بقلم: شفيق بطرس
في خلال يوم واحد نسمع ونقرأ عن حوادث تدل على الحقد والتعصب والكراهية ورجوعنا للوراء، وكل شيء يدل على ضياع شخصية المصري الأصيل ابن البد الشهم الذي لا يقبل على بنت الحته وجارته أو حتى الغريبة التي تعبر الحارة أو الشارع الذي يقطنه أن يعاكسها مخلوق أو يضايقها (متنطع ورِزِل) وإلا كنت ستجده طريحاً وحوله كل شباب المنطقه يعلمونه درساً في الأدب والأخلاق، بدون النظر للفتاة أن تكون تريزه بنت عم شنودة ولا هيليين بنت الخواجه كوهين ولا فاطمة بنت الحاج محمود، فيكفيهم أن تكون الفتاة مصرية وتعرضت للمعاكسة والمناغشة من أي متطفل رِخم.
ولكننا نسمع من يخطف فتاة مسيحية متخلفة عقلياً ويفعل فيها ما يشاء، ونسمع من يخطفون سيدة وطبيبة كانت عائدة من عملها الإنساني ويتبادلون عليها الإعتداء ويغتصبونها فى الحقول، ونسمع من يغتصبون فتاة متخلفة أخرى 38 يوماً متواصلة حتى تمكنت المسكينة من الهرب، وها هو من يعاكس ويتحرش بسيدة مسيحية في ملوي والمهم بعد أن تتقدم بشكواها لقسم البوليس لم يحدث أي شيء بالرغم من معرفتها لهذا الشخص وتبليغ الأمن عنه، فلا رادع ولا أي إجراء يؤخذ ضده، فكيف ستشعر هذه السيدة وغيرها بالأمن والأمان في بلدها؟ وكيف سيشعر أي مواطن بالأمان ونحن نرى هذا التسيب وهذه اللامبالاة في الإجراءات الأمنية والتي من المفروض في تللك هذه الحالات أن تكون رادعة وحاسمة.
وتزيد مصائبنا عندما نسمع ونقرأ عن هذا الشاب المسيحي والذي حاول أن يمنع أحد المعروفين بالعربدة وبيع المخدرات فى أن ينشر سمومه بين الناس ويتسبب في خراب عقولهم وبيوتهم، فما كان منه إلا أن طعنه بعدة طعنات قاتلة أدت إلى وفاته ومات شهيداً يدافع عن نظافة منطقته وشارعه من شر السموم والمخدرات، وأظن أن النتائج معروفة من الآن سيتضح أن الفتى الشقي هذا مختل عقلياً وسيخرجون له ألف شهادة من المصحات النفسية والمستشفيات المتخصصة بالأمراض العقلية، وكله جاهز في الأدراج ومختوم بختم النسر فقط سيضيفون الإسم وكله تمام.. وعلى الضحية والقانون والعدل السلام.
راح الضحايا الأقباط واحداً وراء الآخر، أصحاب الأُسر والأولاد من أصحاب محلات المجوهرات والصاغة ومن يعملون معهم، بمدافع رشاشة فى وضح النهار، وإلى الآن لم ولن تظهر أي أدلة ولا أي دلائل للجناة، وأتحسر عل أيام الزمن الجميل, فقد كان جميلاً في كل شيء عاصرنا خلاله أجمل أيام الحب والتسامح وكانت واضحة شخصية المصري الطيب الهادئ وابن الأصول وعرفنا نهضة فكرية واجتماعية وإبداع فكري وفني, وكنا نشعر بأننا قوة مؤثرة في العالم لنا الفعل ورده أيضاً.
كنا نتابع حفلات الست ثومه وعظمة فن عبد الوهاب وعبد الحليم وفريد وفايزه وورده ونجاة الصغيرة, كنا نشاهد أفلام العمالقه المليجي وفريد شوقي وغيرهم، كان الكُل يشترك في فيلم واحد بدون عنجهيه ولا أنانيه الكُل يعشق الفن الصادق بعيداً عن الماديات والمنظرة الكدابة, وفي الكرة كنا نتمتع بحب اللاعب وولائه إلى ناديه ومشجعيه.
وأبيضت الشوارع بجلاليب المتخلجين المصريين وطالت الذقون وتهذبت الشوارب وقصرت جلاليب الأجداد الجميلة وأصبحت تفقد هويتها المصرية وتصل إلى الركبة وكأننا في أفغانستان أو باكستان، وأختفت بنت البلد الشقيه بملايتها اللف وصاحبة الدم الخفيف والجدعنه وظهرت أشباح سوداء مُنقبة لا معنى لها ولا طعم، وأنتشر التقليد الأعمى وأنطمست الشخصية المصرية التي عرفناها منذ آلاف السنين, الشعب مطحون والفقر والحاجة تجعله ينصب ويسرق ويساوم ويرتشي وقتل الوحش كل مظاهر الإبداع الفني والثقافي والعلمي والإقتصادي والسياسي, وحدث الشرخ المهول في الشخصية المصرية وأصبح المصري بدون هوية.
والسؤال.. إلى متى سنظل نغوص في هذا المستنقع المُظلم ونتقهقر وكل الشعوب من حولنا تقفز قفزات جبارة إلى التقدم والحضارة والرفاهية؟
خلّوني أسأل سؤال وأقول... وبعدين؟.. وبعدين؟.. على فين رايحيين يا مصريين؟؟
مش كده ولا أيه.. |