بقلم : أكرم هارون

حقيقة وحدث:
تشير عقارب الساعة الي الثانية عشر والثلث اول دقائق العام الجديد 2011 – تفجير يهز منطقة سيدي بشر بالاسكندرية مستهدفا كنيسة القديسين  امام مدخلها، اجساد المصلين تتطاير الي الاعلي قرابة عدة امتار وتكسو واجهة الكنيسة بالدماء واشلاء الجثث تتناثر في محيط الكنيسة ، يخرج عديد من المصلين من الكنيسة واخرين يخرجون من المنازل وكثيرين يأتون لمنطقة الفاجعة وللدقائق الاولي يحدث ذهول وعدم تصديق لما حدث وتعجز الالسنة عن النطق ببنت شفة ، يفوق المسيحين علي هتافات وصيحات تتعالي بقرب الحادث – الله اكبر ولا اله الا الله ، الله اكبر – ، هذه الصيحات تتعالي والاجساد علي الارض والمصابين كثيرين والدماء الساخنة تروي الارض فينجرف بعض الشباب المسيحي مستفيقا علي صيحات التكبير ليلتقط الطوب ويرشق المسجد المغلق المواجه للكنيسة ، الامور تتصاعد فيبادلهم بعض الشباب المسلم التراشق بالحجارة  في مكان الحادث وعلي الكنيسة ويجري بعضهم في محاولة الوصول للدخول للجامع لتشغيل الميكروفون للاستغاثة وطلب المدد والنجدة ضد بعض الشباب القبطي الثائر – نفس ماحدث في احداث فتنة الاسكندرية في نفس المكان وامام ذات الكنيسة والجامع مع فارق عدد القتلي مما ادي لاندفاع عديد من المسلمين بالهروات والاشتباك مع المسيحين في معركة عنيفة – الشرطة تصل في الوقت المناسب وتفصل الكهرباء عن الجامع لمنع ما حدث سابقا .
 
 كذب وتهديد :
وتصدر البيانات الرسمية للدولة واعلامها الموجه مكتوبا ومسموعا ومرئيا لتاكيد نظرية المؤامرة ، تلك النظرية المسيطرة علي المجتمع المصري والشماعة المعدة للفشل الذريع فتؤكد ان الحادث ارهابي ضد المصريين واستهدف الجامع والكنيسة معا لايقاع القتل بالمسلمين والمسيحين ، بل ان جريدة الاهرام لم تجد حرجا في ان تعلي في مانشيت رئيسي لها يوم 2 يناير :  سقوط 21 شهيدا مسيحيا ومسلما !!!!!، سلسلة من الاكاذيب والخداع الممنهج من الخطاب الرسمي للدولة لمحاولة اقناع الاقباط والشعب المصري كله ودول العالم ومنظماتها الدولية ان الحادث ليس له جذور طائفية وانما حادثا ارهابيا استهدف الجامع "المغلق" وليس به احد والكنيسة المفتوحة وبها الف من المصلين – منتهي الاستخفاف بعقلية الشعب وعقلية شعوب العالم .
وتبدأ الاتهامات تكال من الاعلام الموجه والخطاب الرسمي للدولة للقوي الخارجية وان من فعل هذا الحادث لا يمكن ان يكون مسلما – طيب ياحكومة بلدنا لايوجد بها سوي مسلمين ومسيحين ، ان كان من فعلها ليس مسلما ، فهل هو مسيحيا ؟!!! وان كان من فعلها ليس بمصريا وانما اجنبيا ، فلماذا اختار الاسكندرية بالذات في هذا التوقيت وهذه الكنيسة تحديدا لفعلته ؟  اريد اجابة وليس لغة وحوار الطرشان الذي تتميزون فيه ؟ اليست الاسكندرية من شهدت تسخينا للاحداث والمظاهرات المليئة بالتهديدات بالقتل العلانية للمسيحين منذ شهور وحتي يوم الجمعة 31 ديسمبر ، اليست الاسكندرية هي البلد التي امتلات بها منشورات توزع علي المسلمين قبل الحادث البشع تحثهم علي عدم جواز تهنئة المسيحين باعياد الكريسماس – اليست الاسكندرية هي من  ضجت بها المظاهرات  منذ اغسطس الماضي علي خلفية موضوع كاميليا شحاتة وامتلات باقذع الوان السباب والشتيمة والاهانات للكنيسة والمسيحين والبابا شنودة والتهديد بالقتل وقادها تيارات سلفية متشدة تنتمي للاخوان ومريدي شيوخ الاسلام المنتمين للتيار الوهابي وهم ليل نهار يسبون النصاري ويدعون عليهم باليتم لاطفالهم والدمار لممتلكاتهم  ويبثون كل الوان الكراهية في نفوس وعقول من يسمعهم من المسلمين ضد المسيحين والمثير للدهشة ان جميع هؤلاء تباروا في ادانة حادث الاسكندرية !!!!!!!! هو في ايه بنتعامل مع شخصيات منفصمة في الشخصية  ام تم التوجيه لهم بفعل ذلك ، لا يمكن ولايقبله عقل ان تقوم ببث كل الوان وصنوف الكراهية في نفس من يصغي اليك تجاه طائفة معينة وبعد ذلك تسارع للتنصل وتبرئة نفسك من مسئولية قتل هؤلاء الناس .
 
الوتر المفقود:
وفي عزف الخطاب الرسمي للدولة لحن النشاز الحالي لايجد غضاضة الدكتور مفيد شهاب ان يصرح في لجان البرلمان بتصريح مفاده ان بعض شباب الاقباط المتطرفين عندما وقع التفجير امام الكنيسة  قاموا برشق الجامع المواجه للكنيسة بالحجارة رغم ان الحادث ارهابي خارجي !!!!!!!!!!!!! وبالطبع لم يذكر سيادته شيئا عن ماسبق الحادث من احداث و سقط من ذاكرته صيحات التكبير ابتهاجا بالحادث التي انطلقت من حناجر بعض شباب المسلمين بعد وقوع الحادث مباشرة والاجساد وماتبقي منها تسيل منها ينابيع الدم ، يبدو انه تعامل مع الامر بصورة شخصية حيث سمع صيحات وهتافات رفض التعازي منه ومن الحكومة من شباب الاقباط اثناء جنازة الشهداء بدير مارمينا لان المسيحين بالكامل في مصر وعقلاء المسلمين المتحدثين - وليس الصامتين  العاطفيين- حملوا الحكومة مسئولية الحادث ورفضوا شكلا وموضوعا اللحن النشازي الحكومي .
 
ويصدر بيان المجمع الملي السكندري ليؤكد ان ( الحادث يمثل تصعيدا خطيرا للاحداث الطائفية الممارسة ضد اقباط مصر ) بعيدا عن اللحن الحكومي ، وعندما طلب منصور عامر النائب بمجلس الشعب وضع اقتراحا بعمل برامج تليفزيونية تضم مشايخ وقساوسة لتأكيد الترابط الوطني( بغض النظر عن فائدة هذه البرامج التي تنتهي بتوبيس اللحي ) - انبري السيد رئيس مجلس الشعب لمهاجمة هذا الاقتراح قائلا ان الحادث ليس طائفيا موجها ضد المسيحين وانما ارهابيا استهدف المسلمين والمسيحين ، فتذكرت حديثه للبي بي سي العام الماضي والذي قال فيه تعليقا علي مذبحة نجع حمادي لشهداء ليلة الميلاد ان هذه الاحداث كانت نتيجة للاعتداء علي فتاة فرشوط المسلمة وانها احداث فردية ولا علاقة لها بالطائفية !!!!!! بل انه زايد علي ذلك بان الفتاة ماتت وهي حية ترزق ، هكذا تكون اساتذة القانون .
 
يأس وانتفاضة :
كنت قاربت الوصول الي القرف العام من حوار الطرشان الذي تقوده الدولة وتعززه ازاء كارثة الاسكندرية وفكرت جديا في اتخاذ قرار ان اغلق الفيس بوك والانترنت تحت شعار مفيش فايدة - شيئان بعد تفكير اثناني عن ذلك : الاول هو ان تمثيلية الدولة ازاء لصق تهمة حادث الاسكندرية بقوي الخارج دون عوامل الشحن الطائفي الداخلية الرهيبة لم تنطلي علي جميع المسيحين ولا علي عقلاء المسلمين ولا اغلبيتهم ولا علي دول العالم ومنظماته جميعها فباتت الدولة تعزف حتي الان لحنا نشازا مع نفسها واعلامها بعيدا عن باقي المنظومة حيث ان  جميع وكالات الانباء العالمية والصحف العالمية والقيادات السياسية والحكومية لدول العالم خرجت بتصريحاتها التي اجمعت علي ان الحادث طائفيا متعمدا ضد المسيحين في مصر وانه تكملة لمسلسل من التمييز والاحداث التي يعاني منها اقباط مصر . الثاني : فان صمتنا تجاه هذا الاتجاه الذي تقوده الحكومة وصمت غيرنا نكون قد تركنا ترسيخ معلومات مغلوطة وحقائق تم استبدالها باكاذيب – فلابد ان نتكلم ولن نصمت .........
 
وللحديث بقية ان ارتضي السادة المتعصبون .........