الأقباط متحدون - الإصلاح الغائب
  • ١٦:٥٠
  • الاثنين , ٣١ اكتوبر ٢٠١٦
English version

الإصلاح الغائب

مقالات مختارة | محمود مسلم

١٨: ٠٧ ص +03:00 EEST

الاثنين ٣١ اكتوبر ٢٠١٦

محمود مسلم
محمود مسلم

وقائع كثيرة تكررت فى مؤسسات الدولة خلال الفترة الماضية، سواء فى أقسام الشرطة أو سجونها، أو ما يجرى فى تليفزيون الدولة ووكالة أنباء الشرق الأوسط، وغيرها من المؤسسات، تعكس غياب الحوار عن الإصلاح.. وإذا كانت القوات المسلحة تحمَّلت وحدها عبء المسئولية خلال الأعوام الأخيرة، فلن يمكن لدولة تبحث عن البقاء والتثبيت والتنمية أن تستمر مؤسساتها الأخرى خاوية ومرتبكة، يتغول فيها الفساد، وقبله وبعده نقص الكفاءة والوعى، وغياب متعمد للتكنولوجيا الحديثة.

الدولة وهى تسرع لتلحق بالتطورات والتحديات واجب عليها أن تسير فى خط موازٍ مع الإصلاح داخل المؤسسات، فلا يمكن أن تظل الخدمات كما هى.. والرشاوى أسلوب حياة.. والبطء سمة الموظفين.. بينما المواطن يشاهد فى العالم والشركات الخاصة وبعض الهيئات الحكومية القليلة خدمات على مستوى رفيع من الحرفية والسرعة والتسهيل.

يجب على السلطة الانتباه إلى أن الرضا الشعبى يتحقق حينما يتحقق الرضا الوظيفى لحوالى 6 ملايين موظف.. وهذا الرضا لن يتحقق إلا بالمنافسة، وشعورهم بأنهم ماضون فى طريق الإصلاح، خاصة أن المؤسسات هشّة، ومعظمها بلا اختبارات فى القبول أو تأهيل، أو تدريب مستمر، وإذا كان قانون الخدمة المدنية الذى صدر مؤخراً يمثل نقلة نوعية، فالأمر ما زال يحتاج إلى أبعاد كثيرة أخرى.

لماذا لا نُشكل لجاناً فى كل وزارة أو هيئة أو مؤسسة للإصلاح تضم خبرات من خارجها وأخرى من داخلها، وتلتزم بمدة محددة للمناقشات، تخرج بتوصيات قابلة للتنفيذ من خلال خُطتين: الأولى قصيرة المدى، والثانية طويلة المدى، من أجل إعادة بناء مصر على أسس صحيحة، فيستفيد الموظف عندما يشعر بقدرة مؤسسته على المنافسة مع القطاع الخاص، وفى نفس الوقت يستفيد المواطن عندما يتلقى خدمته بسرعة ويُسر دون رشاوى.

لجان الإصلاح ليس دورها ترتيب البيت من داخل المؤسسات فقط، ولكن أيضاً لإعادة تقييم الدور، فكل الوزارات والهيئات قد ترهلت، بينما الدنيا تتغير بسرعة من حولنا من حيث الدور والاقتصاديات والتدريب والتنسيق والتكنولوجيا الجديدة، فخلال السنوات العشر الأخيرة جرى انقلاب فى كل العالم، بينما مصر مؤسساتها ما زالت تعمل بمنطق الستينات، وبالتالى فمصر بحاجة إلى طفرة إدارية تحقق طموحات العاملين، وخاصة الأكفاء منهم، لأن كثيراً منهم شباب منفتح على العالم، يبحث عن أحلامه فى مؤسساته التى كان أغلبها يحتل الصدارة قبل عشرات السنين، كما أنه سيحقق شعبية للنظام لدى المواطنين، أما غياب الإصلاح فيحبط الجميع، ويشغل الناس بأمور تافهة لا تجدى، وبالتالى يجب استثمار طاقات الخبراء الكبار والشباب وأساتذة الجامعات والباحثين فى كل مؤسسة، من خلال لجان متخصصة تقيّم الأوضاع، وتبحث عن التطوير، لتلبية طموحات وأحلام العاملين والمواطنين.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع