شريف إسماعيل
بشكل واسع وغير مسبوق انتشر أمس على مواقع التواصل الاجتماعي بيان منسوب للأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع السعودي نقلا عن مجموعة من المواقع الإخبارية.. إلا أنه نقل مرات بالكامل من هذه المواقع ومنقول مرات أخرى بصورة زنكوغرافية من البيان المنسوب بغير روابط تؤدي إلى المواقع المقصودة بما ساهم في انتشاره بشكل كبير حيث إن الكثيرين لا يحبون التفاصيل ويتوقفون عند الشكل ويتسرعون بغير وعي إلى نقل ما بلغهم..
لفت نظرنا اندهاش الكثيرين من المثقفين والنشطاء الحريصين على استمرار متانة وقوة العلاقات المصرية السعودية ورغبتهم في البحث عن تفسير عن بيان شديد اللهجة منسوب في وقت حرج جدا لرجل مهم ومعتبر في القيادة السعودية يهاجم كما زعموا مصر والسيسي ! وهنا نتوقف عند البيان ـ الورقة..لنقول ملاحظاتنا السريعة عليه ثم ملاحظات سريعة على الحالة كلها:
-البيان نشر بالكامل في مواقع مجهولة وغير معروفة أو في مواقع "استهبلت" وساقت "الهبل على الشيطنة" ونشرته وهي تعلم أنه ملفق وكاذب !
-البيان ركيك ويفتقر إلى أبسط أصول الكتابة.. لا اللغوية ولا الدبلوماسية وبما يستحيل معه أن يكون لأي مسئول في أي دولة وليس في دولة شقيقة!
-في محاولة لإتقان الكذبة تم نشر الخبر في بعض المواقع إلى موقع منسوب أيضا إلى موقع "عاصفة الحزم" وعند الذهاب إلى الموقع المقصود نكتشف أنه موقع فقير المستوي ولا يليق بإمكانيات كبيرة من المفترض أن توفر له وبما يليق لكي يكون شكلا وموضوعا على المستوي المطلوب فضلا أنه موقع لا يعمل بالشكل الطبيعي وفق آليات المواقع الإخبارية والأهم على الإطلاق أنك ستشاهد تبويبا للموقع يضم أبوابا للمحليات وللمقالات! أي إنه إما كان لجريدة إليكترونية فقيرة غيرت اسمها أو صنع خصيصا للترويج للبيان الكاذب ونسي صاحبه مهمته فوضع التبويب السابق..والأكثر دهشة أيضا الآتي: من المفترض أن الموقع يخص عاصفة الحزم وليس موقعا إخباريا..لكن الموقع المزيف قدم بيان الأمير محمد بعبارة لا ينبغي أن تقدم به في موقع لعاصفة الحزم وهي عبارة "مفاجأة من العيار الثقيل "!!! إذ لا ينبغي أن يندهش موقع العاصفة من بيان صادر منه! إنما هي إرادة الله ليقع الشرير في شر أعماله دون أن يدري!!
الآن..وللأمانة فالموضوع في ذاته ومن هيافته لا يستحق المناقشة..وإنما القصة بكاملها تستحق..فما هي القصة؟ هي الرغبة المحمومة من أكثر من جهة في الإيقاع بين مصر والسعودية وإفساد العلاقة بينهما..الإخوان يعتبرونها مهمتهم الأساسية الآن..حتى إنهم يفبركون ويصنعون مواقع إليكترونية خصيصا لذلك في شغل كبير لكنه شديد الغباء..وهناك غيرهم من يؤمنون أن إفساد العلاقة بين مصر والسعودية يخدم قضايا عربية أخرى وهو بلا جدال خاطئ في التصور تماما !
الآن أيضا: متي يتمكن المواطن العربي العادي ـ العادي ـ من امتلاك معايير صحة الأخبار؟ ومتي يمتلك المواطن العربي العادي -العادي- القدرة على إعمال العقل واكتشاف التزوير والدس سواء في الأخبار أو الشائعات ؟
في مصر الإعلام في غيبوبة وأدخلته وكالات الإعلانات إلى مساحة أخرى من الانشغال ويظل التحذير من حروب الجيل الرابع لا يتوقف عندنا فحسب كتابة هنا وفي مساحات مختلفة مرات ومرات وإنما يبلغ الأمر أن يشكو الرئيس السيسي بنفسه منها..ولم يستقبل رئيس قناة واحد حتى اللحظة ولا إذاعة واحدة من قنوات وإذاعات الدولة الموضوع ويمسك بخيوطه ويناقشه ويبحث له عن خطة للمواجهة!
ولا حول ولا قوة إلا بالله!