رئيس الوزراء الإسرائيلي يزور قبر بيريز ويوجه كلمة لأسرته
محرر الأقباط متحدون
الخميس ٣ نوفمبر ٢٠١٦
محرر الأقباط متحدون
كلمة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو خلال المراسم التأبينية لإحياء ذكرى مرور 30 يوماً على وفاة رئيس الدولة السابق شمعون بيرس ،فضيلة رئيس الدولة رؤوفين ريفلين،
رئيس الكنيست يولي إدلشتاين،رئيسة المحكمة العليا السيدة مريام ناؤور و[زوجها] البروفيسور أرييه ناؤور،قضاة المحكمة العليا الحاليون والسابقون،وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان،وزير الطاقة يوفال شتاينتس أعضاء الكنيست الحاليون والسابقون،الحاخام الأكبر لإسرائيل [دافيد] لاو،رئيس الأركان [الجنرال] غادي أيزنكوت،قائد شرطة لواء أورشليم القدس [الميجر جنرال] يورام هليفي،
السفراء [الأجانب]،أيها الأصدقاء الكثيرون،أفراد الطاقم المخلص للراحل شمعون بيرس الذين رافقوه على مدى جزء كبير من سيرة حياته،وفي الختام- وقبل غيرهم- أعزاؤنا أبناء عائلة بيرس الذين يمرّون بطبيعة الحال بتجربة من الفقدان الذي يزيد أضعافاً مضاعفة على فقدان الشعب بأسره.
كنت أقتاد، خلال فترة خدمتي ضابطاً في جيش الدفاع، أفرادي من الجنود المرؤوسين في رحلات طويلة ضمن تمارين الملاحة البرية في ربوع البلاد حيث كنا نجتاز أراضيها طولاً وعرضاً. وكانت هذه الرحلات تجري بداية في ساعات النهار ثم في الليالي. ولا أزال أذكر رحلة واحدة جرت في أواخر الستينيات حيث دأبتُ على التخطيط لرحلة ملاحة ليلية في قلب النقب بالقرب من بلدة ديمونا. إذ تلقيتُ حينها رسالة من المستويات العسكرية العليا جاء فيها ما يلي: "لا تمرّوا في هذه المنطقة!". وعندها سألت مستفسراً: "ماذا يعني ذلك؟"، حيث كنت أعتاد السماح للوحدة [العسكرية الخاصة التي أدى فيها السيد نتانياهو خدمته العسكرية وهي وحدة الاستطلاع التابعة لرئاسة الأركان العامة] بالوصول إلى أي مكان دون أن يعترضها أي عائق، لكن الإجابة جاءت متكررة: "لا، لن تمروا في هذه المنطقة". ولم أتمكن إلا بعد مرور عدة عقود على تلك الحادثة من دخول ديمونا [قاصداً المفاعل النووي قرب ديمونا] بصورة قانونية وبمقتضى صلاحياتي، حيث اطّلعتُ بصفتي رئيساً للحكومة على كامل أهمية مدينة الأبحاث النووية وهي مشروع هائل ساهم مساهمة رئيسية في ضمان وجودنا وتأمين مستقبلنا.
وكان الراحل شمعون بيرس طيب الله ذكراه قد لعب دوراً مميزاً في إنشاء مدينة الأبحاث النووية في ديمونا. كما أنه كان في فترة سابقة لها، وبصورة متوازية، يجتهد في العديد من المجالات الهامة من أجل تكريس أمن الدولة. ولم يكن شمعون [بيرس] صاحب مقولة "الحاجة أم الاختراع" لكنه جعلها ذات مضمون حقيقي عند إقامة الدولة وخلال الفترة التي تلتها. إذ كان [الراحل بيرس] قد حشد طاقاته منذ شبابه لضمان إنجاز الصفقات العسكرية التي ساعدتنا كثيراً إبان حرب الاستقلال [1948]. كما أنه سعى فيما بعد لدفع الصناعات الأمنية والمشاريع الإستراتيجية الأخرى. ويجب التأكيد على أن هذه الإجراءات ما زالت تنطوي على أهمية بالغة بالنسبة لدولة إسرائيل حتى اليوم وفي الأجيال المقبلة أيضاً.
أرجو الإعلان هنا أن لجنة الطاقة النووية قررت، استجابة لطلبي، أن يحمل مجمَّع الأبحاث النووية في ديمونا اسم "مركز العلوم النووية على اسم شمعون بيرس"، بما يليق بهذا الرجل ذي المقام العالي صاحب الرؤية والقدرات التنفيذية على السواء. غني عن القول إن شمعون [بيرس] كان أيضاً صاحب إسهامات أخرى عديدة في دفع السلام ورسم ملامح الاقتصاد وزيادة وتيرة استقدام المهاجرين اليهود إلى إسرائيل وتشجيع الابتكارات الإسرائيلية، غير أن كل هذه الإسهامات لم تتسنَّ إلا بفضل ضمان قوتنا الأساسية. ويملك شمعون [بيرس] وأستاذه [دافيد] بن غوريون [رئيس الوزراء الأول] حقوق الملكية في مواضيع كثيرة لكنني أولي أهمية خاصة لهذا المشروع [المفاعل النووي في ديمونا]، وعليه يأتي القرار الذي أعلنتُ عنه للتو لائقاً وجديراً بتخليد مساهمة [الراحل بيرس] في ضمان أمن إسرائيل.
وكان شمعون [بيرس] يبرز بيننا بصفته منارة من العلم وحب الاستطلاع. وكانت عيناه تلمعان عندما كان ينسج الأحلام والآمال ويشحن بطارية التفاؤل غير المستهلك الذي كان يتحلى به. إنه ترك لنا وصية كان قد صاغها في فترة شبابه، بمعنى إقامة وإدامة الدولة التي ما كان الآباء يعتبرونها عاراً عليهم والتي لن تخيب آمال أبنائنا في الأجيال من بعدنا. وسنعمل كل ما في وسعنا، أيها شمعون [بيرس] العزيز، من أجل تحقيق هذا الأمر.
أودّ التطرق إلى مسألة شخصية: لقد فكرتُ كثيراً عن شمعون [بيرس] الحبيب خلال الأسابيع التي مضت على رحيله. ولا أزال أذكر المحادثات العميقة ونقاط الخلاف والتوافق بيننا. وأذكر المقولات الحادة وأحياناً المضحكة حتى البكاء التي كان شمعون [بيرس] يطلقها بلكنته الفريدة من نوعها. مَن يعجز بين الحضور هنا عن محاكاة شمعون بهذه اللكنة؟ ها أنني أعترف لكم بأنني كنت أرتكب أحياناً هذه "الخطيئة" لكنها جاءت تقديراً وحباً عميقاً له كونه جزءاً لا يتجزأ من نسيج حياتنا وحياة دولة إسرائيل. وأكرر هنا ما قلته في مستهل جلسة مجلس الوزراء بُعيد وفاته حيث قلت: "إنه أول يوم تمرّ به دولة إسرائيل بغياب شمعون بيرس"، وها نحن الآن بعد مرور 30 يوماً على دولة إسرائيل بغياب شمعون بيرس.
وقد أخبرتني يونا بارتال إحدى مساعِدات شمعون [بيرس] الأشد إخلاصاً وولاء له بأن شمعون قال لها ذات يوم إنه يحسّ بأن العلاقة القريبة بيننا [أي بين الراحل بيرس ورئيس الوزراء] قد نشأت متأخرةً، ما يعني أننا أضَعْنا السنوات الكثيرة التي كان كل منا يتشبث خلالها بمواقفه خلف متاريس الجهة السياسية التي كان ينتسب إليها. وأشعر شخصياً بأن هذا القول كان صحيحاً. لقد توطّدت العلاقة بيننا كثيراً خلال السنوات الأخيرة، وعليه فإن الشعور بالفقدان الذي أعبر عنه لا يأتي من باب الشعور الوطني فحسب بل يكون- أولاً- شعوراً شخصياً. وأعلم بأن هذا الأمر ينطبق على جميع الحضور هنا وعلى كثير من غيرهم.
كانت زوجتي سارة قد قالت لي قبل ساعات من رحيل شمعون [بيرس] إنه يذكّرها إلى حد كبير بوالدها الراحل شموئيل بن أرتسي. كما ارتبطت صورة شمعون [بيرس] عند بذكرى والدي الراحل البروفيسور بن تصيون نتانياهو. وبالتالي أرجو أن أقرأ عليكم نسخة تسلمتها أمس من وزارة الدفاع لرسالة كان والدي قد أرسلها إلى شمعون [بيرس] بعد يوميْن من سقوط شقيقي [الأكبر يوني نتانياهو] في عنتيبي [أي خلال عملية تحرير الرهائن الإسرائيليين المخطوفين في أوغندا عام 1976 حيث كان الراحل بيرس آنذاك وزيراً للدفاع]. ها هو نص الرسالة:
"السيد بيرس العزيز، على الرغم من أن عمق الألم الذي لا يزال ينتابني يعجّزني عن صياغة المفردات المناسبة للتعبير عن حقيقة مشاعري وأفكاري في هذه الساعة، فإنني لا أستطيع أن أؤجل ولو بيوم آخر موعد الإفصاح عن مدى تقديري وامتناني العميق لك على كلمتك التأبينية العظيمة التي ألقيتها في جنازة يوني [نتانياهو]. إذ كانت كلمتك تنمّ عن تسامي الروح التي كان أعظم قادتنا يتحلّون بها دوماً. وقد استخلصتَ في كلمتك هذه مشاعر الشعب برمته ومشاعر دعاة الحرية في العالم. كما أنك أشدتَ خلالها ببطولة جيشنا الذي ليس له ما يضاهيه في جيوش الشعوب الأخرى وصوَّرتَ بخطوط بارزة وضخمة صورة حبيبنا يوني الرائعة وغير القابلة للنسيان الذي أصبح الآن حبيب الشعب بأسره. إنك وضعتَ في كلمتك الشاهد والعنوان [على قبر يوني نتانياهو] لتبقى هذه الكلمة مسموعة إلى الأبد لصالح أبنائنا وأبطالهم في الأجيال المقبلة. أرجو أن تتقبل مشاعر إعجابي العميقة".
أيها العزيز شمعون [بيرس]، أرجو أن تتقبل بمناسبة حلول ذكرى الأيام الـ30 لرحيلك عنا مشاعر الإعجاب العميقة من الشعب بأكمله. طيّب الله ذكراك.