الأقباط متحدون | قدس يارب فكري
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٧:٥٩ | الخميس ٣٠ ديسمبر ٢٠١٠ | ٢١ كيهك ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٦١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

قدس يارب فكري

الخميس ٣٠ ديسمبر ٢٠١٠ - ٣٥: ٠٩ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: الأب القمص/ أفرايم الأورشليمي

فيما تفكر
 الفكر هو ما يميز الإنسان عن غيره من الكائنات، وترجع أهمية الفكر في أنه يشكل الإنسان ويوجه تصرفاته فما تفكر فيه وتقتنع به، تتصرف طبقًا له، فالأفكار التي تتبناها تحدد اتجاهاتك في الحياة، ومن ثم تصرفاتك التي تتحول إلى عادات تحدد مصيرك وتضبط علاقاتك "كما فكر في نفسه هكذا يكون". إن قراءتنا التي نقرأها وما نسمعه من الآخرين يشكل فكرنا أيضًا وما تؤمن به من قيم ومبادئ في الحياة يبني شخصيتك والإنسان ككائن مفكر يجب أن يوجه ويضبط أفكاره طبقًا لما يؤمن به ولا يجعل فكره يطيش في كل اتجاه "هادمين ظنونًا وكل علو يرتفع نحو الله وموجهين كل فكر إلى طاعة المسيح" 2 كو 5 : 10.

فكر المسيح
 يقدم لنا السيد المسيح مثالاً في تجسده للفكر الإنساني السامي الذي يسعى لخلاص كل أحد.. وقدم لنا أهم وأفضل الدوافع التي تبني الإنسان الروحي، ألا وهو محبة الله من كل القلب والنفس والفكر والقدرة ومحبة القريب كالنفس... وعندما تكون محبة الله هي هدفك، فإن أفكارك تتجه إلى كيف ترضيه وتعرفه "لتكن أقوال فمي وفكر قلب مرضية أمامك يا رب صخرتي" ولهذا جاء الرب يسوع ليقدم لنا صورة حية للإنسان الكامل الذي يحب الله ويقضي الليالي مصليًا ساهرًا، ويطالبنا بالسهر للصلاة، وبناء الفكر وتغذية الروح، ثم بالنهار يتحرك الإنسان ويعمل لصنع الخير، ويسعى لنشر رسالة الملكوت وخلاص كل أحد.
وفي محبته للبشر جاء ليحرر المأسورين ويبشر المساكين، ويشفي منكسري القلوب ويطلب ويخلص ما قد هلك، جاء المخلص يقدم المغفرة للخطاة ويقدم الصفح والحب للأعداء، لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون. جاء السيد المسيح كلمة الله المتجسد، ليقدم لنا مثالاً في التواضع ووداعة القلب "تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" "فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضًا الذي كان في صورة الله لم يحسب خلسةً أن يكون معادلاً لله لكنه أخلى نفسه أخذا صورة عبد صائرًا في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" في2: 5 – 8.
هكذا أيضًا يا عزيزي ليكن لك في المسيح مثالاً في الاتضاع ويكفي التلميذ أن يشبه سيده " فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا في نفوسكم " عب 12 : 3. جاء الرب يسوع المسيح ليرفع أفكارنا للسماء والى الأب السماوي وطلب منا أن نكنز في السماء وليس على الأرض لأنه حيث يكون كنزنا هناك يكون قلبنا وفكرنا.. وكان همه أن يكرز بالتوبة واقتراب ملكوت الله منا ليكون داخل القلب بما فيه من محبه وفرح وسلام وسعادة فاذ يملك الله على قلبك وفكرك يكون الرب هو محبتك، على مثاله تتصرف وتسلك.
إن تلمذتنا للمسيح تُشكل فكرنا وتجعل منا صيادين للناس ليذوقوا مما أطيب الرب. وهو أمين قد وعدنا أن يعطينا حكمة لا يقدر جميع معادينا أن يقاوموها أو يناقضوها.
إن أردت أن يكون لك فكر المسيح القدوس، قدس فكرك بكلمة الله الحية واطلب منه أن يرشدك ويضبط فكرك "قلب الإنسان يفكر في طريقه والرب يهدي خطواته" أم 16 : 9 واقرأ في كلام الإنجيل واحفظه ليحفظك الرب في ساعة التجربة، وتأمل في كلامه ليكون سراجًا لرجليك ونورًا لسبيلك، وكلمة الله قادرة أن تنقيك وتقدسك. لقد جاء عن القديسة مريم العذراء "أما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها، فليكن فكرك وقلبك في الرب وهو يعلمك ويرشدك كل الأيام. تغذية الفكر وضبطه..
 إن ما تغذي به فكرك هو الذي يصنعك ويشكلك، والحواس هي أبواب الفكر فما تراه وتسمعه وتلمسه وتذوقه وتشمه يدخل إلى فكرك. ونحن في عصر المعلومات والسرعة والأخبار والدعاية لا بد أن تضبط حواسك وأن دخل إلى فكرك عن طريقها شيء ضار فلا تفكر فيه أو تتمادى معه ولا تسترجعه لأنه قد يدنس فكرك وعواطفك. وبدلاً من سماع وقراءة ما يضر لنبني أنفسنا على الإيمان الأقدس وتغذيه الروح بكلام الله " فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله "إن القراءة في الكتاب المقدس كنز وغذاء يعرفك إرادة الله نحوك ونحو العالم كله وكيف يتعامل الله مع قديسيه ويجعل لك فكر المسيح القدوس. كما أن قراءة وسماع الكتب والعظات الروحية وآباء الكنيسة تمنحك مادة للتأمل والصلاة. وليس معنى هذا أن ينعزل الإنسان عن مجتمعه أو ثقافة عصره، بل يجب أن نقرأ في مختلف مجالات الحياة من تاريخ وعلم نفس وعلوم مختلفة وفلسفة واقتصاد واجتماع وأدب وقانون، وعلى حسب طاقتنا ووقتنا، وذلك بانتقاء ومعرفة وبتعقل ليكون لنا الإلمام والمعرفة بثقافة عصرنا مما يجعل لشخصيتنا قوتها ولحياتنا عمقها وثرائها. غذي إذن عقلك بأفكار وقراءات صالحة تنقي فكرك وتجعله فكر قوى منضبط بالإرادة الصالحة وأشعل فكرك بعمل ايجابي يحفظه من الطياشة في الأفكار الباطلة التي لا تنفع وجيد أن تحول ما تراه حتى من مشكلات حولك إلى الصلاة إلى الله لكي يتدخل في حياتك وحياة الآخرين وأن يوجه العالم نحو الخير والصلاح.

اضبط لسانك
 فإن كثيرًا من الخطايا يتسبب فيها اللسان. واللسان يعبر عن ما بداخل الإنسان لأنه من فضلة القلب يتكلم اللسان، والإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصالحات "الشجرة تظهر من ثمارها كذلك تفكير الإنسان يظهر من كلامه" سيراخ 27 : 7. إن كثرة الكلام لا تخلو من معصية أما الضابط شفتيه فعاقل. والذي يضبط لسانه رجل كامل قادر أن يحكم الجسد كله فراقب كلامك واضبط لسانك وفكر أكثر من مرة قبل أن تتكلم لتعرف دافع كلامك وليكن كلامك للبنيان لتعطي نعمة للسامع، فالكلمة الحكيمة تبني وهي كتفاحة من ذهب على طبق من فضة متى قيلت في وقتها، اعرف أنه بكلامك تتبرر وبكلامك يحكم عليك.
 إن تحررت من أخطاء الكلام كالكذب والمبالغة والتهكم والإدانة والتباهي والثرثرة وكان كلامك مُملح بنعمة الروح القدوس وإرشاده تكون بركة لنفسك وللسامعين. أبعد إذا عن السلبيات والأهواء وراقب أفكارك وكن سيداً عليها فمالك نفسه خير ممن يحكم مدينة وأنت قادر بالنعمة على طرد كل فكر خاطئ وتقديس فكرك بالصلاة ومحبة الله ومحبة الخير والغير. الفكر المقدس. اخضع فكرك لقيادة الروح القدس واجعل من نفسك إناءً صالحً مرتبطً بإرادة الله وتنفيذ مشيئته غير خاضع لأهوائك، واعلم أن للفكر أعداء تحاربه "ولكني أخاف أنه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح" 2 كو 11 : 3.
اعلم أن كل ما هو صالح فيك هو عطية لك من الله فلا تفتخر بمواهبك أو صلاحك لئلا تسلم للتأديب بتخلي نعمة الله عنك بسبب كبرياء القلب. واعلم إن الله يقاوم المستكبرين أما المتواضعين فيعطيهم نعمة وفي حروبك استند إلى قوة الله لتحررك من سلطان الذات وعنادها. وراقب أفكارك واعرف أين تجول وكلما تقدمت روحيًا تعرف أن تضبط فكرك فلا يطيش يمينًا وشمالاً لا في أفكار المجد الباطل، أو في التزكية الخاطئة للنفس أو المديح أو التسلط أو في أفكار الشهوة والكراهية والإدانة، والق بأفكارك الخاطئة تحت صليب المسيح قائلاً مع المسيح صلبت لأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في.
وكلما تزداد محبة الله في قلبك تصغر محبة العالم في عينيك وتأتيك نعمة الروح القدس للتعزية، وثق أن الرب يراقب جهادك الروحي، ويحارب حروبك ما دمت أمينًا له، وتريد أن تجاهد وتنتصر لحساب ملكوته السماوي. وإذ تريد أن تصلي وتقدس الفكر للمسيح في صلوات نقية ابعد عن التخمة في الأكل والشراب، حتى لا تخمد حرارة روحك، فهذه هي خطية سدوم التي أوجبت الهلاك عليها الكبرياء والشبع بالكل والشرب مما قادهم إلى الزنا والخطية. ولا تدع هموم الحياة تشغلك عن مناجاة الاسم الحلو الذي لربنا يسوع المسيح. درب نفسك على الشعور بحضور الله معك في كل وقت في أثناء العمل والحديث والأكل والنوم واجعل مخافة بين عينيك وفي فكرك وقل لفكرك هل هذا الفكر يوافق عليه الرب، وهل هذا هو فكر المسيح وكل ما تفكر فيه اسأل الرب هل هذا فكر يرضيه وهل هذا العمل يوافق إرادته وفي أي وقت يرد إليك فكر غير مقدس اطرده "قاوموا إبليس فيهرب منكم" يع 4 : 7.
قائدي يسوع فكرى وميولى وإرادتى بين أيديك، قلبى وحياتي ومصيري ومستقبلي. سلمت نفسي يا ربي وديعة عندك، وسفينة حياتي لتقودها بيديك، اسكن في قلبيى أنت يا رب، املأ قلبي صلاحًا وقدني دائمًا للنجاح، كلامك هدايتي. صليبك نجاتي، وفكري ليكن كفكرك وفى محبتك، نور لي عقلي واهد خطاي، واغفر لي ذنوبي وحارب حروبي، فبك أغلب طول الطريق.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :