الكتيبة خلال الحرب جندى لازلت أذكر أسمه ويدعى " الشهاوى " و كان أول من إستقبلنى عند دخولى  إلى الكتيبة لأول مرة .
 
قال خبراء أجانب قبل أكتوبر  أن مصر إذا أردات الحرب على إسرائيل لابد أن يكون لديها قنبلتين نوويتين لكى تستطيع هدم الساتر الترابى ولكن الجندى المصرى حقق المعجزة وعبر قناة السويس فى 6 ساعات بطول 134 كيلو متر ، كان الجندى يحمل على كتفيه مدفع حمولته 30 كيلو جرام وهو يتسلق الساتر الترابى بارتفاع 20 مترا .
 
وتابع اللواء أحمد .. فى يوم 9 أكتوبر كنت قائد لفصيلة قوتها 22 فرد وكلفنى قائد السارية باحتلال مكان على جبل يسمى جبل المر على بعد 15 كيلو متر من القنال .
 
وقامت طائرة إسرائيلية برمينا بوابل من القنابل ، استمر قرابة الساعة تم خلالها قذف الحفرة التى كان بها السلاح الخاص بى ولو كنت فى الحفرة وقتها لكنت قد صرت شهيدا .  
 
ظل أهلى طوال 4 شهور بعد الحرب لا يعلمون عنى شيئا حتى كان أول نزولى إليهم فى يوم  5 فبراير عام 1974 .
 
وعن تشكيك البعض فى انتصار الجيش المصرى على مثيله الإسرائيلى فى حرب أكتوبر قال اللواء أحمد من يشك فى هذا النصر ليس لديه الوعى أو العلم الكافى ، وأضاف لقد قمت بالقاء محاضرة فى إيطاليا عن حرب أكتوبر خلال فترة تدريبى هناك وفى نهاية المحاضرة سألت الحاضرين هل لو كانت مصر منهزمة فى هذه الحرب كان من الممكن أن نسترد أرض سيناء بالكامل .
 
وعن اختيار توقيت الساعة الثانية ظهرا لبدء الحرب قال اللواء أحمد إن ذلك جاء بعد دراسات عديدة امتدت لسنوات طويلة قبل الحرب ومن هذه الأسباب أن المد والجذر  كان له تأثير خلال ساعات النهار الباكر والمساء على مياه القنال أما فى هذا الوقت فكانت مياه القنال هادئة وبمحاذاة حافة القناة وهو ما يساعد على العبور ، كما أن الشمس فى ذلك الوقت كانت خلفنا وفى وجه العدو من الضفة الأخرى ، وكذلك لكى يكون أمامنا الليل بطوله لكيما بعدما نعبر نستطيع أن نقاتل العدو فى الظلام .
 
و عن التصوير السينمائى للعبور وحرب أكتوبر قال اللواء أحمد أنه لم يكن هناك أى تصوير خلال الساعات الاولى للحرب وذلك لسرية الأمر ، ولكن ما تم تصويره كان بعد العبور ، وكان أيضاً فى مناطق شهدت تدريب أفراد الجيش قبل الحرب وهى مناطق مشابهة جدا لمناطق القناة
 
وعبر اللواء أحمد فى نهاية كلامه عن أمنيته بأن يتم تكريم جميع أبطال حرب أكتوبر وذلك بأن يتم ذهاب هذه الشخصيات إلى الأماكن التى حاربوا فيها لكى يذكر كل منهم ما حدث  معه على أرض الواقع  .